عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Nov-2021

حكومة «وحدة فلسطينية» بمبادرة «أميركية».. أَتُصدِّقون؟*محمد خروب

 الراي 

مثل هذه الأخبار الطازجة, المُفاجئة والمثيرة للريبة والشكوك والكثير من الأسئلة والتساؤلات, إنْ في مضمونها أم في التّوقيت الذي يختاره مسرّبوها لِبثّ ما هو جديد ومُلتبس لديهم.. تأتينا بالطبع وحصرياً من مصادر إسرائيلية.
 
إذ قالت القناة «i24» الصهيونية نقلاً عن مصادر وصفَتها «مُطّلعة», أنّ الإدارة الأميركية «تُجهّز» مبادرة لإقامة حكومة «وحدة فلسطينية»، يأمل الأميركيون أنْ تساهم حكومة مرتقبة كهذه بإنهاء الانقسام بين حركتيّ فتح وحماس.
 
وإذ تمضي القناة في سرديتها كاشفةً أنّ «المبادرة» الأميركية تستند, على تشكيل حكومة تضمّ وزراء وممثلين عن حركتي حماس وفتح إضافة إلى «مُختصّين» بجوانب عديدة (..) ولا ينتمون لأيّ تيار سياسيّ.. فإنّ اللافت في كل هذه التسريبات المُسربلة بالغموض والمحمولة على تفسيرات شتّى, هو «أنّ الإدارة الأميركية -وفق القناة الصهيونية- تسعى إلى إخراج السلطة الفلسطينية من أزمتها الاقتصادية, وخلْق حالة من الهدوء من خلال تشكيل حكومة كهذه. كذلك سعي الإدارة الأميركية للتوصّل إلى تهدئة على كلتا «الجبهتيْن» غزّة والضفة الغربية أمام إسرائيل».
 
وبصرف النّظر عن حقيقة الاستطراد الذي حرصت القناة ذاتها على لفت النّظر إليه, وهو أنّ حكومة بينيت لم تُحدّد موقفها من المبادرة.. بعْد، فإنّ ثمّة ما يدعو للتوقف والتساؤل ليس فقط ما إذا كان تسريب كهذا يستند إلى وقائع ومعطيات صحيحة، ناهيك عن أنّ مُجرد وصفها «مُبادرة» وكشف الأهداف التي تروم إدارة بايدن تحقيقها من ورائها، يدفع للاعتقاد أنّ إدارة بايدن إنّما تُسهم في تكريس نهج وفلسفة وسياسة «تقليص الصراع» الذي يتبنّاه نفتالي بينيت, وتدير واشنطن ظهرها لما دأبت قوله حتّى الآن, وهو «اعتبار حلّ الدولتين» الطريق الأفضل لأمن إسرائيل ومستقبلها كدولة «يهودية ديمقراطية»، رغم تأكيد بايدن نفسه وفي أول خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة أنّ تطبيق حلّ الدولتين... «بعيد جداً».
 
زد على ذلك - ودائماً استناداً على ما تبثّه القناة الصهيونية- أن «مبادرة» كهذه، شطبت كلّ الاشتراطات وتجاوزتْ كلّ الخطوط الحمر التي دأبت واشنطن كما الاتّحاد الأوروبي وخصوصاً الرباعية الدولية وتحديداً سلطة الحكم الذاتي في رام الله، بضرورة التزام حركة حماس واعترافها بقرارات الشّرعية الدولية وما وقّعتْ عليه سلطة رام الله.. فهل هذه إشارة بأنّ «واشنطن» لم تَعُد ترى في حركة حماس حركة «إرهابية»، إضافة بالطبع إلى تجاهل المبادرة العتيدة, تداعيات الانقسام الرّاهن ومَن سيدير قطاع غزّة؟ ولمَن ستكون مرجعية حكومة الوحدة هذه؟ أهو رئيس السلطة، خاصّة في ظلّ عدم وجود سلطة تشريعية وانتهاء فترة عباس الرئاسية منذ سنوات طويلة، كذلك مصير الاستحقاق الانتخابي لتجديد شرعية السلطة ومجلسها التشريعي, وأسئلة كثيرة تتناسل تباعاً دون أن تجدَ لها أجوبة أو مجرّد إشارات إلى أنّها ستؤخذ في الاعتبار لاحقاً.
 
ليس ثمّة حاجة لتفكيك بنود المبادرة المزعومة, لأنّ هدفها واضح وهو تحقيق «الهدوء» وإراحة إسرائيل ودائماً الإبقاء على السلطة الفلسطينية عبر إخراجها من أزمتها الاقتصادية. أي استمرار وإصرار اميركي على لعبة شراء الوقت, فيما تواصل حكومة بينيت توسيع وتعميق الاستيطان والتهويد والأَسرَلة أفقياً وعمودياً, دونما خشية أو إيلاء أهمية للتصريحات التي تُوصَف بالغاضبة الصادرة عن واشنطن والمُنتقِدة النشاط الاستيطاني اليهودي.
 
في المجمل.. ثمّة ردّ فعل لافت ومثير للانتباه (حتّى لا نقول السُخرية) صدَر عن أحد وزراء حكومة السلطة تعقيباً على خبر المبادرة الأميركية، إذ قال: لن نتجاوب مع أيّ مبادرة أميركية ما لم يكن هناك أيّ قرار بشأن فتح القنصلية».. مستطرداً في غضبٍ تفوح منه رائحة التهديد: أنّه لطالما أن الحديث عن مواضيع «داخلية», فإنّ السلطة الفلسطينية «لن» تقبل أيّ إملاءات أميركية.
 
فـَ«تأمّلوا».