الراي - وليد سليمان - أرغفة الخبز هي المادة الغذائية الأولى لنا نحن العرب.. ومنهم نحن الأردنيين.. ففي أزمة الوباء العالمي» كارونا» هذه الأيام، وبسبب لزومنا في بيوتنا لحفظ صحتنا.. فإن الخبز أصبح مهماً جداً في يوميات حياتنا مهما كان نوع الخبز وشكله وحجمه.
وترجع بنا الذاكرة لأيام الصفاء والاختيار ما بين أنواع الخبز المتعددة والكثيرة التي كانت تصنعها أفران عمان في الفترة السابقة.
خبز الطابون
فقد كان صديقي قديماً لا تعجبه أرغفة الخبز الآلي الحديثة نسبياً.. لأنه كان من عشاق رغيف الطابون.. والذي يبحث عنه دائماً في عدة أفران قليلة هنا وهناك في مناطق عمان الشعبية.. رغم ان هذا الرغيف في أفران المدن الأردنية هو رغيف طابون صناعي!!.
وصديقي هو من مواليد منطقة جرش؛ هذا المكان الذي تحيط به عدة قرى للفلاحين الذين حافظ البعض منهم على وجود طابون حقيقي في حاكورة بيته او مزرعته.. حيث يرى هؤلاء ان وجود الطابون ضرورة حياتية ومكمل غذائي شهي جداً لإنتاج أرغفة خبز الطابون الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
ويرفع صديقي من شهيتنا في هذه الأيام -أيام الحصار الصحي- إذ يقول وبحنين جارف معتبراً ان اجمل رائحة للقرية عندما تدخلها.. هو تنسم رائحة الطابون.. مما كان يستدعيه لالتهام رغيف طابون ساخن مع بعض زيت الزيتون او الجبنة البيضاء او مع الزعتر البلدي.. او ربما اكل رغيف طابونٍ (حافاً) دون أي (غماس).
رغيف المشروح
وعن ذكريات خبز التنور- المشروح- في عمان رغم قلة عددها الا انها اخذت منذ سنوات سابقة بالازدياد بعض الشيء هنا وهناك في مناطق عمان المختلفة.. وذلك راجع الى الطلب الكبير من المواطنين على شراء هذا النوع الشعبي من الخبز الاردني الشهي الذي لا تقاومه العين لمنظره الدائري الجميل المُحمر، ولا الانف لرائحته الطيبة، ولا للفم حيث مذاق طعمه اللذيذ.
وهنا نتذكر اغنية المطرب العراقي القديم والشهير «ناظم الغزالي» التي يتغنى فيها: «من ورا التنور تناوشني الرغيف.. يا رغيف الحلوة يكفيني سنة».. لذلك فان اصل هذا التنور هو من العراق بلاد الرافدين.. ثم انه انتشر في بعض الدول العربية ومنها الاردن قديما.
وخبز التنور والمسمى بخبز المشروح يؤكل مع أي طعام.. وهو ألذ ما يكون تناوله ساخنا وطازجا مع زيت الزيتون والزيتون واكواب الشاي، كذلك يستعمله الكثيرون عند اعداد المناسف مع الجميد واللحم بوضعه في قاع سدر المنسف فهو يتشرب لبن الجميد جيدا بعكس خبز الشراك المصنوع على الصاج لانه يكون ناضجا ومستويا اكثر.
وفي الايام العادية وبالذات يومي الخميس والجمعة- والتي نتمنى من االله ان تعود بسرعةٍ–يزداد الطلب عليه كثيرا بسبب اعداد المناسف للمناسبات الاجتماعية.
كذلك فان العديد من المطاعم كانت تطلب أعدادا كثيرة من هذه الارغفة التي تعجن من حبوب القمح الكامل مما يكسبه طعما مميزا ولونا ضاربا للسمرة.. حتى ان بعض الناس يأكلونه حافا دون طعام فهو لوحده يعتبر وجبة لانه غني بالالياف وذو قيمة غذائية عالية.
