عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-May-2020

حكومة الظل الأردنية.. البناء على تجربة معارضة مسؤولة في زمن الكورونا - سامح المحاريق

الراي -  أظهرت أزمة الكورونا حيوية كبيرة في المجتمع الأردني خارج الأطر التقليدية، فالخوف العمومي كان يدفع المواطنين إلى المشاركة، ويحرك النخبة بصورة واقعية وعملية لمواجهة قرارات حكومية كثيرة وسريعة في مواجهة عدو غير مرئي أو متوقع، وكان آخر مفاصل الجدل تنسيب وزير الصحة بالحظر الشامل أثناء أيام العيد، ولجوء المواطنين إلى الدفع باعتراضاتهم تأسيساً على لجنة الأوبئة التي وجدت نفسها جزءاً من حراك فني لم يلبث إلا وأن تداخل مع الجانب السياسي.

بالطبع امتلكت الحكومة زمام قانون الدفاع الذي أتى ضرورياً لتسهيل عملية تنفيذ واتخاذ القرارات في مرحلة حرجة لم يكن أحد يمتلك خلالها رفاهية المغامرة، ويبدو أن مجلس النواب اعتبر نفسه بعيداً عن تحمل أية مسؤولية، ودخل في حالة غير مفهومة من الاسترخاء، وأمام هذا الفراغ ظهرت قيادات مجتمعية قوامها من الخبراء والأطباء والنقباء والمجالس الاستشارية المختلفة التي ساندت الحكومة في مفاصل معينة، ووقفت بصورة متحضرة أمام بعض قراراتها.
هذه المعارضة أخذت تفترق مع الحكومة بمرور الوقت أثناء الأزمة، وامتلكت القدرة على المضي في قراءة التفاصيل وطرح بدائل لكل خطوة واجراء، وابتعدت عن الممارسات الاعتيادية للمعارضة التقليدية مثل العناوين المطاطة والواسعة كتحسين مستوى التعليم أو الصحة، دون الحديث عن أية تفاصيل مثل التمويل أو الخطوات المطلوبة وتوفر الموارد البشرية وغيرها من أمور التي تشتبك معها الحكومات في العادة.
مثل هذه الأدبيات العمومية أضعفت دور المعارضة الأردنية لسنوات طويلة، فكثير من تعبيرات مثل تحسين وتطوير وانقاذ والكثير من ألفاظ (يجب ويتوجب وعلى الحكومة) تحتل مساحة واسعة من خطاب الأحزاب في الأردن، ويستسهل النواب المناداة بها ليتحولوا إلى خلافها بعد تحملهم لموقع المسؤولية المباشرة كما في حالات كثيرة تولى فيها نواب سابقون مواقع وزارية، ولكن أزمة الكورونا أظهرت وجهاً آخر، ووضعت الكل في إطار المسؤولية عن كل خطوة وتوصية واقتراح، الأمر الذي يشجع لطرح سؤال استثمار هذه الحالة لتعميق حالة حكومة الظل التي تستطيع أن تشتبك مع كل العملية السياسية، فهي ليست المعارضة السهلة التي لا تفكر في استحقاقات القروض أو التبعات المالية للقرارات وتتحدث باعتبار ما يجب أن يكون لا ما يمكن أن يتحقق.
أثبت الأردن ثراءه بالإمكانيات البشرية وقدرتها على المبادرة، ولعل جزءاً من منظومة الإصلاح السياسي يمكن أن يجد نفسه في البناء على هذه الحالة من المعارضة، لتكون أحد الثمار الإيجابية لمحنة الكورونا الثرية والصعبة على الأردن