المسعى اليهودي لتصفية القضية الفلسطينية.. إلى أين؟*أ.د. أمين مشاقبة
الراي
عبر ثلاثين عاماً استطاع اليمين المتطرف في إسرائيل من إنهاء اتفاق أوسلو الذي ركَّز على اقامة دولة فلسطينية مستقلة في غضون خمس سنوات من سنة التوقيع عام 1993 والانتهاء من قضايا الحل النهائي وهي الحدود، والقدس واللاجئين والمياه، وبذا خدع العقل الصهيوني كل العرب وخصوصاً الشعب الفلسطيني، وتدريجياً يتم تصفية الصراع على حساب الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، وبالتالي هم لا يريدون السلام ولا اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وفي قانون الدولة اليهودية تم إعلان أن القدس هي العاصمة الأبدية لِـ"إسرا?يل» وأن الدولة هي يهودية أرضاً ومواطنين، وبالنظر للواقع على الأرض فإن منطقتي (أ) و(ب) تساوي 38% من مجموع أراضي الضفة الغربية و62% هي (ج) التي استطاعت إسرائيل منذ توقيع «أوسلو» إلى إنشاء 444 مستوطنة وبؤرة استيطانية تضم 950 ألف مستوطن تحيط بالكامل في المدن والقرى الفلسطينية، ناهيك عن تهويد القدس الشريف، وتثبيت التقسيم الزماني للمسجد الأقصى مع التحول لإنهاء الوجود المقدسي في القدس وتصفية وتقليل أكبر عدد من السكان العرب والمسيحيين.
كل ذلك يؤشر أن مفهوم حل الدولتين قد انتهى عملياً، وحتى الموقف الأميركي حول حل الدولتين هو لفظي ولا توجد جدية في الضغط على إسرائيل بهذا الإتجاه، وفي خطاب الجمعية العامة للأمم المتحدة أبرز الرئيس الإسرائيلي خارطة لم تظهر عليها فلسطين بالمُطلق وهذا مؤشر آخر يدعم ما تذهب إليه، فالسعي الإسرائيلي هو نحو تطبيق اتفاقات إبراهام المُستندة لصفقة العصر والتي تقوم على ادماج إسرائيل بالمنطقة وفتح أبواب التطبيع والتجارة، والسياحة والطرق والمشاريع المطروحة ومنها خطوط سكة الحديد التي تربط الدول العربية بالموانئ الإسرائيلية?لتصبح مركزاً للتجارة الدولية كما يقول نتنيناهو.
وتسعى الولايات المتحدة بكل ثقلها لجعل إسرائيل جزءاً من الإقليم غير معزولة وعلى حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والمتوفرة في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وخصوصاً قرار 194 الداعي لعودة اللاجئين والتعويض والقرارات 242، 338 وما يزيد عن 80 قراراً من مجلس الأمن الدولي المهيمن عليه أميركياً، وتسعى دولة الكيان المحتل إلى القضاء على روح المقاومة في مخيمات جنين ونابلس وطولكرم وغيرها، ويومياً تتم عمليات المُداهمة والقتل لإنهاء أي حاضنة لجذوة المقاومة وحسب الرؤية الصهيونية أمام الفلسطيني في الداخ? ثلاثة خيارات هي:
إما الاستسلام والرضوخ لقوة الاحتلال، أو القتل أو السجن وإما الهجرة وترك البلاد. هذه الممارسات الصهيونية على الأرض لإنهاء القضية الفلسطينية تماماً.
إن دعم صمود الأهل في فلسطين هو أمر أساسي حيث يوجد ما يزيد عن سبعة ملايين فلسطيني على أرض فلسطين التاريخية وسيشكل هذا الوجود البشري عامل ردع أمام الدولة العنصرية اليهودية التي لا تقبل بالآخر والتي تسعى للاستمرار بإقامة الجدار العازل واستكماله على الحدود الأردنية. إن الممارسات والمواقف الإسرائيلية تشكل تحدياً للأردن وموقفه القائم على حل الدولتين واستمرار الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وإلغاء لديباجة اتفاقية السلام الداعية لسلام عادل وشامل استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية. إن أية محاولا? لتصفية القضية على حساب الأردن أمر مرفوض على الصعيدين الداخلي والخارجي، فالأردن هي دولة عربية مستقلة ذات سيادة ولا يحق لأي كان أن يفكر بأن الأردن هو الوطن البديل، على الرغم من الموقف الأردني الواضح تجاه هذا الأمر ويبقى الأردن الداعم للشعب الفلسطيني والذي قدم الكثير من التضحيات لفلسطين والشعب الفلسطيني ويعرف الجميع كيف يقف الشعب الأردني الأصيل في أوقات الأزمات، صلفا، صلباً، ولا يهادن على الوطن.