عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Mar-2021

هل حقاً بات العالم...«أكثر أَمناً»؟*محمد خروب

 الراي

برقيتا تهنئة تلقاهما أول وآخر رئيس للاتحاد السوفياتي، صاحب شعار «غلاسنوست» و«بيرسترويكا».. ميخائيل غورباتشوف بمناسبة عيد ميلاده الـ«90»..
 
إحداهما جاءته من الرئيس الاميركي بايدن قال فيها: «بفضل التزامكم بالحرية والشجاعة بات العالم اكثر أمناً وهذا مصدر إلهام», فيما الثانية كانت من مُواطنه الرئيس الحالي للإتحاد الروسي, الوريث «الشرعي» للاتحاد السوفاتي الذي قوّضته سياسات غورباتشوف، ووِفق بوتين كان انهيار الاتحاد السوفياتي «اكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين» وقائلاً في حملة انتخابية عام 2005 امام انصاره: بأنه كان سيمنع انهيار الاتحاد السوفياتي, «لو» اتيحت له فرصة تغيير تاريخ روسيا الحديث».
 
في برقية التهنئة لغورباتشوف قال بوتين, على نحو يبدو بوضوح انها مُجاملة لسلفِه «السوفياتي» (بكلمات تكاد تطمس على ما كان قاله في مناسبات سابقة عن اندثار الاتحاد السوفياتي الكارثي).. حيث يعيش (غوربي) عزلة وغياب قاس عن الاضواء: تنتَمون بحق لسلسلة من الشخصيات المُتميزة ورجال الدولة البارزين لعصرنا، الذين كان لهم تأثير كبير في مسار التاريخ الوطني والعالمي».
 
التدقيق في ما انطوت عليه برقية «بايدن» يفضي الى ان زعيم ما يُوصف «العالم الحرّ», او «الغرب» الذي ظن ان التاريخ قد انتهى, وتم حسم الحرب الباردة والصراع مع أول دولة اشتراكية في التاريخ, لصالح الامبريالية بما هي اعلى مراحل الرأسمالية. ما يثير التساؤل عن مدى دقة الإستنتاج/القناعة الذي ذهب اليه بايدن وغيره في زعمهم ان العالم قد بات اكثر أمنا, بفضل «التزام» غورباتشوف بالحرية والشجاعة, كاستنتاج رغائبي بل مُزوّر, تفضحه حال التوتر المُتدحرج بين دول الغرب وكل من روسيا والصين, وسط ارتفاع جنوني في الموازنة العسكرية الأميركية التي تكاد تتساوى مع الموازنات العسكرية لمعظم دول العالم بما في ذلك روسيا والصين. ناهيك عن التوسع الخطير والمُبرمَج لحلف شمال الاطلسي, إن في مساحاته الجغرافية عبر ضم المزيد من دول اوروبا الشرقية والوسطى, أم في الانتشار العسكري غير المسبوق في بحر الصين الجنوبي وتايوان, والعمل الحثيث لإحياء تحالفات عسكرية في المحيط الهادي, الذي يُرشِّحه الخبراء كساحة اولى للحروب الجديدة.. سواء الاقليمية المُبرمَجة ام تلك ذات الطابع النووي «التكتيكي».
 
في المقلب الآخر.. تبدو برقية بوتين لغورباتشوف, كمحاولة من سيد الكرملين للإيحاء بان روسيا الراهنة طوت صفحة آخر زعيم سوفياتي, بكل ما سبّبته من آلام وما جلبته من كوارث جيوسياسية/اقتصادية وخصوصاً اجتماعية/بنيوية, باستعادة حضورها الدولي والإقليمي (نفوذها في «حدائقها» الخلفية/السوفياتية السابقة)، وبما يوحي بأن بوتين آثر انتهاج الكياسة والتعاطي الاخلاقي, مع شخصية ما تزال تثير الجدل والمزيد من التساؤلات, والحضور الذي لا يغيب لنظرية «المؤامرة» التي جاءت به الى السلطة, بعد سلسلة من «وفيات» غامضة اصابت تشيرنينكو واندروبوف وأبعدتْ شخصيات اكثر اهمية وأدواراً, من الرجل الذي «اهدى» اسرائيل مليون «مُهاجر» اكثر من نصفهم من «غير اليهود». ما اعتبرته دولة الاحتلال بانه إعلان «ثان» لقيام دولتهم.
 
قال ديمتري سايمز، ناشر مجلة «اميركان ناشيونال انترست» في مقال له: إن العديد من الروس لا يرغبون في رؤية تكرار سيناريو غورباتشوف...«المُهين».