عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2019

جـريمــة أثـريــة فـي تلــة النبـي زكـريـــا - اريئيل دافيد
 
الدستور - اكتشف علماء الآثار الذين حفروا قرب «موديعين» بقايا لبلدة مزدهرة من العصر الاسلامي المبكر، قبل 1200 سنة. لقد اكتشفوا بيوتا فاخرة مزينة بالفسيفساء والاقواس وآبار المياه المقصورة والمعاصر ومشاغل حرفية للزجاج عمرها ألف سنة.
ولكن عيون معظم الناس لم تر هذه المكتشفات، حيث إن المنطقة نقلت الى مقاولين، والبقايا ستطمس قريبا، وحتى ستدمر لصالح بناء مركز لوجستي جديد لصالح «موديعين» المجاورة.
قرار سلطة الآثار السماح بتطوير الموقع اثار الدهشة في اوساط رجال الآثار وسكان المنطقة، الذين يقولون إن السلطات تسارع الى المصادقة على خطط التطوير حتى عندما يتم اكتشاف آثار قديمة مهمة. ردت سلطة الآثار على ذلك بأن هناك حاجة الى الوصول الى موازنة بين الدفاع عن الآثار والاحتياجات الاقتصادية. وحسب اقوال السلطة، في هذه الحالة الحفريات في الموقع وثقت وهي تحافظ على المعلومات بشأن البلدة القديمة.
اكتشفت هذه الآثار فيما بعد اليونان والرومان في بداية السنة الماضية، «في حفريات انقاذ في الموقع. في حفريات الانقاذ لا يعرف احد ما سيتم العثور عليه»، قال ابراهام تندلر، رجل الآثار الذي ترأس الحفريات، «لقد توقعت ايجاد بقايا هلنستية أو رومانية أو بيزنطية. لذلك فان اكتشاف هذه البلدة فاجأني». التلة تقع شمال غربي «موديعين» وهي محاطة بالكنوز الاثرية على طول الطريق التي مرت من يافا الى القدس. مكتشفات سابقة في المنطقة هي دير بيزنطي ومغر استخدمها الرهبان الذين اعتكفوا وموقع دفن روماني.
في هذه الحالة اكتشف رجال الآثار عشرات المباني في بلدة مخططة جيدا، والتي يمكن اعادتها الى القرن التاسع حتى الحادي عشر، في الفترة التي حكم فيها المنطقة العباسيون والفاطميون.
كانت المكتشفات مفاجئة لأن الباحثين اعتقدوا أن المنطقة التي تحيط بـ»موديعين» كانت مأهولة بشكل غير مكتظ في العصر الاسلامي المبكر، شرح تندلر. كشفت الحفريات التي امتدت على مساحة 4 دونمات فقط جزءا من بلدة كبيرة جدا، اضاف. الجزئية الاكثر اهمية هي أنه في الموقع سكن كما يبدو تجمع من المسلمين والمسيحيين معا. وجد رجال الآثار صلبانا منقوشة على حجارة معاصر الزيتون في البلدة، وأجزاء كتابات باليونانية، اللغة المكتوبة التي استخدمها المسيحيون في المنطقة. اكتشف في احد البيوت  تذكار مسيحي من الحج مصنوع من الفخار، يبدو أنه جلب من مصر، قال تندلر.
اكتشف الباحثون ايضا اوزانا من الزجاج وعليها كتابة بالعربية. استخدمت هذه الأوزان لوزن قطع نقدية بدقة كبيرة، ويبدو أن جزءا من احد الكتابات يقتبس آية قرآنية. لم يتم اكتشاف دلائل على كنيسة أو مسجد، لكن هناك ما يكفي من الدلائل على الهوية الدينية المختلطة للبلدة.
يجري نقاش طويل في اوساط الباحثين حول الى أي درجة كان عنيفا ومدمرا الاحتلال الاسلامي المبكر للبلاد. والى أي درجة كانت العلاقة اشكالية بين التجمعات المختلفة. تشير المكتشفات في النبي زكريا الى انتقال هادئ، بعد احتلال الجيوش الاسلامية المنطقة من الامبراطورية البيزنطية في النصف الاول من القرن السابع، قال رجل الآثار عوزي دهاري، الذي كان في السابق نائب مدير سلطة الآثار. «عندما جاء المسلمون، السلطة انتقلت من يد الى اخرى، لكن لم يتغير الكثير خلاف ذلك، باستثناء عملية بطيئة لتأسلم عدد من السكان المسيحيين وكذلك اليهود»، قال دهاري الذي لم يكن مشاركا في حفريات النبي زكريا.
رغم عدم اليقين بخصوص هوية السكان، لا شك أن الموقع كان مزدهرا على ضوء المجوهرات التي اكتشفت والبيوت ذات ارضيات الفسيفساء والأسقف التي فيها قباب. العدد الكبير للمخازن والمشاغل الحرفية لانتاج الزيت والنبيذ والزجاج والبضائع الاخرى، يشير الى أن النبي زكريا كانت مركزا صناعيا وزراعيا مهما بالنسبة للقدس والرملة، التي كانت العاصمة اللوائية في فترة الخلافة.
في فترة الحملة الصليبية كان ركود في البلدة، لكنها شهدت نموا قصيرا في العصر المملوكي بين القرن الثالث عشر والرابع عشر، وبعد ذلك هجرت نهائيا.
استمر الناس بعد اليونان والرومان في العيش هنا رغم أنهم لم يثيروا اهتماما كبيرا، قالت مريون ستون، نشيطة من نشيطات الحفاظ على الموقع. «هناك دلائل كثيرة وجدت، والكثير من الآثار دمرت». لأنه اكتشفت في الموقع آثار كثيرة، كان يجب عدم السماح بالقيام بتطوير عقاري فيه، قالت ستون ودعت السلطات الى التوقف عن هدم البلدة واعداد الموقع للزوار. «هذا موقع مدهش. وهدم شيء كهذا هو ببساطة جريمة».
«هآرتس»