عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2020

الرهان الإيراني سيشعل المنطقة - بقلم: يعقوب نيجل ويونتان شنزر

 

إسرائيل هيوم
 
يُفهم من سلسلة التقارير أن إسرائيل تواصل الهجوم بل ومؤخرا بقوة مضاعفة، على قوات إيرانية وبنى تحتية في سورية. وتصف وسائل الاعلام بتوسع هذه الهجمات كتواصل للحرب ما بين الحروب، الحملة التي تسحق فيها إسرائيل القدرات المتطورة لأعدائها كي تكون جاهزة على نحو افضل عند نشوب الصراع المسلح التالي.
في مقابلة مع رئيس الاركان الفريق غادي آيزنكوت في كانون الاول (ديسمبر) 2018، قبل اعتزاله، اعترف بان اسرائيل هاجمة في اثناء ولايته آلاف الاهداف في سورية ودمرتها، بينما لم تأخذ المسؤولية الا في حالات قليلة. وكان التركيز حتى وقت أخير مضى بالاساس على مسألة متى وأين هاجمت اسرائيل وليس ما الذي دمر. هذه الحقيقة تبدأ بالتغير مؤخرا.
ليس صعبا بالطبع تحديد مكان الهجمات: غالبيتها الساحقة في سورية، الدولة التي توجد في وضع من الفوضى بعد سنوات من الحرب الاهلية، وهي عرضة الآن لازمة الكورونا أيضا. تواصل ايران استغلال الفوضى وتنشر القوات والسلاح في الدولة، في محاولة للاستعداد لمواجهة مع إسرائيل. ويتضمن الأمر قوات عسكرية وميليشيا شيعية، ولكن ايضا وسائل قتالية متطورة وفتاكة.
وفقا للتحليل الذي أجرته هيئة الاركان برئاسة الفريق أفيف كوخافي قبيل تفعيل الخطة الخماسية “تنوفا” (قبل أزمة الكورونا)، فان القلق الاعلى للجيش الاسرائيلي، الثاني فقط لتهديد النووي الايراني، الذي يبدو هو ايضا تلقى ضربات قاسية في الوقت الاخير، هو معالجة الاعمال الايرانية لادخال قدرات صاروخية موجهة دقيقة للساحة الشمالية وفي المستقبل على ما يبدو الجنوبية ايضا.
لقد بدأ برنامج الصواريخ الايراني في اثناء الحرب الايرانية – العراقية (1980 – 1988)، عندما كانت القوات الايرانية ومواطنو الدولة عرضة للصواريخ العراقية بشكل مستمر. وبحثا عن قدرات مشابهة قاد من كان في حينه الناطق بلسان المجلس رفسنجاني الجهود للحصول على صواريخ من ليبيا، من سورية ومن كوريا الشمالية.
في العام 1985 اشترت ايران صواريخ “اسكاد بي” الاول لها من ليبيا. ومنذئذ طورت قدرات اضافية بمعونة الصين، روسيا، كوريا الشمالية والباكستان. لعبت الصين وروسيا دورا مركزيا في المساعدة للحصول على محركات الصواريخ (السائلة والصلبة)، بينما زودت كوريا الشمالية ايران بصواريخ باليستية كاملة مثل عائلة نو دونغ.
عندما جمعت ايران ما يكفي من القدرة في التكنولوجيا وفي الانتاج، بدأت تصدر المعرفة، قطع الغيار بل واحيانا الصواريخ نفسها لحلفائها في الشرق الاوسط. وقد سلحت بالاساس حماس وحزب الله بجملة من الصواريخ ذات القدرات المتنوعة، ولكن ليس بعد بالصواريخ الدقيقة. وكان الهدف هو اغراق اسرائيل بموجات من الصواريخ تشل حركتها، ولكن اسرائيل طورت بالتوازي دفاعا فاعلا عطل جزءا كبيرا من التهديد.
وللاحباط الذي شعروا به جراء التكنولوجيا الاسرائيلية بدأ الايرانيون بتصدير سلاح موجه دقيق ايضا في العام 2013، انطلاقا من التفكير بانه سيكون لهذا السلاح قدرات للتغلب على بعض من منظومات الدفاع القائمة في اسرائيل. ويدور الحديث عن سلاح ذي قدرة الاصابة بدقة نحو عشرة امتار عن الهدف المخصص، وهذه دقة فتاكة تمثل ما تسميه اسرائيل بسلاح “محطم للتعادل”، والذي تعتزم منعه عن حزب الله بكل ثمن.
