عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Oct-2025

مشاركة الأردن بدراسة "تاليس".. هل تسهم بتحسين بيئة العمل التعليمية ؟

 الغد-آلاء مظهر

 على أعتاب مشاركة الأردن العام المقبل، في دراسة الدولية للتعليم والتعلم "TALIS"، تتجة الأنظار إلى ما ستقدمه هذه الدراسة من بيانات نوعية ستسهم بتطوير السياسات تعليمية وتحسين بيئة العمل التعليمية بشكل عام.
 
 
وبينما تعتمد هذه الدراسة التي تنظمها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، على استبيانات موجهة للمعلمين ومديري المدارس، أكد خبراء تربويون، أن مشاركة الأردن في الدراسة الدولية TALIS 2026 تمثل فرصة ثمينة لتسليط الضوء على واقع التعليم من منظور شامل ومتكامل، يعتمد على بيانات حقيقية وتحليل علمي دقيق لأداء النظام التعليمي، لرسم خارطة طريق لتطويره، ليس من أجل الاختبار نفسه، بل لتطوير عناصر النظام لتؤدي دورها بشكل فعال.
وبينوا في أحاديثهم المنفصلة لـ"الغد"، أن المشاركة باختبار "تاليس" تمثل ركيزة أساسية بمسيرة تطوير التعليم، لأنها تمنح الدول الفرصة لرؤية أنظمتها التعليمية بوضوح من الداخل، ومقارنتها عالميًا، وتحديد مسارات التحسين بدقة.
وأوضحوا، أن مخرجات دراسة (TALIS) تمكن صانعي السياسات من بناء وتصميم خطط تطويرية تستند للأدلة والبينات الدقيقة، ما يسهم بفعالية بتعزيز جودة التعليم، وتحسين بيئة العمل المدرسية، ورفع كفاءة القيادة التعليمية
وفي هذا السياق، قال الخبير التربوي د. محمد أبو غزلة، إن في ظل التحديات المتسارعة التي تواجه أنظمة التعليم عالمياً، أصبح الاعتماد على البيانات الدقيقة والتحليل العلمي، ضرورة ملحة لتطوير السياسات التعليمية، وصياغة استجابات فاعلة تلبي متطلبات المرحلة، ومن هنا تأتي أهمية الدراسة الدولية للتعليم والتعلم (TALIS) التي تجريها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، باعتبارها من أبرز الدراسات التي تركز على المعلمين وقادة المدارس.
وأضاف، أن دراسة "TALIS"، تعنى بجمع بيانات تفصيلية حول مجموعة من المحاور الأساسية عن هذه الفئات، ومن بينها ممارسات التدريس والتعليم من قبل المعلمين داخل الغرف الصفية، وأساليب التقييم التي يستخدمها المعلمون بتقييم أداء الطلبة، وبرامج التطوير والتدريب التي يتعرضون لها، بالإضافة لبيئة العمل التي توفرها الإدارات المدرسية للمعلمين بشكل عام وللمعلمين الجدد، والتكنولوجيا المستخدمة بالتعليم، لفهم الواقع التربوي من داخل المدارس، استنادا إلى تجارب وملاحظات المعنيين بالتدريس بشكل مباشر ما يضفي على نتائج هذه الدراسة مصداقية وواقعية  تجعلها أداة مرجعية لتطوير السياسات التعليمية على مستوى النظام ككل.
وتابع، عبر المشاركة في TALIS، بالدورة القادمة يمكن للقائمين على النظام التعليمي في الأردن الوصول لقاعدة بيانات عالمية غنية بالمؤشرات الكمية والنوعية، تتيح لهم إجراء مقارنات مرجعية مع الأنظمة التعليمية الأخرى، وفهم موقع الأردن على خريطة الأداء التربوي العالمي، بالإضافة إلى انه يتوقع أن توفر هذه البيانات فرصة لفهم أعمق للتحديات التي تواجه المعلمين، الأمر الذي يتطلب إعادة تصميم السياسات التعليمية لتكون أكثر استجابة لاحتياجات الميدان التربوي.
كما أن هذه الدراسة، بحسب أبو غزلة، تقدم بيانات نوعية حول طبيعة الأدوار القيادية وأساليب الإدارة التي يستخدمها مدراء المدارس، ومدى تأثير القيادة التربوية في تهيئة بيئة تعليمية إيجابية لذا ستشكل المشاركة فرصة للقائمين على التدريب التربوي لتحديد فجوات التدريب والتطوير المهني للمعلمين والمديرين، وتحليل طبيعة الفرص المتاحة لهم، ومحتوى البرامج التدريبية التي يجب تصميمها وتقديمها للمعلمين والتي يمكن أن تستجيب للاحتياجات الفعلية للمعلمين بما يسهم في تحسين جودة التعليم من داخل الغرف الصفية وهذا يعزز من ثقافة التعلم المستمر داخل المدارس، وبذلك تكون المدرسة وحدة أساسية للتطوير بالفعل.
