عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Aug-2020

رئيس مجلس الأعيان: كما لم يتحدث من قبل ولاؤنا الأول للعرش الهاشمي، وولاؤنا الثاني للقبيلة أو العشيرة، شئنا أم أبينا
العشائرية ليست عائقا أمام الإصلاح السياسي، لكنها الجهوية والمناطقية التي يجب أن
نبتعد عنها
كنت مقرباً من جدي مثقال أخرج معه حيثما يذهب
الإرث الذي تركه والدي لي ارث عظيم أعتز به
جدي هاشم خير أول رئيس مجلس نواب بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية
 
الراي - أحصيتُ خلال الشهر الماضي، تموز، عدد المرات التي تناوبتْ فيها وسائل الإعلام المحلية والخارجية، على سؤال رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، عن مدى دقّة اشاعات رئاسة موعودة لحكومة جديدة، فوجدتها ست مرات. نفيه في كل مرة لتلك الاشاعة، لم يكن يمنع تكرار الحديث بها، إلى أن اتضحت الرؤية بتحديد موعد الانتخابات البرلمانية.
أكاديميو العلوم السياسية يُسمّون هذه الظاهرة التي يعبّر بها العقل الجمعي، للنُّخب وللشارع، عن نفسه بتصنيع الشائعات وتقبّلها والترويج لها بـ«سطوة الممحي». وهي نفسها الظاهرة التي أضحت أداة الرصد والاستباق، في الجيل الرابع الحالي من أجيال الاتصال والإعلام وتصنيع القرار.
ثلاث جلسات حوار مع رئيس مجلس الأعيان فيصل بن عاكف الفايز، كان الهدف منها محاولة استقراء «سطوة الممحي» في شخصه وفي المشهد العام الذي يتحرك الآن تحت وطأة ما حدَّده الرئيس فيصل الفايز بأنه ثلاث معضلات مترادفة ومتقاطعة: سياسية واقتصادية واجتماعية، أعطى فيها الأولوية للاقتصاد ولإدامة الاستقرار في الطبقة الوسطى، ببرمجة الهدف القديم المتجدّد حول الاكتفاء الذاتي في الأساسيات، واستعادة الثقة التي توسعت فجوتها بين الشارع ومؤسسات الدولة.
توقيت القراءة المشتركة مع رئيس مجلس الأعيان في متواليات المشهد المُضبّب باللايقين، يأتي اليوم في سياقات حدثين أو مناسبتين: الأول انتخابات برلمانية لمجلس نيابي يتمناه فيصل الفايز مجلساً غير تقليدي، في قوة تمثيله وأدائه، خلوا من المال السياسي وقادر فعلاً على ممارسة ولايته التشريعية والرقابية.
أما المناسبة الثانية فهي استعداد الأردن لدخول مئويته الثانية، بمهمات يراها الفايز انها توجب استثمار عناصر القوة الذاتية التي تأسست عليها الدولة، والبناء من فوقها بديناميات الحداثة والاصلاح والرسالة الهاشمية العربية الإسلامية التي جعلت الأردن عصيّاً على تحديات كيانية تتابعت بموجات يفصل بين الواحدة والأخرى ربع قرن تقريباً.
لرئيس مجلس الأعيان رؤية، ولا نريد القول نظرية، تقول باستحقاق أن يكون للدولة برنامج رؤيوي عابر للحكومات، بحيث لا يعود كلّ رئيس حكومة جديدة وكأنه يبدأ من الصفر.
ومع انها بديهية سياسية قرأها الفايز في الجامعة، مثل غيره، إلا أنها مُسلّمة غابت طوال العقود الماضية وحان وقت تقنينها، بعد أن تأكّد لنا ولغيرنا في العالم، أن ما بعد جائجة الكورونا سيكون عالماً مختلفاً.. وأن الأردن مطلوب منه أن يستهل مئويته الثانية بقوة دينامية تستوعب المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
في مهمّات إعادة انتاج دولة الرسالة المصطفوية، لتأخذ دورها واهليّتها في النظام الإقليمي، يمتلك الرئيس الفايز رؤى قابلة للنقاش وللبرمجة، في مفاهيم الاصلاح، يستلهمها من أوراق جلالة الملك عبد االله الثاني، التي يراها ما زالت تنتظر الاستيعاب الحقيقي والبرمجة التنفيذية.
