عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Feb-2025

"غزة.. الكارثة والبطولة": رؤية معمقة حول الأحداث الراهنة في فلسطين

 الغد-عزيزة علي

 يقدم الصحفي والكاتب أحمد ذيبان الربيع، في كتابه "غزة.. الكارثة والبطولة"، الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، رؤية معمقة حول الأحداث الراهنة في فلسطين، مع التركيز على بطولات المقاومة الفلسطينية في ظل الظروف الصعبة.
 
 
يقول المؤلف إن كتابه يضم "50"، مقالة ودراسة تحليلية كتبها ونشرها في العديد من الصحف المحلية، وركز فيها على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023. إلى جانب مقالات تؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه في التحرر من الاحتلال الاستيطاني الصهيوني، كما يسلط الضوء في هذا الكتاب على جوانب في التاريخ الحديث لفلسطين والعالم، من خلال تحليل نقدي للسرديات المشوهة والمحرفة التي تؤثر على الوعي العام.
 
في الإهداء، يقول الربيع: "هذا الجهد لا يعادل قطرة دم واحدة، نزفت من أهلنا في قطاع غزة وفلسطين عامة. فإلى أرواح الشهداء ودماء الجرحى والمفقودين، ولا أنسى شهداء لبنان. وإلى أهلنا في القطاع الذين تحملوا معاناة محرقة لم يتعرض لها شعب في التاريخ الحديث، وهم ينزحون من مكان إلى آخر وسط جحيم القصف الهمجي لقوات الاحتلال.. أهدي هذا الكتاب."
 
 
وفي تقديمه للكتاب يشير المؤلف إلى أنه منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى صدور هذا الكتاب، نعيش "محرقة حقيقية" تنقلها المحطات الفضائية والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي على الهواء مباشرة، هي حرب إبادة جماعية تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة. وأسفرت هذه الحرب حتى تاريخ صدور هذا الكتاب عن استشهاد نحو 45 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى نحو عشرة آلاف مفقود تحت الأنقاض، وما يقارب 100 ألف جريح. كما حولت الحياة في القطاع إلى جحيم وأرض محروقة غير قابلة للحياة، تنتشر فيها الأمراض والأوبئة.
فيما تم تدمير مختلف مقومات الحياة والبنية التحتية وقطاع الخدمات، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد. وحتى المرافق التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" مثل المدارس لم تنجُ من القصف، الذي أجبر مئات الأشخاص على اللجوء إليها باعتبارها مناطق آمنة، لكن قصف قوات الاحتلال كان يلاحقهم هناك، بعد أن أجبرت نحو مليوني إنسان على النزوح بشكل مستمر.
ويرى الربيع أن المقاومة الفلسطينية سجلت بطولات غير مسبوقة في هذه الحرب باستخدام أسلحة بسيطة، في مواجهة جيش مدجج بأحدث ما أنتجته التكنولوجيا الأميركية والغربية من أسلحة دمار، وعلاوة على ذلك، هناك شعب يعيش معاناة هائلة، ورغم ذلك يخرج من تحت الأنقاض مثل "طائر الفينيق"، ويزداد صمودا وتمسكا بأرضه وقضيته العادلة.
ثم يتحدث المؤلف عن إحياء دولة الاحتلال الصهيوني كل عام في السابع والعشرين من نيسان العبري، ما يُسمى "ذكرى الكارثة والبطولة" (بالعبرية - يوم هَشْواه)، أو ما يُعرف بالمحرقة "الهولوكوست". ويسبق هذه المناسبة بثمانية أيام ما يُسمى "عيد الاستقلال الإسرائيلي"، الذي في الحقيقة يمثل تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، وتشريد شعبه وإعلان قيام دولة الاحتلال، بدعم وتواطؤ دولي وعجز عربي.
 