وبين، أن نتائج المشاركة، في مثل هذه الاختبارات الدولية من شأنها أن تكون رافعة مهمة لتطوير عناصر التعليم المختلفة وتعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة التعليمية، لأنها يمكن أن تقود لبناء حوار وطني مدرسي ومجتمعي، مستند لبيانات علمية تشارك فيه مختلف الجهات المعنية من صناع السياسات، وإدارات تربوية، ومعلمين، ومؤسسات مجتمع مدني، لافتا إلى أن هذا الحوار سيؤدي لوضع خريطة طريق واضحة لإصلاح النظام التعليمي قائمة على أسس واقعية ومعايير دولية، وتكون أساسا لتحقيق التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف الرابع المتعلق بتوفير تعليم جيد ومنصف وشامل للجميع.
وأكد، إن تعاون مختلف المستويات القيادية والإدارية والفنية بالنظام التعليمي هو الأساس لضمان تحسين نتائج المشاركة في الاختبار، وهو مفتاح النجاح لإعطاء صورة إيجابية، وعليه يمكن للقائمين على النظام التعليمي في الوزارة، لعب الدور المركزي بتوجيه جهود تحسين جودة التعليم عبر هذه المشاركة بالاستفادة من النتائج التي ستتمخض عن المشاركة، وذلك عبر صياغة سياسات وطنية واضحة ومبنية على بيانات الدراسة، وتحويلها إلى خطط تنفيذية قابلة للقياس والتقييم.
وأشار، لضرورة أن تعمل الوزارة على تعزيز وتشجيع ثقافة المشاركة، والتأكيد على أهمية الشفافية خلال تنفيذ الاختبار،لافتا إلى أن نتائج هذه الدراسة تسهم بإعداد تقارير وطنية تدعم رسم السياسات التعليمية وتدعم التخطيط الاستراتيجي، وتساعد في توزيع الموارد التعليمية بشكل أمثل.
وتابع، كما على القيادات، بمديريات التربية والتعليم وضع الخطط التنفيذية الكفيلة بالمشاركة وتحسين النتائج، وتوفير الدعم للمدارس لضمان مشاركتها الفاعلة في الدراسة إضافة إلى متابعة تدريب وتوعية القيادات المدرسية والمعلمين على نماذج من أسئلة الدراسات السابقة التي نفذتها المنظمة في دول أخرى، وتفعيل دور الإشراف التربوي والإداري اللازم قبل وأثناء عملية تنفيذ الدراسة وبعدها، والاستفادة من البيانات والنتائج على مستوى مدارس المديرية واستخلاص التحديات المشتركة، ومن ثم العمل على وضع خطط تلبي الاحتياجات الفعلية للقيادات المدرسية والمعلمين والطلبة بما يحقق رفع جودة التدريس والإدارة داخل المدارس،بحسب أبو غزلة.
وبين، أن على الإدارات المدرسية أيضًا العمل على تعزيز فهم المعلمين والإداريين لأهمية المشاركة في الدراسة باعتبارها فرصة لتطوير السياسات في مجال التدريس والتطوير المهني. 
واكد أبو غزلة أن مشاركة الأردن في الدراسة الدولية "TALIS 2026" تمثل فرصة ثمينة لتسليط الضوء على واقع التعليم من منظور شامل ومتكامل، يعتمد على بيانات حقيقية وتحليل علمي دقيق لأداء النظام التعليمي، لرسم خارطة طريق لتطويره، ليس من أجل الاختبار نفسه، بل من أجل تطوير عناصر النظام لتؤدي دورها بشكل فعال.
 وأوضح أن الاستفادة من نتائج هذه الدراسة يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحسين ممارسات التدريس، وتعزيز الدعم المهني للمعلمين، ورفع جودة القيادة المدرسية، وتحسين بيئة العمل التعليمية بشكل عام،لافتا إلى أن ذلك لا يتحقق إلا بتضافر جهود الوزارة، ومديريات التربية والتعليم، والمدارس، والمعلمين، ومؤسسات المجتمع، مع الالتزام بتنفيذ الخطط التطويرية المستندة إلى نتائج الدراسة، وهنا يمكن للأردن أن يعزز موقعه التعليمي دوليا، ويضمن توفير تعليم نوعي ومستدام يلبي تطلعات أبنائه ويواكب التحديات المستقبلية.