وفي صلب هذه الرؤية، محرّكات تشغيل اصلاحي مؤسسي، بينها العشيرة والقبيلة التي يراها الفايز جزءاً وثيقاً من نهج الاصلاح المستحق الذي ينبغي أن ينأى بقوة عن الجهوية.
مثلها قي ذلك مثل البيروقراطية التي تحتاج إلى رؤية استشرافية وكذلك التعددية التي كان الفايز أول من استحدث لها وزارة التنمية السياسية.
في التربية والنفسية ونمط الحياة اليومية هل تعتبر نفسك بدويا؟
لم أعش في البادية الأردنية إلا قليلاً، عندما توفي جدي رحمه االله كنت في الـ 15 من عمري ، كنت امكث عند في اوقات الصيف وأخرج معه حيثما يذهب، وهذه أيضا من الأمور التي تعلمتها في سن مبكرة بالتعرف والاختلاط مع الاهل والاقارب والمعارف وهي دروس اضيفها لمحطات حياتي الاخرى، حيث كنت مقربا من جدي ومميزا، وكان يكن لي محبة خاصة لأنني ابن المرحوم عاكف الذي كان قريب جداً منه.
أقول جيناتي بدوية بكل تأكيد، اضافة ايضا انني أفخر كذلك بجيناتي من أخوالي آل خير الذي أعتز بهم. أعتز بجدي هاشم خير، وهو أول رئيس مجلس نواب بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، ورئيسا للديوان الملكي ووزيرا في عدة وزارات ، وكان والدي عضوا في ذلك المجلس الذي ترأسه هاشم خير ، وكلاهما مكملان لبعضهما بعضاً، فعندما تزوج مثقال بن فايز بنت سعيد خير كان ذلك حدثا تاريخيا.
الإرث الذي تركه والدي لي ارث عظيم أعتز به. علاقاته مع دول الخليج التي بنيت عليها، أيضاً علاقاته مع الشعب الأردني، فوالدي كان شخصية غير خلافية وأنا كذلك، أنظر دائماً إلى تاريخ عائلتي وقبيلتي، لانني امتداد لهذا التاريخ العريق حاضراً ومستقبلاً، وأبنائي سيكونون امتداد لهذا التاريخ أيضا.
أعتز بقبيلتي، هذه القبيلة العريقة، كما سائر القبائل والعشائر الأردنية والذين ساهموا في بناء هذا الوطن. الزعامات القبلية التي بنت مؤسسات الدولة الأردنية مع الملك عبداالله الأول، قاموا ببناء مؤسسات نعتز فيها لغاية الآن، سواء مؤسسة العرش أو مؤسسة القوات المسلحة أو مجلس الأمة بشقيه وكل المؤسسات الأردنية نعتز بها. وهذا إن دل على شيء يدل على قوة ومتانة وثبات هذه الدولة، كما انني اعتز باردنيتي ومليكي وافخر بهما.
وإذا تحدثنا عن الملك عبداالله الثاني، فجلالته ينهض بمسؤليات كبيرة، وجلالته صاحب رؤية وبصيرة ، كما ان جلالته دائما النظر الى مستقبل الاردن على مختلف المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة، فهو حريص على مستقبل الوطن وامنه واستقراره وتوفير الحياة الكرية لشعبه، رغم التحديات من حولنا وما نواجه من صعوبات، بدءا من الأزمة المالية عام 2008 والربيع العربي الذي أسميه « الرماد العربي» الذي أدى إلى تدمير العالم العربي وصولا الى المستجدات الجيوسياسية الراهنة، كل ذلك أثر على الاستراتيجية التي وضعها جلالته لتطوير أردن قوي، لك?نا بحكمة جلالة الملك والتقدير والاحترام الدولي والعربي الذي يحظى به جلالته استطعنا مواجهة وتخطي صعابنا وتحدياتنا ونحن اليوم بقيادة مليكنا نسير بخطى واثقة الى الامام.
