عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Nov-2024

"فلسطين في الشعر العربي القديم" للمعيني.. قراءة المكان والإنسان

 الغد-عزيزة علي

 يقول أستاذ الأدب العربي ونقده بجامعة اليرموك د. عبد الحميد المعيني، إن فلسطين هي القضية المركزية الأسمى والأهم في بلاد العرب أوطاني، والعابرين للقارات والمحيطات في العالم المعاصر، حاملة ملفاتها في المعاناة والتحمل والاحتمال من القهر والقتل والتشريد والإبادة ما لا يطيقه غير أهلها من الشعوب والأمم. جاء ذلك في مقدمة كتابه "فلسطين في الشعر العربي القديم قراءة المكان والإنسان" الصادر عن دار يافا للنشر والتوزيع.
 
 
يرى المعيني أن فلسطين في القديم تعد سيدة الإبداع الشعري والى يومنا هذا، وفاتنة الشعراء، وجاذبة الأدباء والعلماء والفقهاء وغيرهم، وكانت وظلت أعظم سردية شعرية إبداعية. مبينا أن الشعراء قديما كانوا عاشقين لفلسطين، حملوا إليها أمانة الكلمة الطيبة، وأطلقوا فيها مسؤولية المحكمة وقوة الرسالة الأدبية، وأنشدوا لها على دروب المكان، وفي مضارب الإنسان أسرار حبهم لفلسطين.
 
