عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-May-2020

التل: “كورونا” جعلني أستعيد طفولتي مع حفيدتي

 

عزيزة علي
 
عمان - الغد-  العديد من التحديات والأسئلة وضعتها أزمة فيروس كورونا أمام الكاتبة والقاصة والخبيرة المختصة بالبحوث والدراسات النسوية وحقوق الإنسان سهير سلطي التل؛ إذ كان منها ما هو مرتبط بالطابع اليومي المعاش وأسئلة كبرى مطروحة باستمرار، عما يحمله هذا الوباء.
تقول التل من هذه الأسئلة اليومية والمعيشية، كانت عندها الأولوية في كيفية تأمين احتياجات الأسرة مع الحفاظ على حماية صحة والدتها كبيرة السن، فهي كما تبين “المعرضة أكثر من أي فرد لخطر تأثير الفيروس، فكان هوس التعقيم والحفاظ على نظافة كل ما يدخل المنزل من أشياء وكانت الصعوبة في الحفاظ على الحجر المنزلي بمنع الدخول والخروج”.
وتضيف “بالنسبة لي اعتدت البقاء في المنزل ولم أطرح سؤال التواصل لأنني بالأصل أتواصل مع العالم الخارجي إلكترونياً في الغالب”. واجهت التل مشكلة مع حفيدتها التي اعتادت على الخروج واللعب، وقد حرمها كورونا من الذهاب إلى مدرستها ولقاء أقرانها.
لم يكن أمام التل غير أن تقوم بتوفير وسائل لتسلية هذه الطفلة؛ حيث عاشت التل تحدياً كبيراً من أجل توفير وسائل التسلية لها، موضحة “هذا الوضع جعلني أستعيد ما تيسر من ألعاب الطفولة التي كنت أمارسها في طفولتي، وأيضاً ما تيسر من ألعاب هذا العصر التي تناسب الطفلة”.
وتقول التل التي عاشت أجمل الأوقات مع الحفيدة في الحظر فكانت تتنافس معها في لعبة (الزقيطة)، كذلك “استبدلت حصوات الحارة الصغيرة في زمني بما تيسر من مكعبات وطابات نرميها بالهواء لمسافة صغيرة ثم نلتقطها، ومن يلتقط أكثر يفوز وطبعاً كانت حفيدتي تفوز لضمان السلم الأهلي”.
أما التحدي الذي واجهته التل مع الحفيدة فكان تحدي القصص، فبعد أن استهلكت كل القصص المتوفرة والمعروفة مثل قصة “سندريلا”، والأميرة النائمة “مملة”، كان على التل وهي قاصة ماهرة أن تبتكر قصصاً جديدة، فالحفيدة تعرف أن الجدة كاتبة لذلك مارست دور الناقد لما اخترعت لها من حكايات، استلهمتها مما سبق وقرأته.
تقول التل “حدثتها عن فلسطين والنهر والولد الذي قاوم بالحجر، وبالنهاية فاز الولد الفلسطيني الذي قاوم بالحجر وصار رفيق نعاسها”.
وتشير التل إلى النوع الثاني من المواجهة مع الأسئلة الكبرى، وعلى الأخص أسئلة الموت والحياة والحرية.. الإشكالية الكبرى، فالحرية تطرح إشكالياتها وأسئلتها يومياً من قبل كورونا وستطرح أكثر بعدها، موضحة “الإشكالية هي قبول وجود شكل جديد من أشكال حجر الحرية التوافقي، لا بل الغضب ممن يمارس رفض هذا الحجر بالخروج من المنزل”.
والسؤال إلى أي مدى سنتقبل أشكالا جديدة من حجز الحرية؟ وهل ستدفعنا الأشكال الجديدة التي سيفرضها الفيروس أو من يستثمرونه إلى القبول الخانع أم أنها ستدفعنا إلى ابتكار أشكال مقاومة ربما تكون أكثر جذرية وشمولية؟!
وعن سؤال الحرية والموت والحياة، ترى التل أن الحكم يرتبط بما بعد كورونا؛ أي عالم سنعيش به؟ وما هي تحدياته الجديدة، وربما غير المألوفة؟ إشكالية الفيروس كما هي إشكالية الطبيعة ليس بذاتها، بل بمن يسيطر عليها ويستثمرها ويتحكم بها، لافتة إلى بعض المعطيات المرئية حالياً وهي أننا سنعيش في عالم جديد كلياً، عالم تسيطر عليه قلة من أصحاب الشركات الكبرى.
وتقول التل إن ملامح الانهيارات الاقتصادية بدأت تلوح؛ فقدان وظائف ومؤسسات صغيرة ومتوسطة، اتكاء واسع على التكنولوجيا على حساب قوة العمل البشري، الشركات الكبرى المسيطرة ستزداد قوة ومعها سيزداد الفقر ومع الفقر ستتولد أشكال جديدة لأزمة الحرية.
وترى التل أن العالم بعد كورونا سيكون بحاجة إلى لقمة الخبز والدواء وتوفير الطعام هو الشرط القاهر، مبينة أن الفقر والجهل والمرض هي “أعتى تقنيات السيطرة على البشر، وهذا سيكون متاحاً لقوى رأس المال العالمي ووكلائها في العالم”.
وتتابع “عالم سيكون مرعباً بعد فيروس كورونا فعندما يكون الموت ماثلاً بشكل آني يرافقه الفقر بما ينضوي عليه من أشكال العجز، العجز عن تلقي العلاج وتأمين قوت اليوم، وبالتالي العجز عن المعرفة، سيكون الرعب هو المسيطر”.
وختمت التل بقولها “في زمن كورونا استعدت بعضاً من طفولتي مع حفيدتي ولكنني أخاف على مستقبلها في عالم قادم مرعب”.
سهير سلطي التل هي كاتبة أردنية صدر لها العديد من المؤلفات القصصية والمسرحية ولدت في إربد العام 1952، وهي خبيرة مختصة بالبحوث والدراسات النسوية وحقوق الإنسان، حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في حقل المعلومات الاجتماعية “دراسات عن المرأة”، من وزارة الثقافة في العام 2002 عن دراستها: “مدينة الورد والحجر: دراسة في بعض أنماط الجريمة المتعلقة بالجنس في المجتمع الأردني”.
حصلت على شهادة البكالوريوس في الصحافة ثم شهادة الماجستير في الفلسفة من الجامعة الأردنية العام 1995، ثم شهادة الدكتوراه في التخصص نفسه من جامعة اليسوعية بلبنان العام 2004.
صدر لها في الفكر كتاب بعنوان “حركة القوميين وانعطافاتها الفكرية”، “تاريخ الحركة النسائية بالأردن 2008-1944″، وفي مجال الدراسات صدر لها “مقدمات حول قضية المرأة”، “المرأة العربية والمشاركة السياسية”، “مدينة الورد والحجر”، وفي مجال القصة القصيرة صدر لها “العيد يأتي سراً”، “المشنقة”، “نص الحياة وقصص”.