عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Feb-2025

هل تنهار الهدنة؟*إسماعيل الشريف

 الدستور

«اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس هو مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار، وستستأنف «إسرائيل» العمليات العسكرية إذا لزم الأمر.» –نتن ياهو.
 
في عملية تسليم الأسرى، حرصت حماس على إيصال عدة رسائل، أبرزها التأكيد على البعد الإنساني في معاملة الأسرى، وإحراج الكيان وإذلاله داخليًا ودوليًا بفشله في تحقيق أهداف الحرب، والتأكيد على أن حماس باقية ولن تزول.
 
لكن الأهم من ذلك أن رسالتها الأساسية كانت أن المحتجزين هم الورقة التفاوضية الأهم، وأنها لن تفرج عنهم جميعًا إلا في إطار هدنة دائمة، وهو ما أكّده أبو عبيدة مرارًا.
 
هناك خطر حقيقي من إفشال المرحلة الثانية من الهدنة، وهي المرحلة الأهم، إذ تهدف إلى تحويل وقف إطلاق النار المؤقت إلى وقف دائم، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من غزة، والإفراج عن جميع المحتجزين.
 
الصورة واضحة؛ نتن ياهو يسعى إلى إطلاق أكبر عدد ممكن من المحتجزين لدى حماس، ثم العودة مجددًا إلى الحرب، لأنه يدرك أن الوصول إلى المرحلة الثانية يعني انهيار حكومته.
 
حاول في البداية الضغط على حماس بربط إدخال المساعدات بزيادة عدد المحتجزين المفرج عنهم، لكنه واجه موقفًا متصلبًا منها، فاضطر إلى إدخال المساعدات. والآن، يمنع دخول المنازل المتنقلة ومعدات البناء الثقيلة ما لم تفرج حماس عن ستة محتجزين بدلًا من ثلاثة، ويعني إدخال هذه المنازل المتنقلة فشلًا لخطة التهجير. كما ويطرح شروطًا تعجيزية للاستمرار في المفاوضات، من بينها تفكيك الذراع العسكري لحماس وكافة الفصائل الأخرى، بالإضافة إلى خروج قادة حماس من غزة.
 
معظم شروط نتن ياهو الجديدة مرفوضة تمامًا بالنسبة لحماس، إذ تعتبر أن الهدنة تمت بإشراف وضمانات أمريكية، مما يعني أنه لا يمكن التراجع عن التفاهمات التي تم التوصل إليها. لذلك، قد نصل إلى مرحلة تصبح فيها حماس هي من يفشل المفاوضات برفض تقديم أي تنازلات إضافية، إذ تدرك أن الورقة الوحيدة التي تضغط بها على نتن ياهو هي المحتجزون.
 
وفق التقديرات، لا يزال لدى حماس ما بين 73 و94 محتجزًا، معظمهم من العسكريين والرجال، ما يجعلها تتعامل بحذر شديد في تسليم أي أسرى جدد خلال الفترة المقبلة. وبدلًا من ذلك، ستسعى إلى كسب أكبر قدر ممكن من الوقت لتعزيز قدرتها على مواصلة القتال، سواء عبر إعادة تنظيم مقاتليها أو بتخزين أكبر كمية ممكنة من المؤن والخيام تحسبًا لاستمرار الحرب.
 
إذا انهارت المفاوضات – لا قدّر الله – فقد تشهد المرحلة المقبلة قصفًا جويًا متقطعًا قد يستمر طوال فترة ولاية ترامب، إلى جانب تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات.
 
لن يكون بإمكان حماس فعل الكثير بينما تتعرض غزة لقصف جوي يهدف إلى تنفيذ إبادة جماعية، والضغط على السكان لدفعهم نحو الهجرة القسرية، بالتزامن مع الجرائم المرتكبة في الضفة الغربية.
 
ومع ذلك، تراهن حماس على عدة عوامل، من بينها أن ترامب، على عكس سلفه الذي دعم الإبادة الجماعية باستخدام القوة المباشرة، يفضل تنفيذ تطهير عرقي «ناعم» عبر تهجير سكان غزة. لكن استمرار الحرب خلال ولايته سيعرقل طموحه في الفوز بجائزة نوبل للسلام، ويعيق خطته المتعلقة بصفقة القرن.
 
كما تأمل حماس أن يسهم تصاعد الضغط الداخلي الصهيوني في دفع نتن ياهو إلى المضي قدمًا في الهدنة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يواجهها الكيان. فقد تجاوزت فاتورة الحرب 120 مليار دولار، أي ما يعادل خُمس الناتج القومي، في حين استُنزف الجيش الصهيوني بفعل القتال المستمر، وبات الشارع الصهيوني يمقت استمرار الحرب. في الوقت ذاته، تنتظر حماس قرارات القمة العربية المقبلة، فيما أفادت وسائل إعلام مصرية بأن حماس قد وافقت على عدم المشاركة في اللجنة الحاكمة لغزة بعد انتهاء الحرب.
 
وتقرأ حماس المشهد جيدًا؛ فهي تدرك أن نتن ياهو يتعرض لضغط أمريكي مباشر للمضي قدمًا في المرحلة الثانية من الهدنة. ففي اجتماع بينه وبين وزير الخارجية ماركو روبيو، خرج الأخير في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصهيوني، مؤكدًا التوافق الأمريكي-الصهيوني على الأهداف المشتركة، مثل القضاء على حماس وضمان عدم تحول غزة إلى تهديد مستقبلي.
 
لكن ما لم يُعلن في المؤتمر هو أن الوزير الأمريكي أمر نتن ياهو باستئناف المفاوضات، إلا أن مجلس الوزراء المصغر في الكيان يفشل في اتخاذ قرار بالمضي قدمًا في المرحلة الثانية من الهدنة.
 
ومع ذلك، هناك من يؤمن داخل حماس بأن الحرب قد انتهت، حتى في ظل كل هذه الضغوط.