عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jan-2024

"الفيلوغرافيا".. فن الخيط والمسمار يختزله الخطايبة بمهارة لتصميم لوحاته

 الغد-تغريد السعايدة

 تتعدد الفنون بأشكالها، حيث تفرز نماذج ورسومات تجذب الناظرين، وقد يجد كثيرون متعة في بعض الأفكار الحرفية، ومن ضمنها فن "الفيلوغرافيا"، أو ما يُعرف بالرسم الخيوط أو الأسلاك والمسامير، وهو فن قديم حديث، عمد الشاب الأردني تامر الخطايبة إلى اعتماده في ابراز موهبته الفنية في ذلك.
 
 
ومن خلال مشروعه الخاص "مسمار وخيط"، يعتمد الخطايبة على إبراز موهبته في رسم العديد من الأشكال الفنية، او لوحات "البورترية"، للوجوه بتفاصيل دقيقة ومميزة، تُبث قدرته على أن يتحكم بالخيط والمسمار، وإنتقاء التفاصيل ورسمها بكل دقة، حتى بات يبحث عن لوحات وأشكال "معقدة التفاصيل نوعاً ما"، حيث تظهر قدرته على رسمها.
 
وبات البحث عن فنون مختلفة للرسم والتصميم أمراً منتشرا، وساهم التطور التكنولوجي بإتاحة المجال للكثير من الفنانين والحرفيين، في ابتكار رسوم جديدة وإحترافية كبيرة في التصميم وإخراج لوحات دقيقة.
بيد ان هناك من يبحث عن "الفن التقليدي" في الحصول على لوحاته او هداياه المميزة، كمن يحاول إنتقاء هدية لأحدهم "صنعت باليد" وبكل حب وتفانٍ، ويُظهر وجود مجهود شخصي كبير، وهو ما يمكن ان يجده الشخص في عمل لوحة فنية مميزة بالخيوط والمسامير الصغيرة، والخروج بعد فترة عمل طويلة ودقيقة بلوحة تحاكي مخيلة الفنان الذي يبدع في تقديمها.
وفن المسمار والخيط، او "الفيلوغرافيا"، هو أحد أشكال الفنون "العثمانية" القديمة، وكان يقوم به مختلف أفراد الأسرة في بعض الأحيان ومن مختلف الأعمار، على الرغم من دقة العمل الفني والمجهود الذي تحتاجه اللوحة الواحدة.
ووفق الرصد التاريخي لهذا الفن، فقد تبين أن الجيش العثماني، آبان حكم الدولة العثمانية آنذاك، كان يعمد إلى إجبار نزلاء السجون على ان يقوموا بعمل لوحات ومنتجات بفن الخيط والمسمار، حتى يحد من توتر وغضب وقلق السجناء، ويشد إنتباههم إلى إكمال اللوحة بتفاصيل دقيقة، ما يخفف من حدة التوتر بين المساجين.
وهو ما أكدته دراسات نفسية من أن "فن الفيلوغرافيا يساعد الشخص على التخلص من الضغوط النفسية، ومناسب لمختلف الأعمار، ويساعد على الهدوء والتأمل في ذات الوقت، ويُقال بان، هذا الفن إندثر لفترة من الزمن، ولكنه عاد بطريقة أخرى وبات يستخدمه الكثير من الفنانين الراغبين بالبحث عن الغرابة والتمييز في الحرف الفنية.
الخطايبة، وجد بهذا الفن طريقا للتميز وترجمة تلك الموهبة من خلال لوحاته المتعددة، والتي بات عدد كبير منها معلق على جدران اصحابها، لافتا الى أن هذا الفن يتطلب وقتاً وجهداً و"صفاء ذهن" لإتمام لوحات في هذا النوع من الفنون.
قصة ابداع الخطايبة بهذا الفن، كان بالمصادفة مذ كان صغيراً، ووجد إحدى اللوحات التي صنعتها جدته بذات الطريقة، فن المسمار والخيط، ولكنها ليست بذات الاحترافية، ولكنها تعتمد فقط على قطعة خشب بسيطة، وبضع من الدبابيس والخيوط المتوفرة لديها.
وبعد فترة من الوقت، وجد من خلال بحثه في شبكة الإنترنت، العديد من المقاطع المصورة التي تبين مدى عمق وقِدم هذا الفن، التركي الأصل، وأن هناك العديد من المحترفين في العالم ممن يتقنون هذا النوع من الفنون الدقيقة، ليجد شغف التعلم والتعرف وإحتراف هذا النوع من الفنون، حتى إستمر في ذلك وأصبح من أكثر الأشخاص محليا احترافاً لهذا الفن.
يقول الخطايبة ان العمل في فن الخيط والمسمار متعب ويحتاج إلى مجهود كبير ودقة متناهية تبدأ منذ اللحظات الأولى لرسم العمل الفني، وبخاصة البورترية، مروراً بوضع المسامير في المكان المناسب، ومن ثم مرحلة توصيل الخيوط ما بين المسامير بكل دقة وحرفية، حتى يصل العمل الفني إلى الشكل النهائي المطلوب.
ويشير إلى أن هناك لوحات قد تحتاج من الفنان أسابيع في تحضيرها، ما يستدعي التفرغ الكامل لهذا النوع من الفنون، وقال أن إحدى لوحاته "البورترية" إحتاجت إلى ما يقارب 3 آلاف حركة ما بين المسمار والخيط، ما يعني جهد كبير جداً.
ولكن، يرى الخطايبة ان ما يحتاجه الفنان في فن "الفيلوغرافيا"، من مواد خام أولية، وتفرغ، يعني ان الفنان يجب ان يحصل على الدعم الكافي في عمله الفني وتطويره، وبخاصة إن تكاليفه في بعض الأحيان عالية جداً، وكلما زادت جودة المواد المستخدمة زاد جمال اللوحة ومتانتها وطول أمدها، خاصة ان هناك لوحات يدوم عمرها لعقود من الزمان.
وبحكم دراسته التربية الرياضية في الجامعة، فإنه ومنذ تخرجه قبل ثلاث سنوات، استثمر وقته في عمل العديد من اللوحات، على الرغم من أن دراسته الجامعية بعيدة عن مجال الفنون، إلا أنه وجد في فن الفيلوغرافيا ضالته في تفريغ تلك الطاقة وابراز قدرته على الإبداع.
ولكنه، ولحبه لهذا الفن، قدم الخطايبة عددا كبيرا من الدورات للراغبين في تعلم فن الفيلوغرافيا، وأصبح هناك عدد لا بأس به من القادرين على العمل بشكل منفرد، ويقوم الخطايبة بالتشبيك ما بين الراغبين بعمل لوحات وبين من قام بتدريبهم، للاستجابة لطلباتهم، ليساهم في ترسيخ هذا الفن القديم في المجتمع.
وعلى الرغم من عدم ممارسته لهذا الفن منذ فترة، إلا أن حب الخطايبة للمسمار والخيط ما زال محتفظاً به، ولديه كامل المواد في بيته، ليكون جاهزاً في أي وقت للعودة لعمل لوحات تلبي رغبته الكبيرة في ان يصل إلى مصاف الفنانين المميزين في العالم، بعد ان شارك بالعديد من المعارض والفعاليات التي ساهم من خلالها بالتعريف بفن الفيلوغرافيا، وبنكهة "أردنية".