عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Oct-2022

الرئيس في معان وخطاب الكرامة*د. مهند مبيضين

 الدستور

زيارة رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونه وفريقه الحكومي لمدينة معان بعد نحو أسبوع ونيف من زيارته للطفيلة، تعني الكثير، وتوقيتها في صالح الحكومة، من حيث عمرها/ ومؤشرات بقائها ومن حيث ابراز قدراتها في الوصول للناس والحديث معهم، في مناطق كانت عادة تشكل عبئا على الحكومات وزادت فجوة الثقة فيها بين المواطن وبين المسؤول، وفي تلك المناطق وغيرها غضب وعتب وسوء خدمات وفقر وبطالة وهذا امر لا كشف جديدا فيه.
تحدث الرئيس عن الكرامة والشهامة والمروءة، وتضحيات الناس ودورهم في بناء وطنهم، وهذا كلام مهم، ولكنه في سياق معنوي فقط، والرئيس يعترف بالتقصير من قبل الحكومات، ويتحدث عن التحديات، وقدم وعودا بتنمية وحياة أفضل، وهي وعود معقولة، ربطها بالاستثمار وجلب المشاريع، والتعاون مع القطاع الخاص بشكل أكبر.
من حيث دور الحكومة، كان هنا تأكيد على اجراء بعض المشاريع الخدمية في الطرق والمياه، لكن المهم هو الإعلان عن أن الحكومة تقود جهودا لـ»دراسة جادَّة» تجريها وزارة الطاقة والثَّروة المعدنيَّة لتزويد المدن الصناعيَّة في الأردن بالغاز المصري؛ بما يقلِّل من كُلف الإنتاج على الصِّناعات. كما أعلن أن الحكومة تنتظر خلال شهرين دراسة لأحد الصَّناديق السِّياديَّة العربيَّة بخصوص الميناء البرِّي في محافظة معان.
مع أنه غير مفهوم لماذا نعتمد على الغاز المصري ولا تزود المدن الصناعية بالطاقة النظيفة التي ينتجها الأردن ولدية مخزون منها ويريد تصديرها للبنان، إلا ان المهم هو تخفيض كلف الإنتاج على الاستثمارات الصناعية وفي الفنادق من خلال تخفيض أسعار الطاقة او السماح لها ببناء محطات شمسية تعطيها كافة احتياجاتها من الطاقة.
المُريح في زيارة الخصاونه التي شملت أكثر من 18 وزيراً التقوا بالناس، أنها تأتي في ظلّ ظروف معقده عالميًا، وفي ظلال تأثير أزمات عالمية، ولكنها تُظهر ارتياحاً حكومياً واطمئناناً يجعلها قادرة وحاسمة امرها في الذهاب للناس في الميدان والانصات لهمومهم، حتى وإن كانت الحلول شحيحة ومرتبطة بتحول قيمي يتعلق بالمهن التي يقبل عليها الشباب ، أو في نوعية التعليم المستقبلي.
إشكاليّة الرئيس الخصاونه عند البعض هي أنه لا يقطع وعوداً للناس، وهي من جهة أخرى إيجابية بل ميزة مهمة لرجل يعرف امكانيات بلده، ولا يحب الوعود الطائشة وممارسة البلاغات المنتهية بأزمات مضاعفة، وهو يتحرك بمخاوف ناتجة عن أخطاء لأسلافه ركنوا قوارب حكوماتهم في الدوار الرابع وتركوا الغضب والشعور بعدم الثقة في الحكومات مرضاً تزداد اعراضه في الأطراف.
أخيراً، زيارة الحكومة للأطراف مهمة، لكن المهم هي زيارة الرئيس لعمق الازمات، ولعلّ تطوير منظومة استجابة للتحديات الاجتماعية ( الأردن من اكثر الدول شعورا بالسلبية وبالأمراض النفسية)، ونوعية التعليم (تقرير البنك الدولي الأخير عن التعليم في الأردن مهم ومخيب) وهناك تحدي المخدرات الكبير والذي يتدحرج، وفي كل هذا هناك حاجة لتحديث فريق الرئيس وثمة ضرورة قصوى لجراحة عميقة في القيادات العامة في البلد.