عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Mar-2025

التصعيد الإسرائيلي في سوريا: انتهاك للقانون الدولي وتقويض للشرعية الدولية*د. خالد الشقران

 الراي 

في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، أضحت الدعوات الدولية لوقف هذه الانتهاكات اختباراً حقيقياً لفاعلية القانون الدولي وهيئات الأمم المتحدة. ففي الامس حذّر المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، مجلس الأمن من مخاطر استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من سوريا، معتبراً أن إنشاء مواقع عسكرية إسرائيلية في المنطقة العازلة (وفق اتفاقية فض الاشتباك 1974) يمثّل انتهاكاً صريحاً يهدد استقرار المنطقة
 
تشهد سوريا منذ سنوات غارات جوية إسرائيلية مُتكررة، لا سيّما في دمشق وحمص والساحل، تحت ذرائع أمنية غالباً ما تفتقر إلى أدلة مقنعة. فوفقاً لتقارير الأمم المتحدة، تصاعدت هذه الضربات خلال خلال السنوات والشهور الماضية، مع تأكيد الجيش الإسرائيلي علناً على توسيع وجوده في المنطقة العازلة بين البلدين، وهي منطقة يُفترض أن تكون منزوعة السلاح بموجب الاتفاقية الثنائية الموقعة عام 1974 برعاية أممية. هذا التمادي لا ينتهك الاتفاقية فحسب، بل يتجاوز المادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة التي تحظر استخدام القوة ضد سلامة الأراض? أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
 
بهذا السلوك العدواني تُظهر إسرائيل تجاهلاً متكرراً للشرعية الدولية، بدءاً من احتلالها لهضبة الجولان السورية منذ 1967، والذي أُدين بقرار مجلس الأمن رقم 497، ووصولاً إلى رفضها الانصياع لقرارات أممية لاحقة. اليوم، يُضاف إلى هذا السجل تصريحات مسؤولين إسرائيليين تُلمّح إلى نيَّة البقاء في سوريا «لأجل غير مسمى»، ومطالبتهم بنزع سلاح الجنوب السوري، مما يُذكّر بسيناريوهات التقسيم التي شهدتها المنطقة تاريخياً.
 
لكن اللافت هو عجز المجتمع الدولي عن فرض الاحترام لقوانينه، حيث يعطّل الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن أي إجراء جاد ضد إسرائيل، بينما تُدار الأزمة السورية في إطار صراعات إقليمية ودولية أوسع، تُحوّل سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات.
 
لا يقتصر الأمر على الانتهاكات القانونية، بل يمتد لتفاقم المعاناة الإنسانية لشعبٍ أنهكته الحرب منذ 12 عاماً. فبالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية القاسية التي تُعيق إعادة الإعمار، تُعمّق الاعتداءات الإسرائيلية من أزمات الكهرباء والبنية التحتية، وتُغذي بيئة التوتر التي تعيق الحل السياسي.
 
هنا، تبرز أولويات بيدرسن الست للانتقال السلمي، ومنها تشكيل حكومة انتقالية شاملة وإصلاح القطاع الأمني، لكن تحقيقها يبقى رهناً بوقف التدخلات الخارجية، سواءً الإسرائيلية أو تأثيرات القوى الدولية المُتنافسة على الأرض السورية.
 
يُشدّد بيدرسن على ضرورة تخفيف العقوبات الدولية على سوريا، كخطوة لتمكين الانتقال السياسي. فبحسب تقارير البنك الدولي، خسر الاقتصاد السوري أكثر من 60% من ناتجه المحلي منذ 2011، فيما يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر. لكن رفع العقوبات يبقى إشكالياً اذا لم يتم الإسراع بتنفيذ الإصلاحات السياسية، ما يضع المجتمع الدولي أمام معضلة: إما تكريس العقوبات كأداة ضغط (رغم تداعياتها الإنسانية)، أو البحث عن آليات مراقبة تمنع تحويل المساعدات الاقتصادية إلى تعزيز قبضة لون سياسي واحد على حساب بقية مكونات الشعب السوري.
 
في الخلاصة لا يكفي استمرار المجتمع الدولي فقط باستنكار الانتهاكات الإسرائيلية بل يتطلب الأمر تحركات عملية: من تفعيل آلية المحاسبة الدولية (كالإحالة إلى محكمة الجنايات)، إلى ضغط دولي مُنسق لإجبار إسرائيل على الانسحاب، فقد آن الأوان لكسر حلقة الإفلات من العقاب، فالسوريون يدفعون ثمن صراعات لا نهاية لها بينما تدفع المنطقة برمتها ثمن ذلك باستمرار تفاقم مظاهر عدم الاستقرار، وفي ذات الوقت تهدر إسرائيل - باعتداءاها وأطماعها التوسعية التي يبدو أن لاحدود لها - شرعية القانون الدولي في كل اعتداء جديد.