عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Dec-2018

هل يؤثر “فيسبوك” على صحتنا العقلية؟!

 

إسراء الردايدة
 
عمان-الغد-  لغاية هذه اللحظة يبلغ عدد مستخدمي فيسبوك عالميا نحو مليارين ونصف المليار، ومن المتوقع أن يزداد مع منتصف العام المقبل 2019، فهو التطبيق الأكثر شهرة ويبقينا على تواصل مع من نريد قريبا كان ام بعيدا.
ومع كل هذه الشعبية التي يحظى بها الفضاء الأزرق وبرغم كل فوائده، إلا أن استخدامه ينطوي على مخاطر عديدة تلحق الضرر بصحتنا العقلية، وفق سيكولوجي توداي، إذ تبلغ نسبة استخدامه عالميا، 53 % بين الإناث مقابل 47 % للذكور وفق إحصائيات فيسبوك الأخيرة.
نسبة الانتشار محليا
استخدام فيسبوك اليوم يتوزع على الجانب العملي والمهني، وبين الجوانب الشخصية المختلفة للترفيه والخروج من ضغوطات الحياة والأسرية، وعبره تظهر الأشياء على غير طبيعتها؛ إذ إن الأصل أن تكون العلاقات في الحياة اليومية، وتحقيق الإنجازات فيها، أما الانتقال للفضاء الافتراضي وقياس المشاعر عبره، فذلك أمر بعيد عن المنطقية والدقة والعمق؛ حيث إن العلاقات الإنسانية فيه ضعيفة وغير مكتملة الأركان وخالية من المشاعر المتدفقة، وكذلك جافة.
ويبلغ عدد النساء المستخدمات لـ”فيسبوك”، بحسب إحصاءات، نحو 1.11 مليار امرأة، و81 % منهن يقمن بتحديث حالتهن عبره، مقارنة بـ11 % للرجال، فيما يبلغ عدد مستخدمي فيسبوك في الأردن نحو 5.5 مليون حساب.
ولكن مثل جميع الفوائد في الحياة، فيسبوك يحمل في طياته آثارا نفسية غير مرئية، تنعكس على الأفراد بمجالات وأشكال متعددة:
– الانتقاص من الشعور بالثقة، خاصة حينما يقترن الأمر بمقارنة حياتنا بالآخرين، إذ لاحظ الاختصاصي النفسي الاجتماعي ليون فيسنغر أن الناس يميلون بشكل طبيعي للانخراط في المقارنة الاجتماعية للإجابة على سؤال “هل أنا أقوم بما يجب على أفضل نحو؟”، وهنا يلجأ البعض لفيسبوك لمقارنة انفسهم بمن هم مثلهم.
وفي دراسة اخرى بينت ان مستخدمي فيسبوك يميلون إلى التفاخر، لذلك فهم يصورون أنفسهم دائما في أفضل الأحوال، ولا يعرضون سوى الجوانب الجيدة فقط في حياتهم، محاولين إخفاء السلبية، ومع ذلك “فنحن لا ندرك أن هذا يحدث، ونحن نحاول دائما أن نقارن أنفسنا بالآخرين، بما حققوه وبما وصلوا إليه، وسنشعر لا إراديا بأننا لا نعيش الحياة الطيبة نفسها التي يتمتع بها أصدقاؤنا”.
وذهبت الدراسة التي نشرت في مجلة الصحة النفسية والاجتماعية وركزت على المقارنة عبر فيسبوك الى أن مدمني استخدام هذا التطبيق حينما يقارنون أوضاعهم الاجتماعية دائما مع غيرهم، يؤدي ذلك إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب المزمن.
كما أن عدم إعجاب الأصدقاء بالمحتويات التي ينشرها البعض يولد نوعا من مشاعر الحزن، ومن هنا فإن هنالك ضرورة وضع حد للطريقة التي يتم التعامل فيها مع هذه الوسيلة، خصوصا في كم الوقت الذي تمضيه وحتى بطريقة النظر اليه، وعدم نسيان أنه عالم افتراضي ومشاعره ليست حقيقية وان من ينشغل بمراقبة غيره ومقارنة حياته به يعاني من مشاكل مختلفة، فضلا عن أنه يفتقر لمهارات في التواصل الاجتماعي.
