عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jun-2025

من سيجني الأرباح؟!*محمد أبو رمان

 الدستور

أيّاً كان تعريف الانتصار والهزيمة في الحرب الإيرانية- الإسرائيلية الأخيرة! فإنّ النفوذ الإيراني تلاشى خلال العامين الأخيرين، في كل من سورية ولبنان، وحتى في العراق  من المتوقع أن تنعكس التطورات الأخيرة على الجدل الداخلي، مع تزايد الانقسام حول دور طهران، بل أكثر من ذلك فإنّ نظام «ولاية الفقيه» سيواجه أسئلة جوهرية حول الشرعية السياسية وسيتجذّر الانقسام الداخلي على الصعيد الاجتماعي والسياسي، وفي المحصلة فإنّ إيران لن تكون خلال المرحلة القادمة، على الأغلب، لاعباً إقليمياً فاعلاً أو مهماً، كما كانت عليه الحال خلال العقدين الماضيين.
على الطرف الآخر فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي سيحاول أن يترجم هذه الحروب والعمليات العسكرية إلى «أرباح سياسية»، إقليمياً وداخلياً، لكنه يصطدم بتباين أجندته السياسية مع تصورات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب للمرحلة القادمة، ووفقاً لتسريبات مهمة وواقعية (من خلال الإعلام العبري) فإنّ هنالك قنوات خلفية فاعلة لإنهاء الحرب الإسرائيلية في غزة، والعمل على حل النقاط المتبقية العالقة، بما يؤدي إلى وقف نهائي لإطلاق النار، وإطلاق سراح السجناء، مقابل لجنة إدارية تحكم غزة بصورة مؤقتة مع قوات عربية تضمن الأمن والسلم هناك.
أمّا على صعيد ترتيب الأوضاع الإقليمية فإنّ التكييش السياسي الذي يطمح إليه كل من ترامب ونتنياهو هو ربط انتهاء الحرب بغزة بمشروع التطبيع السعودي الإسرائيلي، الذي من المفترض أن يفتح المجال لعمليات تطبيع عربية- إسلامية واسعة مع إسرائيل، وإدماجها في المنطقة.
تلك الجائزة الكبرى مشروطة، سعودياً، بإقامة دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي يعارضه ويرفضه نتنياهو رفضاً قاطعاً، ويشكّل بالنسبة إليه «الضمانة الوحيدة» لبقاء حكومته اليمينية متماسكة، وإذا ما وافق على ذلك، فإنّ التحالف سينهار، وهو ما قد يستدعي، وفق رؤية ترامب، تغييرات في المعادلة الداخلية في إسرائيل، وقد يكون إصرار ترامب على منع محاكمة نتنياهو بمثابة سترة نجاة له للتخلص من المخاوف الشخصية ومراجعة تحالفاته لإيجاد شركاء آخرين قادرين على المضي قدماً في مشروع التطبيع والتخفيف من الموقف اليميني الإسرائيلي ضد إقامة الدولة الفلسطينية وحتى ضد السلطة الفلسطينية نفسها!
التركيبة الحالية في إسرائيل ليست الطرف المثالي للمضي قدماً في مشروع التطبيع الإقليمي، هذا صحيح، لكن ما هي الصيغة التي قد تكون مقبولة لفكرة الدولة الفلسطينية، ماهية الدولة الفلسطينية، حدودها، مصير القدس، مساحتها؛ لا تزال هذه اسئلة معلّقة وصعبة ومعقدة، ولا يوجد أي مسؤول فلسطيني قادراً على أن يتنازل في هذا المجال، فما الذي يمكن أن يجمع الإسرائيليين، الذين ألغوا مصطلح الدولة الفلسطينية من قاموسهم، مع الفلسطينيين الذين لا يجرؤ أيّ منهم على القول إنني أقبل بعاصمة بديلة عن القدس الشرقية للفلسطينيين.
في المقابل هل ستقبل السعودية بالمضي قدماً في التطبيع من دون التزامات واضحة ومحددة وزمنية، كما كانت تطالب، بإقامة دولة فلسطينية على حدود الـ67؟! مثل هذا السيناريو ليس خياراً أصلاً عند الإسرائيليين؛ لا عند نتنياهو ولا يائير لبيد ولا نفتالي بينيت ولا غيرهم؛ ما هي الكلمة السحرية التي ستجعل المطلب السعودي ممكناً ومتحققاً، هل سيتم استبدال كلمة دولة أو التلاعب بها، أو ذكرها مع تأجيلها ضمن النقاشات الحالية؟! تشير التسريبات إلى أنّ ترامب سيقر لإسرائيل على السيطرة على نسبة من أراضي الضفة الغربية مقابل الموافقة على إقامة دولة فلسطينية بشرط إصلاح السلطة الفلسطينية (بحسب المقصود بإصلاحها)!
الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يضغط بقوة لصالح إقامة نظام شرق أوسطي جديد تكون إسرائيل طرفاً فيه، ويشمل دول المنطقة والسعودية، وربما سوريا (التي بالرغم من ارتباطها اليوم بالسعودية؛ فإنّ لديها مشكلة ليست محلولة من إسرائيل، تتمثّل بمرتفعات الجولان، التي ضمّتها إسرائيل؛ فما هو الثمن المطروح للتطبيع؟!)؛ فهل يمكن أن تتفكك العقد الكبيرة التاريخية بصورة مؤقتة أو مرحلية لتمرير هذا المشروع! هل سينجح ترامب بفرض تصوراته وشروطه على الجميع بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟!
ثمة العديد من الأسئلة والتساؤلات التي لا تزال مطروحة، لكن بالضرورة فإنّ المرحلة القادمة ستكون مهمة ومفصلية في تطوير مفاهيم جديدة حول منطقة الشرق الأوسط والسياسات الجديدة!