الأردن عليه أعباء ثقيلة جداً كما قلت مشاكل اقتصادية كثيرة، لكن بلدنا بخير والله الحمد، وأنا متفائل بمستقبل هذه المملكة في ظل قيادتنا الحكيمة ووعي شعبنا الاردني الوفي، و أقول دائماً بأن هذا البلد مرزوق بقيادته وبشعبه، وهذه الأرض مباركة، ومستقبل مملكتنا زاهر ان شاء االله، نحن كأردنيين نعتز بمملكتنا، ونعتز بمليكنا المعزز والمقدر في كل دول العالم، وهو اللاعب الرئيسي في المنطقة، وهو صمام الأمان للاردن والأردنيين، والأردن صمام الأمان لكل المنطقة.
ما هو موقع البادية في بنيان الدولة الأردنية؟
أقول أن العشيرة أو القبيلة الأردنية، لم تكن يوما تقف عائقا أمام الإصلاح السياسي كما يدعي البعض، فهي على الدوام كانت السباقة في بناء الدولة ومؤسسات المجتمع المدني فيها من احزاب ونقابات وغيرها، واسوق مثلا على نفسي ، انا من أين أتيت بفكري؟ صحيح أنني تعلمت في الخارج وتثقفت ثقافة غربية لكن تبقى جيناتي بدوية، اؤمن بتقاليدنا واعراف وانبذ التعصب والتطرف، اؤام بين ثقافتنا والثقافات الاخرى، ارفض الجهوية والمناطقية، وهنا ادعوا الجميع في الانتخابات البرلمانية المقبلة الى الابتعاد عن الجهوية والمناطقية ومحاربة المال ال?ياسي وانتخاب الافضل والاقدر.
هل ما زالت الأجيال الشابة ترتبط بالعشيرة وتسمع للمشايخ كما كانت الأجيال السابقة؟
يجب أن نقر ونعترف بأن العشيرة هي أهم مكون في المجتمع الأردني، ملوكنا الهاشميون بالإضافة إلى الزعامات العشائرية هم الذين بنوا ووضعوا حجر الأساس للدولة الاردنية الحديثة ، وقاموا ببناء مؤسساتنا الدستورية وتمتينها، فاصبحت راسخة ومحل فخرنا واعتزازنا، ومنها مؤسسة العرش أهم مؤسسة في الدولة الأردنية، وقواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية، هذه جميعها بؤشر في بنائها منذ عام 1921 ، لبنة لبنه وهي بتطور مستمر، وبها استطعنا كدولة تجاوز مختلف الأزمات التي واجهتنا منذ عام 1921 ولغاية يومنا هذا.
واؤكد هنا مرة ثانية بأن العشيرة الاردنية التي هي اساس مجتمعنا الاردني وركيزته، خرّجت قيادات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، وقد طرأ عليها منذ ما يقارب مائة عام تغييرات كبيرة، الا ان اعتزازنا بعشائرنا ودورها الوطني اعتزاز كبير ، واليوم يجب أن نكون واقعيين، فولاؤنا الأول للعرش الهاشمي والوطن ، وولاءنا الثاني للقبيلة أو العشيرة شئنا أم أبينا، لكن يجب ان نقونن العادات الحميدة، إما بقانون أو نظام، ونبتعد عن العادات السيئة، مثلاً العنجهية والجهوية والمناطقية ، واركز على صفة العنجهية التي هي إحدى العوائق ا?تي تواجه مجتمعنا الاردني .