فهم واقع التعليم
بدورها، قالت الخبيرة التربوية، د.حنان العمري إن المسح الدولي للتعليم والتعلم "تاليس"، يعد أحد أهم الدراسات التي تُجريها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ويهدف لفهم واقع التعليم من وجهة نظر المعلمين والقيادات المدرسية ومديري المدارس، بوصفهم الركيزة الأساسية لأي عملية تطوير تربوي.
وأضافت أن هذا المسح يختلف عن اختبارات الأداء الأكاديمي مثل "PISA أو PIRLS"، إذ لا يقيس تحصيل الطلاب، بل يركز على البيئة التعليمية وممارسات التدريس والقيادة المدرسية وظروف عمل المعلمين، وعبر ذلك يوفر "تاليس" صورة دقيقة وعميقة عن واقع التعليم داخل المدارس، ويساعد الأنظمة التعليمية على بناء سياسات أكثر فاعلية وارتباطًا بالواقع.
واشارت، إلى أن أهمية دراسة "تاليس" تنبع من كونها منصة علمية عالمية تتيح للدول مقارنة أنظمتها التعليمية بأنظمة الدول الأخرى، وفهم نقاط القوة والتحديات في مجال إعداد المعلمين ودعمهم المهني، ومدى تأثير القيادة المدرسية على جودة التدريس،لافتة إلى أن هذا المسح يُعدّ أداة أساسية لصنّاع القرار في رسم إستراتيجيات التطوير التربوي المبنية على الأدلة، ويُسهم بتعزيز ثقافة التقييم الذاتي والتحسين المستمر في المؤسسات التعليمية. كما يرفع من مكانة المعلم المهنية، ويمنحه صوتًا فاعلًا في تحديد احتياجات التعليم المستقبلية.
وبينت، أن المشاركة في دراسة "تاليس" تكتسب أهمية كبيرة لأنها تمثل فرصة للدول لعرض تجربتها التعليمية ضمن السياق الدولي، وتُمكّنها من تقييم مستوى جودة التعليم استنادًا لبيانات واقعية ودقيقة، فالمشاركة تعني الانخراط في جهد عالمي لتحسين التعليم عبر تبادل الخبرات وتبنّي الممارسات المثلى في إعداد المعلمين وإدارة المدارس، كما أن المشاركة الفاعلة تتيح للدولة أن تحدد موقعها على الخريطة التعليمية العالمية، وأن تتعرّف إلى الفجوات في سياساتها وممارساتها الحالية بهدف تطويرها.
وأوضحت العمري أن الوعي بالمشاركة يعد من العوامل الحاسمة بنجاح الدراسة وتحقيق أهدافها، إذ يجب أن يدرك المعلمون والمديرون أن دراسة "تاليس" لا تستخدم لتقييم الأفراد، بل لتقييم النظام التعليمي ككل،لافتة إلى أن هذا الوعي يُعزز من جودة الاستجابات ودقتها، ويجعل المشاركة نابعة من إحساس بالمسؤولية المهنية، لا من أداء إلزامي.
ولتحقيق ذلك، بحسب العمري، ينبغي نشر ثقافة تاليس بين العاملين في التعليم عبر الندوات والورش التدريبية والتواصل المؤسسي الواضح  لتوضيح أن المشاركة في المسح تعني الإسهام في تطوير التعليم على المستوى  الوطني وتحسين مهنة التدريس.
وأشارت إلى أن الاستفادة من نتائج "تاليس" تتمثل في تحليل البيانات المستخلصة منه بعمق وربطها بخطط التطوير الوطنية إذ تُظهر نتائج المسح واقع القيادة المدرسية، ومستوى التدريب المهني، ودرجة رضا المعلمين، وأبرز التحديات في بيئة العمل وعبر هذه المؤشرات يمكن للجهات المعنية صياغة برامج تطوير مهني أكثر استهدافًا وتحسين بيئة التعليم عبر سياسات تُعزز الحوافز، وتوفر الدعم النفسي والمهني للمعلمين، وتُشجع على الإبداع والابتكار في أساليب التدريس، كما يمكن الاستفادة من النتائج في مراجعة أنظمة الإعداد الجامعي للمعلمين، وتحديث مناهجهم بما يواكب احتياجات القرن 21.
وتنعكس هذه الجهود مباشرة على جودة التعليم ومخرجاته، إذ تُظهر الدراسات أن جودة النظام التعليمي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكفاءة المعلمين ورضاهم الوظيفي، فالمعلم المُمكَّن والمدعوم ببيئة إيجابية يؤدي دوره بفاعلية أكبر، مما يرفع مستوى تحصيل الطلاب، ويُنمّي لديهم مهارات التفكير والتحليل والتعاون، وفقا للعمري.
