الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة
افتتاحية - (الغارديان) 13/10/2025
تجلب عمليات الإفراج عن الرهائن والسجناء الفرح للعائلات. ولكن ليس هناك أي ضمان بأن وقف إطلاق النار الحالي في غزة سينهي معاناة الفلسطينيين.
لا شك في أن مشاعر الارتياح التي جلبها انتهاء القتال في غزة هائلة. في إسرائيل، جلب الإفراج عن الرهائن الأحياء فرحة واسعة النطاق. وفي غزة والضفة الغربية، ثمة احتفالات أيضًا، حيث يتم الإفراج عما يصل إلى 2.000 فلسطيني محتجزين لدى إسرائيل -ولو أن هناك قلقًا أيضًا بسبب انعدام اليقين بشأن مَن هم الذين يتم الإفراج عنهم وإلى أين سيتم إرسالهم. وفي شمال غزة، أصبح بوسع الناس أن يعودوا أخيرًا للتنقيب في الأنقاض بحثًا عن رفات نحو 10.000 شخص مفقودين.
قبل ثلاثة أسابيع فحسب، بدا أن احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعيد المنال. لكنه تحقق فعليًا. في يوم الاثنين، الثالث عشر من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، سافر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القدس بعد أن تلقى الترحيب والحفاوة في الكنيست الإسرائيلي، إلى شرم الشيخ في مصر. وهناك، انضم إلى قمة سلام رفيعة المستوى تضم أكثر من 20 من قادة العالم، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر. ومن المقرر أن يتم استئناف خطة السلام التي بدأت هناك في مؤتمر يُعقد لاحقًا في المملكة المتحدة. في النهاية، جعل الرئيس الأميركي الذي يعمل بالتعاون مع شركاء دوليين هذه الصفقة تحدث -على الرغم من، وليس بسبب، رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.
لا شك في أن الآمال بأن تكون الصفقة بمثابة الخطوة الأولى نحو إقامة دولة فلسطينية تظل مفهومة -لكنها، بالنظر إلى السوابق التاريخية، متفائلة أكثر من اللازم. إن هذه الخطة لا تقدم مسارًا واضحًا نحو تحقيق السيادة للفلسطينيين، وهي تعرض خطر فصل غزة عن الضفة الغربية في المستقبل المنظور. ثم هناك الدمار الهائل والكامل الذي تتركه هذه الحرب وراءها. كما أن الافتقار إلى وجود أي جدول زمني لتحقيق تقرير المصير الفلسطيني في خطة ترامب يكذب إشاراته المتعالية في خطابه في الكنيست إلى "الفجر التاريخي" لـ"عصر ذهبي".
لم يستطع الرئيس الأميركي أن يمنع نفسه من إظهار استقطاب وشخصنة الصفقة في خطابه. وفي لحظة من الراحة القصيرة -مع الإفراج عن الرهائن، ووقف إطلاق النار، واستئناف المساعدات- اختار أن يعيد تقديمها كعرض أخلاقي استعاد فيه هو وحده شرف إسرائيل بعد ما زُعم أنه خيانة الرئيسين الأميركيين السابقين أوباما وبايدن لها. قال ذلك على الرغم من أن إدارة بايدن حاولت قبل عام التوصل إلى صفقة مماثلة احتوت على وقف لإطلاق نار مرتبط بالوصول الإنساني والمحادثات السياسية في نهاية المطاف.
إن خطة تحرم أحد الأطراف من وكالة ذات مغزى عن نفسه لا يمكن أن تؤدي إلى سلام شرعي. ومن المؤكد أن وقف إطلاق النار وإدخال شاحنات المساعدات موضع ترحيب، لكنّ هذا لا يمكن اعتباره تقدمًا سياسيًا بعد. من دون وجود آليات تضمن مشاركة الفلسطينيين وسيطرتهم على مؤسساتهم الخاصة، فإن أي صفقة ستَعرض خطر تكريس الاستعباد والإخضاع مغلفين بلغة السلام.
يحتاج شعب غزة بشدة إلى المساعدات الإنسانية -ويجب أن تكون الأغذية والأدوية من أولويات الأمور. لكنّ إعادة الإعمار لا يمكن أن تنتظر. وسط 60 مليون طن من الأنقاض، يحتاج الفلسطينيون إلى المساعدة في استعادة المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد وغيرها من المؤسسات التي دمرها الغزو الإسرائيلي. ومن أجل نجاح الإدارة الانتقالية في غزة، يجب أن تتدفق التمويلات بسرعة وأن يتم ملء الثغرات الأمنية. ومثل معظم عناصر خطة ترامب للسلام، تبدو الإشارات إلى قوة دولية للاستقرار واقتراح "مجلس سلام"، مع السير توني بلير، غامضة بطريقة تثير القلق.
ربما يكون الدعم الدولي القوي لـ"السلطة الفلسطينية"، الذي يمكّنها من تولي زمام الأمور من "حماس"، أكثر الاحتمالات وعدًا. وتعني المعاناة الهائلة التي عاشها الفلسطينيون في العامين الماضيين أن القضية الأخلاقية لإيجاد حل النزاع أصبحت أكثر إلحاحًا الآن من أي وقت مضى. ولكن، بينما يجب الاعتراف بوقف إطلاق النار، وعودة الرهائن، والتزام حماس بـ"نزع السلاح" في غزة كخطوات إيجابية، فإن سجل ترامب لا يعطي سببًا كبيرًا للاعتقاد بأنه سيفي بوعود خطته -أو يشعر بأنه ملزم بمحاولة ذلك. إن الاستراحة قصيرة الأمد لا تعني أن احتمال إقامة دولة فلسطينية قد أصبح أقرب الآن مما كان عليه في أي وقت مضى.
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: The Guardian view on peace in Gaza: the relief is real, but Trump’s promise of a ‘golden age’ rings hollow