عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jun-2025

نحو شرق أوسط خال من الأسلحة النووية والدمار الشامل!*العين د. زهير ابو فارس

 الراي 

تصريحات الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، والتي تمنى فيها ان تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد وجهت ضرباتها لمفاعل "ديمونا" بدلا عن منشآت إيران النووية، جاءت في مكانها وزمانها المناسبين، ويمكن النظر إليها من عدة زوايا، أبرزها ان مفاعل ديمونا الاسرائيلي هو المنشأة الوحيدة في المنطقة التي انتجت ولا تزال مئات القنابل النووية، على الرغم من أن إسرائيل لم تعترف بعد بامتلاكها للسلاح النووي، وهي أيضا ليست عضوا في المنظمة الدولية لمنع انتشار السلاح النووي، إضافة إلى أنها تعارض امتلاك دول المنطقة حتى للتقنية النووية للأغراض السلمية. وهذا ما يحصل الساعة مع إيران التي تم الغاء، ما سمي، "باتفاقية الست" المتعلقة بالمشروع النووي الإيراني السلمي من قبل الرئيس ترامب في ولايته الأولى بضغط من إسرائيل، والذي (ترامب) قام بتنسيق مع دولة الاحتلال بضرب المنشآت النووية الإيرانية، بحجج منع إيران من امتلاك السلاح النووي. وهي السياسة النووية ذاتها التي تنتهجها الولايات المتحدة وإسرائيل تجاه دول المنطقة منذ عقود والتي تفسر اقدامها على تدمير المنشآت النووية في العراق وليبيا وسوريا، والتي تعارض أيضا امتلاك المملكة العربية السعودية لهذة التقنيات للأغراض السلمية. والعجيب في الأمر أنها تتهم "باللاسامية "كل من يتجرأ مجرد الحديث عن برامج إسرائيل النووية، ناهيك عن امتلاكها للسلاح النووي. حتى ان السلاح النووي الباكستاني، والذي جاء كسلاح رادع للسلاح الهندي النووي، يشكل، من وجهة النظر الاسرائيلية، خطرا على الكيان الاسرائيلي، باعتبارها "قنبلة نووية إسلامية" من منطلق أن صراعها في المنطقة أساسه وجوهره ديني-توراتي بامتياز !. وهذا، بطبيعة الحال، ينطبق على مصر وتركيا، واية دولة أخرى تندرج ضمن هذا التصنيف الصهيوني، الذي يلقى، وللأسف، التأييد من الحليف الاستراتيجي الأميركي.
 
 
وبعد:
 
 
ألم يحن الوقت للامتين العربية والإسلامية الحديث، وبشكل صريح وجدي، وعلى مختلف المستويات السياسية والدبلوماسية، ولدى المنظمات الدولية، والرأي العام العالمي، وعواصم صنع القرار، حول حقيقة الأخطار التي يشكلها البرنامج النووي العسكري الاسرائيلي على المنطقة والسلم العالمي؟!. فاسرائيل التي حاولت السردية الصهيونية، على مدى العقود الماضية، تصويرها وتقديمها للعالم على أنها الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، والدولة المسالمة وسط محيط عدائي،قد انكشفت حقيقتها العدوانية التوسعية الشريرة، وبخاصة تجاه الشعب الفلسطيني، الذي لا يزال، بسببها، يعاني التشريد والإبادة الجماعية، واطماعها التوسعية تجاه دول وشعوب المنطقة، من منطلقاتها الدينية- التوراتية، وسيطرت اليمين القومي الموغل في العنصرية والتطرف.
 
 
وقد أثبتت ممارسات هذا الكيان الغاصب اليومية، ومنذ أحداث السابع من أكتوبر، وحتى الساعة، أنه هو الذي يمارس سياسات القتل والتدمير، والعدوان الجنوني الغاشم، باستخدام أسلحة الإبادة والتدمير الشامل في المنطقة، ويعلن بعض قادته في الحكم عن إمكانية استخدام الأسلحة النووية ضد شعوب المنطقة. اي أن اليمين الصهيوني لن يتوانى عن استخدام مثل هذه الأسلحة وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، في اوقات وظروف معينة. فامتلاك كيان عنصري يميني متطرف لترسانة نووية تفوق المائتي قنبلة، يشكل خطرا حقيقيا داهما، يهدد دول وشعوب المنطقة، بل والسلم العالمي، لا بد أن يواجه بمواقف وسياسات وإجراءات عملية دولية سريعة ورادعة.
 
 
ويقينا ان الحديث الجاري الآن هو في وقته ومكانه الصحيحين، خاصة في أعقاب ما جرى من عدوان اسرائيلي-أميركي على إيران خلال الأيام الماضية، والذي كان يمكن يؤدي، في ظروف معينة، إلى استخدام مثل هذه الأسلحة الفتاكة وبالغة الخطورة على المنطقة والعالم.
 
 
ان منطقتنا بحاجة ماسة الآن إلى إجراءات عملية عاجلة، وفي إطار ما يجري من جدال حول المشروع النووي الإيراني، لحشد المواقف وتشكيل رأي عام دولي ضاغط، لعقد مؤتمر دولي حول إخلاء هذه المنطقة الاستراتيجية (في مجالات النقل، والاتصالات، والطاقة، والثروات) من أسلحة الدمار الشامل، وفي مقدمتها أسلحة إسرائيل النووية، التي تشكل خطرا وجوديا على المنطقة والعالم. كما أنها دعوة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وغيرها من دول صنع القرار في العالم، وكذا المنظمات الاممية المعنية، لاتخاذ مواقف صريحة في هذا المجال، انطلاقا من دورها ومسؤولياتها تجاه الأمن والسلم العالمي. والعمل على حل كافة المشاكل والصراعات التي تعاني منها المنطقة، وفي مقدمتها إيجاد حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني، بإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، جنبا إلى جنب مع شعوب ودول المنطقة.
 
 
وخلاف ذلك ستبقى دوامة العنف، وعدم الاستقرار، وسباق التسلح، والحروب المدمرة المتوالية، هي سيدة الموقف في هذه المنظمة الاستراتيجية الحساسة.
 
 
وما لم يتم تجريد دولة الاحتلال من اسلحتها النووية، ستبقى المنطقة مفتوحة لمحاولات دولها امتلاك مثل هذه الأسلحة وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في السر والعلن. فالسلام العادل القائم على اساس الحقوق المشروعة لشعوب ودول المنطقة، هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاعات، ومنع الحروب، وإشاعة الاستقرار والرخاء في المنطقة والعالم.
 
 
فهل نشهد تحركا دوليا جديا في هذا الاتجاه؟!.