وفرن التنور كان يصنع قديما من الطين، اما الان فمن الصاج الحديد الذي يبطن جدران الفرن من الداخل.. والفرن بشكله هو اشبه بالكرة او القبة وفي اسفلها النار المشتعلة.
وفي عمان الان لا توجد من اشكال وتصميم هذا النوع من افران التنور الا عدد قليل تعد باصابع اليد الواحدة.. اما باقي افران التنور الاخرى فقد اصبحت تدور على صاج كهربائي.
الخبز الشعبي
اما عن أنواع الخبز الشعبي والذي اشتهر منذ القديم في مناطق الارياف والبوادي فانه ما زال مطلوبا ايضا من الناس وبكثرة بالذات في مدننا.. فهي ما زالت كنوع من الحنين للماضي الشعبي الجميل؛ مثل خبز الطابون والمشروح والشراك والخبز المرق او العربي.
خبز الشراك
الخبزعلى الصاج هي طريقة تقليدية متبعة في الأردن وخاصة عند أبناء البادية، كما وتعتبر من أسهل الطرق التي عرفها الإنسان في تحضير الخبز.
والصاج عبارة عن قبة حديدية ملساء تثبت على ثلاث حجارة، بحيث يمكن إيقاد النار تحت الصاج حتى يسخن تماماً، وبعد ذلك يتم رق العجينة، وذلك بنقلها من كف إلى كف، ثم توضع على الصاج الحامي، عندها يقوم الخباز بنزع الرغيف بأطراف أصابعه، ويسمى الرغيف المخبوز على الصاج"الشِّراكة» كما تسمى العملية بحد ذاتها التشريك.
والمواد التي تستعمل لإشعال النار تحت الصاج فهي نباتات جافة كانت تنبت على ضفاف السيول الصحراوية، ويقوم بجمع هذه الأعشاب عادة أي فرد من العائلة نظراً لتوفرها.
الخبز الحديث
وكان الناس قديماً ومنذ خمسينيات القرن الماضي قد تعرفوا على انواع جديدة من الخبز غير المنزلي وهو خبز الافران الجاهز.. والذي يباع للمواطنين بسبب ازدياد عدد سكان المدن وصعوبة حيازة كل بيت لفرن خاص في المنزل.
لذا أخذت تظهر في تلك الافران قديماً ارغفة الكماج والكهرباء والحمام.. الخ.
لكن وفي فترة السبعينيات اخذت انواع اخرى من الخبز تظهر في عمان ومدن اخرى في الاردن وهو: الخبز الكهربائي وهو الخبز الشبيه بالكماج.. لكنه رقيق جداً ويسمى هذا الخبز بالخبز البيروتي لأن الفكرة جاءت من لبنان.
وهذا الخبز يتم صنعه بواسطة آلات كهربائية ضخمة، حيث تقوم بعجن ورقِّ وخَبز الارغفة بشكل آلي جداً.. وبذلك فهي تنتج آلاف الارغفة في الساعة الواحدة.
خبز خاص للحالاتٍ الصحية
وفي عمان توجد بعض الافران الحديثة جداً والتي تقوم بصنع جميع انواع واشكال الخبز العربي والافرنجي وبعدة احجام مختلفة - ولا ندري الآن في ظل هذه الظروف الاستثنائية أنها ما زالت تصنع هذه الارغفة أم لا- مثل:
خبز النخالة لمرضى الضغط، واخر لمرضى السكري، وخبز القمح البلدي وخبز الارز لمرضى حساسية القمح، وخبز الذرة، وخبز شعير ضد الكولسترول الضار، وخبز نخالة مع حبوب القزحة، وخبز طابون قمح، و طابون عادي ومنهما الصغير والكبير الحجم ايضاً، وخبز الصويا، والخبز الفرنسي، وخبز النقانق، وخبز الهامبرغر، وخبز التوست، والخبز المنقوش، وخبز الراين الالماني، وخبز عباد الشمس...الخ