ونوهت الى أن النتائج الدقيقة التي يوفّرها تاليس تُساعد المدارس على تحسين ممارساتها الداخلية، وتعزيز ثقافة العمل الجماعي بين المعلمين، ورفع مستوى القيادة المدرسية، ما يؤدي في النهاية لتحسين نواتج التعلم وجودة التعليم الوطني بشكل ملموس.
وأكدت العمري أن المشاركة في دراسة "تاليس" تمثل ركيزة أساسية في مسيرة تطوير التعليم، لأنها تمنح الدول الفرصة لرؤية أنظمتها التعليمية بوضوح من الداخل، ومقارنتها عالميًا، وتحديد مسارات التحسين بدقة،كما تعزز المشاركة الوعي بأهمية المعلم والقيادة المدرسية، وتشجع على بناء سياسات قائمة على الأدلة، تضمن تحقيق تعليم عالي الجودة ومستدام وشامل يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة، ويستجيب لتحديات العصر الرقمي، ويهيئ المتعلمين لقيادة المستقبل بثقة وكفاءة في عالم متغير وسريع التطور.
قاعدة بيانات تحليلية معمقة
من جانبه، قال الخبير التربوي عايش النوايسة، إن الهدف الأساسي من الدراسة الدولية للتعليم (TALIS) توفير قاعدة بيانات تحليلية معمّقة، تُستخدم لبلورة وتطوير السياسات التعليمية الموجهة نحو الارتقاء بمستوى أداء كل من المعلمين ومديري المدارس.
وبين، أن هذه الدراسة تختص بإجراء تحليل شامل للأوضاع المهنية، والممارسات التربوية، وظروف عمل المعلمين ومديري المدارس ضمن أكثر من 50 دولة مشاركة، لافتا إلى أن "تايلس" تسعى بصورة محورية لتجميع البيانات التي تدعم صياغة سياسات تعليمية فاعلة، وتُسهم بالارتقاء بجودة مهنة التدريس علاوة على ذلك، تُتيح الدراسة للمعلمين منصة للتعبير عن منظورهم تجاه قضايا التعليم والتعلم وبيئات العمل، وتُمكّن من إجراء مقارنات هيكلية بين الأنظمة التعليمية العالمية لتبادل الخبرات وتجويد المخرجات التعليمية.
وتُنظَّم هذه الدراسة، بحسب النوايسة بشكل دوري كل 5 سنوات، وتتناول محاور مفصلية تشمل: القيادة التربوية، بيئة الفصل الدراسي، التطوير المهني المستمر، ومناخ العمل المؤسسي داخل المنشآت التعليمية.
وأشار، إلى أن المشاركة بدراسة "TALIS" الدولية تعتبر خطوة استراتيجية بالغة الأهمية نحو دفع عجلة تطوير التعليم وضمان جودته، إذ تُشكل هذه الدراسة مرآة واقعية وموضوعية تعكس حقيقة مهنة التعليم من زاوية المعلمين وقادة المدارس الممارسين، وتُسلط الضوء على ممارساتهم اليومية، وظروفهم التشغيلية، واحتياجاتهم التنموية، عبر الانخراط في هذا المسح، تتمكن الدول من وضع نظامها التعليمي في سياق مقارن مع منظومات تعليمية عالمية أخرى، الأمر الذي يفتح آفاقاً لاكتشاف نقاط التميز والقصور، واستلهام النماذج والتجارب الناجحة القابلة للتطبيق في تطوير السياسات التربوية، وبرامج إعداد وتأهيل المعلمين، والتدريب المهني المستدام.
وأوضح، أن مخرجات دراسة "TALIS" تمكن صانعي السياسات من بناء وتصميم خطط تطويرية تستند إلى الأدلة والبينات الدقيقة، ما يسهم بفعالية بتعزيز جودة التعليم، وتحسين بيئة العمل المدرسية، ورفع كفاءة القيادة التعليمية،لافتا إلى أن هذه الدراسة تُمثل صوتاً أصيلاً للمعلمين، ينقل آرائهم والتحديات التي يواجهونها، ويدعم صياغة سياسات تتميز بالعدالة والواقعية وتُلبي متطلباتهم الفعلية، وعبر تحليل نتائجها بعمق، يمكن توجيه الجهود نحو تعزيز مستوى الرضا المهني، وتحفيز الإبداع التربوي، وتشكيل بيئة تعليمية أكثر دعماً وتمكيناً، وهو ما ينعكس إيجاباً وبشكل مباشر على تحصيل الطلبة ونمو النظام التعليمي ككل.