عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jan-2020

فندق فيلادلفيا.. نواة الحركة الثقافية والسياسية ورائد مسابقات ملكات الجمال عام 1960

الراي - حيدر المجالي - كان مشهداً مؤلماً ومؤثراً حين بدأت آليات أمانة عمان عام 1986 بهدم أعرق فندق في العاصمة، المعروف بـ (لوكندة فيلادلفيا)، فهو الوحيد الذي تم بناؤه عام 1925 بعد تأسيس إمارة شرق الأردن بعامين؛ فقد شاهد السكان حينذاك جدرانه وهي تهوي على الأرض يعلوها غبار كثيف، وسط صرخات ونداءات رافضة لقرار الهدم.

كيف يُهدم معلم نادر ظل قائماً يؤدي دوره التاريخي والسياسي والثقافي طوال خمسة وستين عاماً، فهو ليس مجرد بناء عادي، وإنما حكاية عمّانية نبتت في ظل أوضاع سياسية مختلفة، شهدت ولادة الدولة الأردنية بكل تجلياتها ومراحل تطورها.
هو تحفة معمارية أمر ببنائه المغفور له الأمير عبداالله الأول، ليحمل اسم عمان القديمة (فيلادلفيا) وليكون أيقونة فريدة تفتح ذراعيها لرواد الأردن السياسيين والاقتصاديين والفنانين والسّياح.
وحسب ما ذكره المؤرخان الدكتور علي محافظة والمرحوم سليمان الموسى، فقد كان معلماً يروي تاريخ الأردن، ذلك أنه ترافق مع مرحلة تحول إمارة شرق الأردن إلى المملكة الأردنية الهاشمية؛ كما بينوا في وصفهم للمكان بأنه ملتقى للسياسيين والعائلات العمّانية الكبرى وقادة الجيش.
قصة البناء بدأت حين شجّع الملك المؤسس، ابراهيم نزال صاحب فندق قصر المشتا الفخم (بأريحا)، الذي تم إقامته عام 1907 ،ببناء فندق على غراره في عمّان؛ وهو ما حصل بالفعل، عندما أرسل نزال ابنه أنطوان، الذي إختار مكانه في الساحة الترابية مقابل المدرج الروماني.
فقد بوشر بالفعل؛ في بناء أول فندق سياحي من فئة الخمسة نجوم بسعة 56 غرفة عام 1925 ،وتم افتتاحه رسمياً عام 1928 بإحتفالٍ مهيب، يليق بأهم معلم سياحي شيّد في تلك الفترة؛ فأصبح مزاراً لكبار نجوم الفن والمسرح، مثل:عميد المسرح العربي يوسف وهبي وأمينة رزق، والراقصة الشهيرة تحية كاريوكا؛ كما شهد إقامة وفود عسكرية وسياسية منهم: رئيس وزراء لبنان الأسبق رياض الصلح، ومساعد قائد الجيش عبدالقادر باشا الجندي، واللواء محمد علي العجلوني، وفق كتاب المؤرخ الموسى.
يعتبر الفندق الذي استخدم في بنائه الحجر المصقول والمنحوت، تحفة معمارية وجمالية أضافت إلى الموقع الأثري رونقا خاصاً، من حيث التميز الهندسي الذي يضم قاعات واسعة للإحتفالات والمؤتمرات، أقيمت دون أعمدة لتزيد من اتساعها ورونقها؛ وظل يستقبل رواده حتى جرت عليه أعمال التوسعة عام 1955 ليصبح بسعة 95 غرفة.
لم يبق احد من الذين شاهدوا الموسيقار فريد الأطرش الذي كان يُقيم في الفندق، وهو يلّوح لهم بيديه من احدى شرفاته أوائل الثلاثينات؛ فقد كانت سعادة أولئك لا توصف، حسب ما ذكره المؤرخ فؤاد البخاري في كتابة (عمان وذاكرة الزمن الجميل).
ومن أبرز الفاعليات الثقافية التي أقامها الفندق، مسابقة ملكة جمال الأردن الأولى عام 1960 وفازت بها فتاة يونانية، والثانية عام 1963 وفازت فيها الطالبة الأردنية دوريس؛ وهذا يشي بأن للمكان خصوصية في التنوع الفكري والثقافي.
فيما يروي أمين عام الديوان الملكي والوزير الأسبق الدكتور بسام الساكت في مذكراته، أن قرار الهدم كان بتنسيب من أمين عمان آنذاك.
وتُسجّل حجارة الفندق للأجيال القادمة، أنها كانت لوحات لبناء عريق، كان نواة الحركة الإقتصادية والسياحية والسياسية في تلك الحقبة؛ وهي شاهد على إرث عمّاني تمت إزالته بجرة قلم، قبل أن يتم دراسة الفكرة؛ فالأمانة التي إستملكته في الستينيات، هي التي قررت التخلص من معلم، يمثل الإرث الثقافي والسياسي للوطن!!.