الغد- كتبت في صحیفة الغد الغراء عدة مقالات منذ سنوات، وھا أنا أعود إلیھا من جدید، وإن كنت لم
أغادرھا یوما واحدا، أقرأ عناوینھا ومضامینھا الإخباریة والتحلیلیة ومقالات كتابھا، وأعیش أجواءھا الرحبة من حریة مسؤولة، ومھنیة عالیة، ونكھة خاصة بھا تمتزج مع رائحة فنجان قھوة الصباح.
ما أسھل أن تقرأ، وما أصعب أن تكتب وسط ھذا الغموض الذي یلف القضایا كلھا، رغم كثرة ما
یقال عنھا، وما یخاض فیھا من أحادیث، وانطباعات وتصورات وانفعالات، فكأن الكاتب یحدق عبر الضباب أو الغبار كي یجد طریقھ إلى المقال، كابحا جماح السھل كي یحترم عقل القارئ، ویحمل مسؤولیة كلمة یقولھا، أو فكرة یدافع عنھا!
بین خیار القول وخیار الصمت یقرر الكاتب أن یكتب أو لا یكتب، وأسوأ ما یفعلھ ھو أن یكتب الصمت لیحتل مساحة من الصحیفة بلا قیمة أو وزن، وذلك ھو الاختبار الحقیقي الذي یعیشھ الكاتب في مقالھ الأسبوعي أو الیومي، تزاحم الأفكار رأسھ، وتثیر أعصابھ قبل أن ینظم أفكاره، ویستخدم مفرداتھ، ویصیغ كلماتھ، ویصل إلى غایاتھ التي یكشفھا القارئ ویحكم علیھا إن كانت تعنیھ أو تعني الكاتب وحده!
غالبا ما ركزت في الكتابة على قضایا أعرفھا وأؤمن بھا، منھا منطلقات للتفكیر حول التخطیط والإدارة الاستراتیجیة، وحوكمة المؤسسات العامة والخاصة، ومنھا شؤون التعلیم العام والتعلیم العالي، وغیرھا مما أعتقد أنھ أساس عملیات الإصلاح والتغییر والتطویر، وقاعدة الصرح الذي نبني علیھ مستقبل بلدنا، ومستقبل أجیالھ القادمة، آخذین في الاعتبار رصید تجربتنا وخبرتنا الوطنیة، منفتحین على التجارب العالمیة المثلى، مدركین لمصالح بلدنا العلیا، قادرین على تحدید عناصر القوة كي نزید علیھا، وعناصر الضعف كي نعالجھا، مستعدین لمواجھة التحدیات والمخاطر، وتحویلھا إلى فرص نسعى إلیھا بالفھم والوعي والتخطیط الإستراتیجي، والعزیمة والثقة بالنفس، والاعتماد على الذات.
أنا فخور جدا ببلدي الأردن، وإیماني عمیق بتاریخھ وموقفھ وصموده، وأعرف أن كل من یعیش فیھ یحبھ مثلما یحب الأطفال أمھاتھم وآباءھم، حتى وإن قسوا علیھم، فلا المزایدة من طبعي، ولا الیأس من طبیعتي، وعلى ذلك أقول كلمتي لا تضر إن لم تنفع، وشكرا للغد أن استقبلتني من جدید.