عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jul-2019

العنصرية تتفشّى في المجتمع الإسرائيلي - مردخاي كرمنتسا
 
هناك مشروعية للأحداث التي جرت، مؤخراً، بين رجال الشرطة وإسرائيليين من أصل إثيوبي. هذا ليس صدفة، إصبع خفيفة على الزناد ضد أبناء مجموعة معينة من الجمهور لا تتطور من تلقاء ذاتها. 
الجذر هو الذي يمتد ويخلق الرأس، هذا هو الوصف لهذه المجموعة التي تعتبر ذات اتجاه متزايد نحو خرق القانون. بسبب قوة هذا الوصف يتحول كل شخص ينتمي إليها متهما.
من غير المهم إذا كان هذا الوصف له صلاحية رسمية من الشرطة. وبهذا يتم جزء من النظرية الرسمية التي تمليها القيادة العليا، أو أنه مفهوم ضمنا وينتقل من القائد إلى المأمور (دون أن يظهر في الأوامر والتعليمات). 
في ظل وجود وصف مؤسسي كهذا، من هو متهم «يحظى» باهتمام خاص بفضل هويته. والأخطر من ذلك هو أن المعاملة المتشككة معه تترجم إلى أن سلوكه الذي لدى شخص آخر كان سيعتبر أمرا غير إشكالي، يتم تلوينه بلون مختلف، ويشير إلى رجال الشرطة بأنه طابع إجرامي. 
ما يمكنه أن يثير الشك بفعل إجرامي، خطره بسيط أو متوسط، يتم تشويهه من البداية ويتم تفسيره كأمر خطير وشديد. من هنا وحتى إطلاق النار الفتاكة فإن المسافة قصيرة.
كيف نشأ هذا الوصف المذكور أعلاه. لذلك احتمالان، يمكن أن مصدره هو موقف عنصري مسبق، يؤدي إلى تطبيق متشدد يؤكده، ويمكن أن يكون مصدره يكمن أنه من ناحية إحصائية المجموعة المذكورة تخرج من أوساطها مجرمين أكثر مقارنة مع إجمالي السكان.  بشكل عام سبب ذلك يكمن في الضعف النسبي للمجموعة من ناحية اقتصادية أو اجتماعية أو لأنها يتم التمييز ضدها سلبياً.
ولكن عندما يدور الحديث عن الحالة الثانية، فليس هناك مكان للتصنيف على أساس الانتماء للمجموعة.  من المحظور تسطيح  شخص أو تقزيمه من خلال وضعه في مكانة عضو في مجموعة والتعامل معه وفقا لحالته. 
وحتى لو كانت نسبة الجريمة مرتفعة في أوساط هذه المجموعة، فلا يوجد في ذلك ما يدعو للتأثير على أي عضو داخلها، فهم أبرياء مثل أي شخص آخر. 
وكل مقاربة أخرى تعتبر مقاربة عنصرية واضحة، وعلى الأغلب تعزز نفسها بمعطيات إحصائية عن المجموعة التي هي هدف للعنصرية. 
هذا الاستنتاج من السهل التوصل إليه إذا وضعنا أنفسنا في مكان أي شخص من أبناء المجموعة، يحافظ بشكل مثالي على القانون. وعلى الرغم من ذلك دائماً يعتبر متهما.
هذه المقاربة يجب أن يتم اجتثاثها من جذورها. للأسف الشديد، يتم استخدامها في إسرائيل على أنها سياسة رسمية في سياقات مختلفة، بالأساس تجاه الفلسطينيين، وضمن أمور أخرى، في كل ما يتعلق بالفحص الأمني وجمع شمل العائلات. 
ومثلما في سياقات أخرى، أيضا هنا، تعاملنا مع الفلسطينيين ليس فقط سيئا بحد ذاته، بل يرسخ عادات سيئة ومرفوضة تنتقل إلى مجموعات أخرى.