كما أن الشعور بالاكتئاب الى جانب المقارنات الاجتماعية أمر متوقع على مواقع التواصل الاجتماعي عموما، و”فيسبوك” خصوصا لما يحمله من حياة افتراضية، خصوصا على صعيد المشاعر؛ حيث يعيش الإنسان كينونته الاجتماعية بطريقة غير حقيقية، وهذا من شأنه أن يقلل من الإنتاجية الحقيقية على حساب الإنتاجية الافتراضية الوهمية.
وأظهرت نتائج الدراسة أن مستخدمي “فيسبوك” في كثير من الأحيان يحكمون على أنفسهم من خلال المقارنة مع أصدقائهم، ووجدوا أنهم أيضا يعانون من حالات نفسية سيئة. وعلى وجه التحديد، وجدوا أن معظمهم يعاني من مشاعر الحزن، وعدم وجود أمل في المستقبل، ويغضبون بسهولة.
وأوضح فريق البحث حقيقة أن مستخدمي “فيسبوك” يمكن أيضا أن يقارنوا أنفسهم بالأقل حظا منهم، إلا أن الاستخدام المنتظم لـ”فيسبوك” يهبط بمزاجهم العام، مما يولد حالة من تدني الاحترام للذات، ومع الوقت يشعرون بالأسوأ.
– يغيب الحكم الصائب، لأن منصة فيسبوك صممت أن تظهر لك تفضيلاتك الشخصية والتي تختلف عن الآخرين حين تقوم بالبحث، فهي تضع الأخبار التي تفضلها بمقدمة صفحتك، الاشياء التي تتفاعل معها أولا، كما أنها تظهر الأشياء على غير حقيقتها بتفكير مبني على مانراه وليس وفق قناعاتنا الحقيقية ومدى فائدتها والتي تختلف عن قناعات من حولنا.
– يبقينا على تواصل مع من نفضل نسيانه، في الوقت الذي نحاول فيه تجاوز العلاقات المسيئة او حتى أولئك الذين انفصلنا عنهم، الا ان فسيبوك ومن خلال فلاتر البحث يظهر لك من يمكن ان تعرفه أو يقترح عليك إضافة شخص معين، ما يعيد للذاكرة كل تلك الأمور السيئة والذكريات التي مررت بها بسببهم. خاصة ان البعص يميل لتفقد حسابات من انتهت العلاقة معهم والمراقبة عن بعيد وهي من الآثار السيئة التي ترافق الشفاء من أي علاقة فاشلة أو جرح عاطفي.
وفي الوقت نفسه يسبب المشاكل للشركاء، لان احد الطرفين سيقوم بمراقبة حساب الآخر ويخلق مشاكل لا حصر لها بين الغيرة والشك التي تقوض أسس العلاقة، وسلوكيات تزعزع مستويات الثقة بينهما.
– يكشف معلومات لا ترغب بمشاركتها، إذ يعمد كثير من اصحاب العمل اليوم لمراجعة حساب الموظفين لديهم، ويشكلون رأيهم من طبيعة المحتوى، لذا تفقد اعدادات الخصوصية لديك ان كنت تبحث عن عمل وانتبه لما تنشره كي لا يظهر بمسيرتك المهنية.
والأهم من كل هذا أن فيسبوك ومنذ انطلاقه في العام 2004 خلف حالات ادمان مختلفة لساعات طويلة لدى المستخدم الذي يصاب بحالة من العزلة والاكتئاب والميل للحزن ومتابعة الاخبار، حيث اصبح الكثير منا يبدأ يومه بتفقد حسابه فضلا عن المتابعة طيلة اليوم، رغم أن استخدامه يوفر اشباعا فوريا من خلال التواصل مع الأشخاص على الفور والحصول على ردودهم في غضون ثوان.