واشير هنا الى ان الانتخابات البرلمانية، ما زالت تقوم على أسس جهوية ومناطقية وهذا واقع وملموس. إخواننا في جبهة العمل الإسلامي وإخواننا في الأحزاب اليسارية ينتخبون على أسس هذا المنطق ، فلنسعى الى تغير هذا المنطق.
والى الذين من يطالبون بملكية دستورية، لماذا ينسون او يتناسون ان ثقافتنا ليست كثقافة بريطانيا التي تطورت لديها الديمقراطية من نظام إقطاعي مرورا بالفكر التنويري في القرن السادس عشر والثورة الصناعية في أوروبا الغربية ألف سنة استغرقتها الديمقراطية للتطور، ونحن بعون االله سنحتفل العام القادم بمئوية الدولة، و مع ذلك الأردن دولة قانون ومؤسسات، وهنا اؤكد على انه يجب التركيز على سيادة القانون وأن يطبق القانون على الجميع بعدالة ودون استثناء، وأن يحتمي الإنسان بدولته وبالقوانين وليس بانتمائه المناطقي او الجهوي، وهذا م? أركز عليه دائماً.. فأنا ضد ما لا يمت بصلة للأصالة من عاداتنا وتقاليدنا الراسخة التي كان عليها آباؤنا وأجدادنا من قبل.
هل يضايقكم حديث الذين يتحدثون عن توريث المناصب؟
أنا لم أصل لما وصلت إليه لأنني ابن عاكف وجدي مثقال وهما فخري واعتزازي، لكنني تعبت على نفسي، وكل ما وصلت له تحقق بتعبي وجهدي ومثابرتي علميا وعمليا.
من يتحدث بهذا الحديث لا يعرف تاريخ الأردن، إذا أخذنا الغالبية العظمى من رؤساء الوزارات في عهد الملك عبد االله الثاني لم يأتوا بالتوريث، كما قلت لا أعتبر نفسي تقلدت مناصب متقدمة في الدولة لأن والدي عاكف، فلكل مجتهد نصيب فمن يتعب على نفسه يصل، فالتعب والجهد هما الأهم للوصول إلى أي منصب.
نفس السوشيال ميديا التي يتهمها الكثيرون بالزندقة، هي نفسها التي حمت المجتمع الأردني طوال اشهر الكورونا من الوقوع في حفرة التكشيرة والاكتئاب العام ، بما تقدمه للناس من هزل وتنكيت يرطّب المزاج المكفهر:
هناك إيجابيات كثيرة لمواقع التواصل الاجتماعي، لكنني ضد خطاب الكراهية، ضد زرع بذور الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وضد البلبلة التي تسببها الإشاعات والأكاذيب، وضد الشتم والقدح والذم واستعمال اللغة البذيئة، واغتيال الشخصيات، ولغة الكراهية ، هذا ليس من طبع وشيم الأردنيين.
ما أريد قوله بأن «كل إناء بما فيه ينضح»، فلا يصدر عن الطيب إلا الطيب، ولا يصدر عن السيء إلا الإساءات، ولا يصدر عن البذيء الا البذاءات، وأنا هنا لا أعمم، وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك دور لمواقع التواصل الاجتماعي من اجل تعزيز تماسكنا الاجتماعي وعدم اضعافه.
ما هي اللحظة التي كلما تذكرتها تشكر االله عليها وتبتسم؟
اللحظات التي نجوت بها من المرض ، وعندما تعينت رئيساً للتشريفات الملكية، كانت من أفضل أيام حياتي وما تزال تلك البدايات الرائعة في الذاكرة.
هل تشعر انك تعيش حياة ذات معنى وأنت راض عنها؟
ما دمت مرتاح الضمير فلا يوجد لدي مشكلة، الحمد الله انني مرتاح الضمير أعمل في سبيل وطني ومليكي، لذلك لا آبه لكل ما أواجه من حملات ضدي، وهل هناك أفضل من راحة الضمير لدى المرء؟ المثل البدوي يقول (هذا شليلي).