ونثروا هؤلاء ورود شعرهم لمدنها وحواضرها وقراها، وعرضوا أراءهم ورؤاهم وتجاربهم واهتماماتهم وإعجابهم بها، وأرخوا للمشاهد والشواهد على طول تنقلاتهم في مناطقها الجبلية والغورية والساحلية، وهؤلاء الشعراء القامات والقمم هم أصحاب العزائم والهمم، وهم الذين رسموا لها لوحاتهم الشعرية بمنارات للحرية والتحرير في فلسطين، وظلوا الأوفياء في الدفاع عن أهل الأرض، وشجر الأرض. ورفعوا عالياً رايات الاحتفالات بالنصر والصمود والصبر والبقاء والوجود، ومشاغل الثقافة والحضارة في القديم والحديث.
ويقول المؤلف: إن هذا الكتاب يتناول اسم فلسطن وعنوانها وتاريخ وجودها وثقافتها وحضارتها في آفاق الإبداع الشعري، وفضاءات الإنجاز الأدبي، وروائع التراث العربي القديم، ويقرأ فلسطين المكان العريق، وفلسطين الإنسان الشخصية المبدعة المرتبطة بهذا المكان الوطن في عيون النصوص الشعرية، وخوالد القصائد العمودية التي أنشدها الشعراء الذين أقبلوا على فلسطين، وعاشوا في مناطقها ومواطنها، والذين عرفوا فلسطين من خارجها، وكتبوا لها الأشعار، وكان لهؤلاء وغيرهم حضور وإبداع وإنجاز وانتماء على امتداد شعرنا العربي في القرون القديمة المتتابعة حتى بدايات القرن السادس الهجري كما سنذكر لاحقا.
ويضيف، هذا الكتاب يدون اسم فلسطين، وأسماء الأماكن والشخصيات الفلسطينية التي ورد ذكرها في تلك النصوص والقصائد الشعرية، ويرون قراءتها قراءة تضاف إلى قراءات، سابقات، محاولة الاقتراب من إضافات جديدة مفيدة في التصور واليقين، وهذه القراءة منهج يتعامل مع التلقي ونظرياته، ومع القراء وتصوراتهم وآرائهم.
ثم تحدث المعيني عن المؤلفات والكتب والدراسات التي عُنيت بالشعر العربي القديم، وأرخت له، وقامت بدراسات مستفيضة فيه، وعنه، وحوله، فإننا لا نجد اهتماماً ورعاية وتصورا من هذه الدراسات والبحوث لفلسطين/ المكان والإنسان، الثقافة والحضارة في شعرنا العربي القديم، ولا نقرأ معالجات جادة، واهتمامات حادة لأماكنها وشخصياتها الفلسطينية في تلك الفترة القديمة العظيمة من تاريخنا الأدبي وتراثنا الشعري العربي الذي توزعه الدواوين والمختارات الشعرية والموسوعات الأدبية والمخطوطات القديمة وغيرها، إذ ضمت هذه المؤلفات مئات القصائد والمقطوعات والنصوص الشعرية في القرون القديمات بداية من العصر الجاهلي.
ويشير المؤلف إلى "أن ثمة الكثير من الكتب المدونة والمؤلفات التاريخية والجغرافية والإنسانية لا تعنى بالمشاهد والشواهد الفنية الأدبية عامة، ولا تحفل بالنصوص الشعرية الفلسطينية خاصة، بالرغم من أثرها وتأثيرها، ومن قيمها وأهميتها وضرورة وجودها في تلك المؤلفات والمدونات والكتابات، وإقصاء هذه النصوص الشعرية في تصوري أمر لا تستقيم معه المروءات والمكارم، ولا المجالات المعلوماتية والمعرفية، وشأن لا ينبغي أن نحفل به، ونعتاد عليه، ونقبل به".
ويوضح المعيني أن هناك إهمالا وإغفالا وتقصيرا لا يليق بشعر هذه البلاد الشامخة الصامدة وهي فلسطين، والضاربة جذور وجودها منذ آلاف السنين في عمق الزمن، فالحياة شعر وفن وثقافة وحضارة، وكيف لشعرها أن يغيب ويُغيَّب، وأن يفصل وينفصل عن ديوان الشعر العربي القديم.
ويقول المؤلف: قمت بالبحث عن هذه القصائد والنصوص في مساكنها ومناكبها، وفي دواوين شعرائها، وكتب تراثها، وأماكن وجودها، مستعينا بالله، ومستفيدا من أدوات البحث، ووسائل المعالجات ومتظافرا متصادقا مع الهمة والعزيمة الكد، ووجدت بعد هذا العمل المضني والشاق المتعب مجموعة كبيرة من القصائد الصالحات التي يمكن أن تشكل ديوانا شعريا له أهميته وأثره وتأثيره، وكانت المفاجأة الكبرى في حجم هذا الشعر ومحتواه وكثرته، وأدركت أنه شعر ديوان واسع وممتد.
وكشفت هذه الإحصائية ما يلي: "أكثر من مائتي قصيدة ونص شعري إبداعي، ولأكثر من مائة شاعر وشاعرة من الكبار والشوامخ والمشهورين والمعروفين، وعدد الأبيات الشعرية في هذه القصائد يزيد على خمسة آلاف بيت، وفيها ما يزيد على ثلاثين مكانا مرموقا في الشعر، ومئات الشخصيات الفذة والأعلام البارزين في فلسطين، وتكرر اسم فلسطين ما يقرب من عشرين مرة في هذا الشعر، وتكررت أسماء أماكنها أكثر من مرة عند الشاعر ذاته، وعند الشعراء أحياناً حتى وصل بعضها إلى عشرات المرات للمكان الواحد".
وخلص إلى أن هذا الشعر يشكل ديوانا فخما خاصا خالصا لفلسطين: المكان والإنسان في ميادين الثقافة والآداب والفنون والجمال من العصور القديمة.
وفي كلمة على غلاف الكتاب يقول فيها المؤلف "أثبت الكتاب أن فلسطين بلاد الإبداع الشعري القديم، ومن حقها أن تكون حاضرة شعرية، وموطنا أدبيا، ويكون لها تاريخ شعرها الأدبي الخاص بها، مثل غيرها من الحواضر والمواطن الشعرية العربية القديمة.
وأنجز الكتاب ديوان الشعر الفلسطيني جمعــا وتوثيقــا، وقرأ أهمية وقيمة هذا الشعر الذي كانت البدايات الأولى والأصول الصحيحة الصّالحة لهذا الإرث الإبداعي الثقافي الحضاري، وكتب قصائد الديوان، الشعراء الكبار من أبناء فلسطين، ومن الوافدين عليها، وفي مقدمتهم: المتنبي والبحتري وأبو تمام والفرزدق والغزي والتهامي والعاملي وغيرهم.