 
ويرى الربيع أن هذه الذكرى التي تتعلق بمزاعم صهيونية بشأن مقتل ستة ملايين يهودي، على يد النظام النازي في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، وهي مزاعم مشكوك في دقة الأرقام التي تروج لها الحركة الصهيونية واللوبيات اليهودية، المنتشرة في أوروبا والولايات المتحدة، من أجل الابتزاز السياسي والحصول على دعم تسليحي واقتصادي ومالي وتعويضات هائلة، بشكل متواصل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، باعتبار السردية الصهيونية في هذا الشأن ذات طابع أخلاقي وسياسي وديني وعنصري.
وينوّه المؤلف إلى أنه في ظل غياب وسائل الإعلام في ذلك الوقت، وحتى التلفزيونات كانت محصورة في بعض الدول المتقدمة، كان من الصعب متابعة أحداث العالم وكشف السردية الصهيونية. مما أدى إلى وجود شكوك كبيرة حول مزاعم قتل ستة ملايين يهودي. وهناك العديد من المفكرين الأوروبيين الذين دحضوا هذه السردية، لعل أشهرهم المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي، الذي اعتنق الإسلام عام 1982، وشكك في كتابه "الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل" في الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا، في غرف الغاز على أيدي النازيين.
 واستطاع جارودي إثبات نظريته بالأدلة والإثباتات، وأسقط القناع عن تلك الكذبة التي فبركتها الجمعيات الصهيونية، بدعم ومساعدة الأحزاب الحاكمة في أوروبا وأميركا، والتي صدقها الناس في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية. ولأن الحركة الصهيونية واللوبيات اليهودية مارست الترهيب ضد كل من يشكك بـ "المحرقة"، فقد قُدم جارودي للمحاكمة عام 1998 بتهمة التشكيك بها، وأصدرت محكمة فرنسية حكمًا عليه بالسجن لمدة سنة مع إيقاف التنفيذ.
 
 
رئيس لجنة الحريات في رابطة الكتاب الأردنيين، الباحث عبدالله حمودة، كتب مقدمة للكتاب بيّن فيها أن "طوفان الأقصى" يعد معجزة قام بها المقاتلون الفلسطينيون من أجل الحرية، حيث حطموا أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. واستطاع الفلسطينيون تنفيذ هذه العملية بسرية كاملة، في ظل حصار ومراقبة من الأجهزة الإسرائيلية والأميركية، التي لم تستطع أن تكشف الأنفاق التي تم حفرها بتخطيط علمي كامل من حيث التهوية والعمق، الذي وصل إلى "80"، مترا تحت الأرض.
تحت عنوان "الكارثة والبطولة الفلسطينية مقابل خرافة 'الكارثة والبطولة اليهودية'"، يقول الربيع إنه في كل عام، تمر ذكرى نكبة فلسطين، والتي تُترجم بالعبرية إلى إقامة "دولة إسرائيل" عام 1948، التي أقيمت بدعم مباشر من سلطة الانتداب البريطاني، وتم ذلك من خلال "وعد بلفور" الصادر في 2 نوفمبر 1917.
في حين يحيي الشعب الفلسطيني في الداخل والمهجر هذه الذكرى من خلال فعاليات مختلفة، وتصدر عن بعض الحكومات العربية وجامعتها بيانات إنشائية لا قيمة لها، وتقوم وسائل الإعلام باستذكار النكبة عبر مواد وثائقية من الأرشيف، أو كتابة بعض المقالات وإعداد برامج تلفزيونية. كما تنظم الأحزاب والمؤسسات الأهلية ندوات ومحاضرات بمناسبة الذكرى، وهذه هي حالنا منذ أكثر من 76 عاما.
وفي مقابل ذكرى النكبة وما يرافقها من إحياء للتراجيديا الفلسطينية، كما يوضح الربيع، تحتفل دولة الاحتلال بما يسمى "يوم الاستقلال"، الذي يصادف حسب التقويم العبري يوم الخامس من شهر أيار. وهو يوم إعلان قيام دولة إسرائيل واعتماد ما يسمى "وثيقة الاستقلال"، ونهاية الانتداب البريطاني على فلسطين بتاريخ 14 أيار(مايو) عام 1948.