احتجاجات الطائفة الإثيوبية التي رافقها استخدام مظاهر العنف، ليست مفاجئة. لا يوجد شعور أكثر قسوة من شعور أشخاص بأنهم يتعاملون معهم بدونية، وكأن قيمتهم كبشر أقل من قيمة الآخرين. 
الأشخاص الذين يتم التمييز ضدهم على أساس انتمائهم الجماعي، يتقوى الشعور لديهم بالإهانة جراء عنصرية ممأسسة – مثلما ميزت علاقة المؤسسة الحاخامية مع الإثيوبيين، هي تميز مقاربة الحكومة بخصوص أبناء عائلاتهم الذين لم يهاجروا بعد إلى البلاد.  هي تزداد في أعقاب عجز السلطات في مواجهة عنصرية من جانب أفراد، والأخطر من ذلك، عنصرية من قبل مؤسسات النظام نفسه، وعلى رأسها جهاز تطبيق القانون الذي تكون التوقعات منه أعلى بشكل خاص.
من المنطقي – ليس فقط بالنسبة لأبناء الطائفة – الاحتجاج ضد هذه الظاهرة. 
الاحتجاج والصراخ حتى عنان السماء. لا يمكن تبرير العنف، لكن يمكن أن يكون مفهوما. 
هذا يحدث في الأساس في أوضاع تشعر فيها المجموعة التي يتم التمييز ضدها والمهانة بأن الاحتجاج غير مجد، وأن العالم يتصرف كعادته (باستثناء الضريبة الكلامية)، وأنه لا يوجد استعداد لمواجهة مشكلات جذرية بصورة جدية وأساسية. 
يبدو أن الشرطة نفسها تشعر بذلك، لهذا لم تسارع إلى الانتقال إلى مقاربة غير متسامحة من أجل الحفاظ على النظام العام. 
هذا دليل آخر على أن رواية الشرطة السائدة التي تقول إنها تتعامل حقاً بمعايير متساوية مع خارقي القانون في أعقاب احتجاج اجتماعي، هي رواية غير صحيحة. 
يجب فقط التفكير كيف كانت الشرطة سترد لو أن الأمر كان يتعلق بعرب – فلسطينيين.  يجب الأمل بأن الشرطة ستكون قادرة على توجيه الاحتجاج من خلال الحوار وضبط النفس إلى قنوات غير عنيفة، وأن لا تتورط بحرب على سمعة وهمية وخطيرة ضد المتظاهرين. إن توجه السلطات في إسرائيل نحو الاستيقاظ من أجل العمل (أو التظاهر بالعمل) فقط بعد خروج الأمور عن السيطرة، هو شهادة على الضعف. 
والتفكير في أنه سيستمر الرضى الوهمي من علاج الشكاوى على عنف رجال الشرطة، هو وهم خطير. 
من الواضح أن الأمر يتعلق بفشل هيكلي يسمم العلاقة بين الشرطة وبين الجمهور، حتى أنه يؤدي إلى عنف مضاد.
العلاقة تجاه يهود سود ليست السياق الوحيد لمظاهر العنصرية في المجتمع الإسرائيلي. السود الأفارقة غير اليهود هم هدف رئيس لمقاربة عنصرية، من يمارسونها ويرعونها لا يخجلون منها، بل يتبنونها بفخر. 
أيضا لا مناص من الاعتراف بأن السياسة الرسمية الإسرائيلية فيما يتعلق بـ «المشكلة الفلسطينية»، وما تمليه معظم خطوات النظام، مبني على خلق نوعين من البشر في الضفة الغربية وعلى الكراهية والتخويف وعلى تكرار الرواية الكاذبة والخالدة (برعاية وسائل الإعلام)، بأن جميع الفلسطينيين أعداء يريدون القضاء علينا. 
وطالما أن العنصرية والتسبب بالعداء بين أجزاء الجمهور هي حجر أساس سلوك الشرطة، وطالما يدرسون في جهاز التعليم على التفوق اليهودي، فسنستمر في أن نكون مجتمعا مريضا قابلاً لتفشي عنف المجموعات.
«هآرتس»