عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Oct-2020

المعضلة الاجتماعية*إسماعيل الشريف

 الدستور

«نحن السلعة، انتباهنا هو السلعة التي تباع للمعلنين»، عن فيلم المعضلة الاجتماعية.
يتصدر الفيلم الوثائقي المعضلة الاجتماعية Social Dilemma قائمة الأفلام الوثائقية على «نتفليكس»، ووصل في الأردن إلى المركز الثاني كأعلى نسبة مشاهدة .
يتحدث الفيلم عن الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي، من خلال سلسلة من المقابلات لموظفين سابقين من جوجل وفيسبوك وغيرهما من عمالقة التكنولوجيا، بالإضافة إلى بعض أساتذة الجامعات ومؤلفي الكتب، ويدور الفيلم حول سؤال وحيد بسيط يحاول الجميع الإجابة عنه: ما هي المشكلة؟ فالذي يبدو أن من صنع هذا الوحش يريد أن ينقذنا منه:
يتحدث أحد موظفي الفيسبوك السابقين عن فشل الشركة في وقف التدخلات في الانتخابات الأمريكية الأخيرة أو حملات الأخبار أو التحقيقات المضللة.
هذه التطبيقات مبنية على تحقيق أعلى إيراد من الإعلان، وهذا لا يتحقق إلا بجعلنا نتفحص أجهزتنا بشكل مستمر، وقضاء أطول وقت ممكن داخل هذه التطبيقات، ويتلاعب محتواها بمشاعرنا، ويستغل مخاوفنا، ويشبع غرورنا وتحيزنا لزيادة مشاركتنا، وهذا لا ينطبق فقط على الأفراد، وإنما يمتد الخطر إلى المجتمعات بأكملها.
هذا الفيلم هو بمثابة جرس إنذار لإيقاظ الناس من خطر شبكات التواصل الاجتماعي بشكل جريء وقوي ومقنع، ولكن يبقى سؤال بحاجة الى إجابة: هل نستطيع الاستغناء عنها؟
أحد أهم المشاهد حين تروي الشخصية المركزية في الفيلم «تريستان هاريس»، الناشط في التكنولوجيا الإنسانية، حين كان في جوجل، كتب مذكرة عن أضرار منتجات جوجل وتسببها للإدمان النفسي، وأن هنالك مسؤولية أخلاقية عن كل هذا، تحمس جميع العاملين وأيدوا هذه المذكرة، بما في ذلك الرئيس التنفيذي للشركة، ثم ما لبث أن خفت هذا الحماس وعاد الجميع إلى عملهم كتروس في آلة الربح.
واحدة من أهم خلاصات الفيلم أن هذه الشركات قد أصبحت الأغنى والأقوى في التاريخ، ولن تتنازل عن أرباحها من تلقاء نفسها، دون ضغوط سياسية.
وخلاصة أخرى مهمة، لو قامت هذه المنصات بتنظيم نفسها وخففت من مضارها، فما هو الضمان ألا تأخذ منصات أخرى مكانها؟ فكل الإصلاحات التي قامت بها إصلاحات شكلية؛ مثل زيادة المشرفين على المحتوى، أو تحسين برامج اكتشاف كلمات الكراهية.
يتحدث الفيلم أن شبكات التواصل الاجتماعي تشكل تهديدًا وجوديًّا للبشرية، ومع هذا خصص فقط العشر دقائق الأخيرة من الفيلم لتقديم الحلول، وبعض هذه الحلول كانت سخيفة؛ كحظر خاصية التوصيات على يوتيوب، وبعضها متواطئ مستفز؛ كتثبيت «جوجل كروم اكستنشن»! ومعظم الحلول جاءت من صناع السم خريجي الجامعات المرموقة، نخبة المجتمع الأمريكي.
من أجمل النقد ما جاء من باريس ماركس اليساري، الذي حمّل مشكلة شبكات التواصل الاجتماعي لشيء أكبر، وهو الليبيرالية الشرسة والفساد وغياب العدالة الاجتماعية.
هو فيلم أنصح من لديه السبيل لمشاهدته، رأيت فيه قدرة التكنولوجيا لإخراج أسوأ ما في الإنسان، فكما كانت للمواقع الاجتماعية فائدة كبيرة في إيصال صوت المهمشين وحركات التحرر، كان له ضرر مساوٍ في استخدامه من قبل الدول الديكتاتورية لبسط هيمنتها، فمثلًا في ميانمار في كل جهاز يتم شراؤه يحمل تطبيق فيسبوك، حيث تستغله الدولة في إبادة المسلمين هناك، أو في زعزعة الأمن والاستقرار في دول أخرى.
برأيي لا حل إلا بفرض قوانين تحد من مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي، ولحين ذلك علينا عدم الفصل بين حياتنا الحقيقية والافتراضية، وأن نتقي الله عند استخدام هذه الشبكات، وأن نحدد أوقاتًا محددة للولوج إليها، والتخلص من جميع البرامج غير المفيدة، والتخفيف ما أمكن من الإشعارات.