عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jul-2020

فرحة العيد المستردة.. هل ستثقل كاهل الآباء؟

 

ديما الرجبي
 
عمان -الغد-  شهد أبناؤنا في عيد الفطر المنصرف أجواء خانقة نظراً لفرض الحظر الشامل بسبب جائحة كورونا، بينما يتجه الأردن للتعافي من هذه الجائحة، يستعد الأبناء لاستقبال عيد الأضحى بدون قيود تكبل ممارسة طقوسهم السنوية في هذه المناسبة، وهو ما يدفع الأهالي الى الشعور بالقلق حول تكاليف هذه الفرحة.
ونظرا للظروف الاقتصادية المتردية واقتراب بدء السنة الدراسية وما تحملها من التزامات أخرى، يجد الآباء أنفسهم أمام احتياجات أبنائهم التي لا تحتمل تأجيل نظراً لارتباطها بسعادتهم في هذا اليوم -عيد الأضحى، لذلك يقع الأهالي في حيرة المفاضلة بين التزامات العيد والمدارس، وكون هذا العام استثنائيا بظروفه التي أرهقت الأسر الأردنية اقتصادياً، خاصة الطبقتين الوسطى والفقيرة، وفقدان كثير من هذه الأسر لوظائفها ومصادر أرزاقها، يتجه الأردنيون إلى القروض والاستدانة لتسيير عجلة الالتزامات المتراكمة، وهو ما لا يدركه الأبناء بطبيعة الحال.
لذلك يكون الاكتفاء بالمتطلبات الأساسية بما يكفي لإدخال السرور الى قلوب الأبناء، وذلك من خلال مناقشة الوضع المالي أمامهم ووضع الخيارات التي من شأنها أن تحسن حسّ المسؤولية لديهم.
كون عيد الفطر المنصرف أتاح فرصة للأهالي قبل فترة الحظر بشراء ملابس وحاجيات لم تستخدم، لذلك نشجع إعادة تدويرها لمن لن يتمكن من ابتياعها من جديد، والاقتصار على شراء ما ينقص من احتياجاتهم والتوجه الى متاجر التخفيضات والاكتفاء بقطعة واحدة لكل فرد في الأسرة، والأهم مصارحة الأبناء بأن عيد الأضحى يرافق بدء العام الدراسي، ويضاف اليه المصاريف المعيشية المعتادة وإيضاح مدى صعوبة تخطي هذا الممر الإجباري الذي يجعل أرباب الأسر غير قادرين على الإيفاء بمتطلبات الحياة.
هذه الظروف تعد فرصة لخلق حلقة ثقة بين الأهالي وأبنائهم لتمكينهم من استيعاب القدرات المالية وكي لا تتولد لديهم مشاعر بالنقص أو الحرمان في ظل شح القدرة الاقتصادية على تلبية رغباتهم، لذلك يجب على الأهالي عدم إخفاء هذه الضائقة المالية أمام الأبناء، وتعويض ما ينقص من خلال الأجواء العائلية المرحة في هذه المناسبة، ووضع الخطط العائلية من جولات على الأقارب والخروج للمتنزهات، وهو ما فاتهم في العيد المنصرف.
كما ينبغي على الأهالي تجنب الاستدانة لأجل مصاريف العيد وتغليب مصلحة الأسرة والتزاماتها، مع علمنا بمدى أهمية وفرحة هذه الطقوس المباركة، الا أن تقنين المصاريف ضرورة لتجاوز هذه الفترة.
التعاطي مع الواقع المعيشي وإحاطة الأبناء بهذه الحقائق مع مراعاة إيصال الرسائل الإيجابية التي من شأنها تحفيزهم للمساندة وتحمل جزء من المسؤولية، من أسس البناء التربوي السليم.
إيصال معلومات بسيطة ومباشرة لأبنائنا حول هذه الأزمة المالية يفي بالغرض مثل “الشراء هذا العيد على قد الحال”، “نكهة العيد بلمة العائلة”، “سنقوم بتعويضكم لاحقاً” مثل هذه العبارات من شأنها أن تساعد الأبناء، على اختلاف أعمارهم، على مراعاة الظروف المالية، وإعطائهم الحرية بالاختيار بين الاستغناء أو شراء أو إعادة استخدام ملابسهم أو حتى تقنين عدد الملابس المشتراة ستدفع بهم الى الثقة بأنفسهم وربما تمدهم بالفخر اذا ما شعروا بأنهم عون لكم.
فرضت جائحة كورونا بطبيعة الحال تغييرا ملموسا في شكل الحياة، لذلك قد نستغل هذه الجائحة في التعاطي مع تساؤلات وحزن أبنائنا حول اختلاف القدرة على تلبية متطلباتهم، ونوجه بوصلة اهتمامهم الى أهمية زيارة الأقارب، التي تشكل صلة الرحم، وهو ما تعنيه هذه المناسبات وبث الحماس في قلوبهم لاستقبال العيديات “البسيطة” بدون أن نكبد أنفسنا مصاريف أخرى، وجعلهم ينخرطون في واقع كورونا وما أحدثه اجتماعيا واقتصاديا والتخلص من بعض المصاريف إلى حين النهوض على أقدامنا من جديد، من دون أن ندخل الحزن الى قلوبهم.
*كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلم