الغد-عزيزة علي
نظم منتدى عرار الثقافي ومديرية ثقافة إربد وبيت عرار الثقافي ندوة بعنوان “التجربة الشعرية عند عزالدين المناصرة”، بحضور د. يوسف ربابعة، د. إسماعيل القيام، وأدارها الشاعر أحمد شطناوي.
قدم رئيس منتدى عرار الثقافي المحامي محمد خريف بعض الإضاءات حول المناصرة وشعره وحياته، فيما سلط المشاركون الضوء على المفردة المحكية وقدرتها على تجسيد البنية الدلالية والمعنوية في نصوص المناصرة.
تحدث د. ربابعة عن موقف المناصرة من اللهجة المحكية، حيث استخدم مصطلح اللهجة المحكية الذي ينسجم مع الموقف الذي تبناه، لافتا الى موقف بعض الباحثين من لغة المناصرة وموقفه من استعمال مفردات من اللهجة المحكية في شعره، حيث قال عنه د. إبراهيم السعافين “إن المناصرة ينجح في نحت مفرداته من حجارة اللغة الشعبية واللهجات العامية، وإن كان أحيانا يبالغ في جرأته حتى تكاد تبدو غاية في ذاتها، فيستخدم ألفاظا تدل على أنه صياد ماهر للسياقات العامية والشعبية وتوظيفها في القصيدة”.
يتابع ربابعة “من خلال قراءتي للحوارات التي أجريت مع المناصرة استطعت استنتاج موقفه من استعمال اللغة المحكية، ويبدو أنه يستخدمها بشكل مقصود، ويركز عليها، فعندما يجيب المناصرة في أحد الحوارات عن سؤال: بماذا تهتم أكثر بالشكل أم بالمضمون؟، يقول: لا شكل بلا مضمون ولا مضمون بلا شكل”.
يواصل ربابعة حديثه أن المناصرة لا ينفي خطر العامية الركيكة، فعندما يقول: “هناك خطر آخر هو خطر (العاميات الركيكة) المختلطة باللغات الأجنبية، كما تروج لها الفضائيات، لهذا أقف مع عامية فصحى نابعة من البيئة العربية، بدلا من العاميات المختلطة باللغات الأجنبية، وهذا هو سر اهتمامي من الناحية النظرية.. أما سر اهتمامي من الناحية الشعرية، فهو جماليات الصوت الحركي في العاميات، والأهم عندي هو الوصول إلى اليومي البسيط”.
ومن جانبه، تحدث د. إسماعيل القيام عن “المناصرة والعامية”، قائلا “يعد المناصرة أحد الشعراء المعاصرين الذين لم يتخلوا كليا عن لهجاتهم الخاصة لصالح اللغة العربية الفصيحة، بل ربما كانت ازدواجية العربية الفصيحة والعامية سببًا إلى أن يميل المناصرة إلى العامية ويتحيز لها، وذلك لإحساسه بقيمتها وكونها رديفًا للغة الفصيحة وليست ضدًا لها، ولشعوره بأنها جزء منه ومن تكوينه”.
وقال “إن المناصرة شاعر له تجربة طويلة تمتد بين الوطن والمنفى، (الوطن في أيام الصبا)، و(المنفى في المرحلة التالية من حياته)، وتلك الملامح اللهجية الخاصة هي من المعالم الأساسية التي يحن إليها كما يحن إلى المكان والزمان والإنسان، وكلما أغرق في منفاه ازداد تعلقًا بالوطن، وأصبح أكثر شوقًا وحنينًا، ولذلك فقد حاول المناصرة أن يثبت في شعره كل ما يخص وطنه، ومن ذلك اللهجات العامية وملامحها التي استبقها في شعره”.
ورأى أن معجم المناصرة الشعري حافلل بتلك الألفاظ والتراكيب المستعملة في العامية، من مثل أسماء النباتات (الزيتون، والزيتون الرومي، والعنب والعنب الدابوقي، والتين، والرمان، والليمون، والبرتقال، واللوز، والموز، والدراق، والتوت، والسفرجل، والبلوط، والبندورة، والعليق، والقريص، والخروع، والشيح، والجعدة، والزبيب، والحصرم، والقيصوم، والعرار، والسريس، والطيون، والهيش، والعشب الناشف، والحِمحِم…)، وما يتعلق بالنباتات من أدوات ومستلزمات مثل (سحاحير العنب، عريشة التين، والتشميس “السفرجل المشمس”، و”المشماس”، …).
وخلص القيام الى أن العامية عند عز الدين المناصرة تمثل جزءًا منه ومن تكوين طفولته، وشيئًا رئيسيًا مما يحن إليه، ولأنها تتعرض في الوقت نفسه لكثير من الضياع والإهمال، كغيرها من العاميات لأسباب كثيرة كالتطور الحضاري، والعولمة، والهجرة، والاختلاط بالبيئات اللغوية الأخرى، … فليس غريبًا أن يهتم المناصرة بعاميته، وأن يسعى إلى تفصيحها والمحافظة عليها بتثبيتها في شعره.