عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Dec-2018

كيف نتأثر نفسيا بعد التسرع بالحكم على الآخرين؟

 

إسراء الردايدة
 
عمان-الغد- يميل الناس لإطلاق أحكام سلبية بحق الآخرين، وقد تخلق شعورا بالذنب، لأن إدانة الغير تخلق صراعا داخليا لصاحبها، سيما أن تلك الاحكام مرتبطة في الغالب بصعوبة تحقيق أمور معينة، أو عدم القدرة على التفاهم، مفضلين الابتعاد بديلا عن المواجهة أو المصارحة، حيث تختنق كل الرغبات في البوح بأمور خاصة، وكذلك الحال في الحياة العملية، بحيث تعيق من عملية التطور الذاتي، وتجاوز أي مشكلة.
والحكم على الآخر عادة لا يمكن التخلص منها بسهولة، وتترك كلا الطرفين في مواجهة مواقف سيئة بل تولد الكراهية والعدائية، ودون وعي تستمر في تصرفاتك تلك التي تجرح من حولك، وتؤثر بنا بطرق مختلفة:
– الحكم على الآخر يسبب لك الصداع، حيث تظن بأنك أفضل من الجميع، ولكن في داخلك تعلم بأن قيامك بمثل هذه الافعال تنفصل عن حقيقتك المرتبطة بالرحمة والرقة، ولذا تشعر بالذنب، ومن هنا تطلق حكما آخر بحق شخص مختلف دون توقف كي لا تواجه تلك المشاعر، لأنها تضعفك عقليا وجسديا.
– تميل للعزلة، فحين تطلق حكما بحق أحدهم، تتجه نحو الإدمان، لأنك تحاول تخدير الجرح الاساسي المتجذر منذ الطفولة، حيث ربما اخبرك أحدهم أنك لست جيدا بما فيه الكفاية، أو مررت بصدمات تجعلك تشعر بالوحدة، ولتجنب هذه المعاناة تقوم بإلقاء هذا الأمر على الآخرين من خلال الحكم المسبق عليهم، بالإشارة لعيوبهم، حيث يدفعك الخوف للهجوم، سيما إن شعرت بأنه سيعيد تمثيل تلك الصدمة من الماضي، ما يخلق مزيدا من الوحدة والانفصال عن الآخرين.
– يمنع الشفاء، من أجل التخلص من السموم التي تطلقها في أحكامك على الآخرين ستقوم بلوم نفسك، فعندما تطلق الاحكام فهذا كونك منفصلا عن الحب والرعاية، وللحد من هذا يجب تقبل ذاتك كما هي، وتعلم كيف تحبها، ومواجهة الجرح بداخلك، لأنه في اللحظة المقبلة التي ستقوم بها بإطلاق حكم بحق أحدهم ستتذكر كيف تشعر بالسوء، لأنك فهمت نفسك، ومن هنا تبدأ رحلة الشفاء.
فما من طريقة أفضل لتجاهل الاهتمام بما يظنه الآخرون عنك سوى الانتباه لنفسك وأحكامك التي تطلقها، وآرائك التي تتشكل إزاء الآخر، وأن تركز في أن تحكم على ذاتك وأفعالك أولا. فكيف تريد أن تغير أمرا في الآخر، وأنت تكرر التصرف السيئ ذاته.
لا تمنع غيرك عن تصرف وأنت لا تخجل من تنفيذه، فبدلا من الحكم على الآخر بأنه فاشل اسأل نفسك: “ما تأثير هذا الفرد عليك لدرجة أنك تريد تجنبه مستقبلا”، فالأحكام التي نصدرها تكون وسيلة لإبعاد الآخرين عنا، وتجنب التعامل معهم بذريعة تجلعهم غير مرغوبين. وبعد أن تتبع أو تملك إجابة عن مثل هذا النوع من الأسئلة غير تركيزك من تأثيرهم الى التأثير الذي تملكه أنت عليهم، فهم غير قادرين على التواصل معك لأنهم لا يرونك على حقيقتك. لذا ركز على إبراز أفضل صفاتك وكن على طبيعتك.
وفي النهاية، التركيز على الذات أهم من التركيز على الآخر في حدود معينة تشمل تحقيق الراحة والتقدم، بعيدا عن الأنانية والغرور واللامبالاة وبين الاثنين خيط رفيع، وأن تكون منفتحا ومصغيا بدون أن تطلق أحكاما على غيرك، فهذا يجعل الآخرين يقتربون منك ويثقون بك وبحكمك.
بحيث يجعل كلا الطرفين قادرا على التعبير عما يجول بخاطره من دون الخوف مما سيقوله أحدهما أو ما يظنه الطرف الآخر، مما يحسن الاتصال بينهما ويقربهما من بعضهما بعضا ويسهل عملية الاستجابة لاحتياجاتهما.
والتعبير عن الاحتياجات يسهل على الآخرين فهمك، ففي حال لم تعبر عن احتياجاتك، لا يمكن لك التذمر من عدم حصولك عليها، والمغزى هو محاولة الفرد للتعبير عما ينقصه بروية، وبالوقت المناسب من دون خجل حتى تكون الأمور طبيعية وغير مبنية على التظاهر والحساسية الزائدة، خوفا من التسبب بجرح أحد الطرفين.
فما من فرد كامل لا يخطئ، ولكن تعاملنا مع الأخطاء وتقبلنا ما يحصل من نتائج وتحملنا للمسؤولية، هي ما تجعلنا أقوياء أو ضعفاء، قادرين على المضي قدما في حياتنا، وهنا يأتي دور إعادة فتح القلب والعقل مرة أخرى والأبواب كافة للحياة، بعد مواجهة أمر مؤلم، وهو خيار في كيفية تأطير ما حدث واستيعابه، فهو يسمح لك بالقول “أنا مستعد للنظر في طريقة أخرى لضبط الأمور”.