لقد فهم زعماء ايران في حينه القدرة التي يوفرها السلاح الدقيق ولا سيما حقيقة أنه يعطي قدرة تشبه التفوق الجوي، بلا قواعد جوية او طائرات قتالية. ان نقل مثل هذه التكنولوجيا لتنظيمات هو خرق كبير لكل المعايير القائمة في العالم.
انطلاقا من الوعي بالخطر، قررت اسرائيل مهاجمة برنامج الصواريخ الدقيقة في كل مكان وفي كل زمان ممكن. وهذا يشرح قرار ايران في 2016 تغيير نهجها ووقف نقل الصواريخ الكاملة، التي احبطتها اسرائيل في معظم الحالات والانتقال بدلا من هذا الى تطوير قدرات بتحويل الصواريخ غير الدقيقة الى صواريخ موجهة دقيقة. وبدأت ايران نقل القطع الاصغر (التوجيه، الاجنحة، القيادة والرقابة وغيرها) اللازمة للتحويل، عبر سورية الى حزب الله. وبنت ايران جملة واسعة من مسارات التهريب من سورية الى لبنان (في الجو، في البر وفي البحر) لتفادي الاحباط الاسرائيلي.
كانت اسرائيل في الماضي غامضة عن عمد بالنسبة للاهداف التي تهاجمها، ولكنها تبنت مؤخرا استراتيجية جديدة، تكشف برنامج الصواريخ الدقيقة لحزب الله وتدعي صراحة بان ايران مسؤولة عن هذا الانتشار الخطير الى المنطقة. وفي السنة الماضية كشف رئيس الوزراء نتنياهو عن موقع لانتاج PGM في لبنان. واغلق هذا الموقع منذئذ، ولكن ينبغي الافتراض بان ايران اقامت بنجاح منشآت انتاج جديدة في لبنان.
حتى كانون الثاني (يناير) الماضي قاد الحرس الثوري الإيراني الخطوة بقيادة قاسم سليماني، الذي حيده هجوم بطائرات مسيرة أميركية. وتواصلت اعمال التهريب منذئذ بدونه ايضا ومعها كذلك الهجمات المنسوبة لإسرائيل. مع كل تهريب وهجوم يتسع الاحتمال الكامل للاشتعال.
ليس لإسرائيل شركاء مصداقون لإخراج القوات الإيرانية والصواريخ الدقيقة ومنشآت انتاجها من سورية ومن لبنان. تبذل إسرائيل وتواصل بذل جهد جم كي تقنع الروس بان اخراج الإيرانيين من سورية هو مصلحة روسية وأوضحت للرئيس بوتين ولدائرته الداخلية بانه طالما تواصل تهديد الصواريخ الدقيقة، فلن يكون استقرار في سورية، وكل الاستثمار الروسي في الدولة سيضيع هباء. هذا الموضوع هو مصدر متواصل للتوتر بين طهران وموسكو، ولكن الروس لا يزال لا يعملون بتصميم بإخراج الإيرانيين من سورية.
في لبنان يرتفع التوتر. الدولة توجد على شفا انهيار اقتصادي وهي يمكنها أن تغرق في الفوضى في كل لحظة. تفهم القيادة اللبنانية، مهما كانت فاسدة، بان الامر الأخير الذي تحتاجه الدولة الآن هو حرب أخرى، ولكن ليس واضحا اذا كانت لديهم القوة للتصدي لحزب الله وايران.
في ضوء التحذيرات الإسرائيلية المتصاعدة من المهم ان يلعب تهديد الصواريخ الدقيقة دورا مركزيا في المداولات المقتربة في الأمم المتحدة (تشرين الأول) على رفع حظر السلاح عن ايران. كما أنه يمكن أن يلعب دورا في المداولات على المساعدة المالية التي يطلب لبنان تلقيها من العالم. ومع ذلك، فليس من غير المعقول ان تقرر إسرائيل تحييد هذا التهديد الكبير قبل أن يحصل هذان الامران. فتهديد الصواريخ الدقيقة يقترب من نقطة قرار من شأنه أن يشعل كل الشرق الأوسط. والاحداث الأخيرة هي مجرد مؤشر على أمر يمكنه ان يؤدي الى مواجهة محتمة.