عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Dec-2019

إسرائيل تصعّد التهديدات على إيران - بقلم: عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
الإشاعات عن موت المعركة بين حربين، كان مبالغا فيها جدا. المعركة بين حربين لم تمت، بل غيرت شكلها. محاولات ايران للرد على هجمات اسرائيل في الجبهة الشمالية والاطلاق الكثيف لأنظمة الدفاع الجوية السورية في كل عملية قصف تقتضي كما يبدو من الجيش الاسرائيلي القيام بتغييرات في طبيعة عمله. وفقا لذلك، يبدو أن تواتر الهجمات تقلص. ولكن الاسباب الاساسية لاحتكاك عسكري بين الطرفين – جهود التمركز العسكري لإيران في سورية، تهريب السلاح من قبلها الى لبنان، ومحاولة اسرائيل منعهما، بقيت على حالها. من هنا، يتوقع أن يستمر الاحتكاك.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عاد هذا الاسبوع وحذر في بداية جلسة الحكومة بأن اسرائيل سترد على أي عدوان لإيران وحزب الله. نتنياهو اقتبس جنرال كبير في حرس الثورة الايراني هدد بأن ايران ستدمر تل ابيب بإطلاق صواريخ من لبنان. “اذا تجرأ حزب الله على مهاجمة اسرائيل، فإن المنظمة ودولة لبنان التي تسمح بهذه الهجمات من اراضيها ضدنا، سيدفعون ثمنا باهظا جدا”، قال رئيس الحكومة. وقبل بضعة ايام من ذلك هدد وزير الدفاع نفتالي بينيت بتحويل سورية الى “فيتنام ايرانية”.
في منتديات مغلقة، وبصورة مفاجئة ايضا في لقاءات مع نظراء من الخارج، فإن شخصيات رفيعة من المستوى السياسي ومستشاريهم يتحدثون بلهجة فظة أكثر، واحيانا تجعل محاوريهم ينقبضون. وزراء الكابنت اعتادوا في الاشهر الاخيرة على أن يسمعوا من نتنياهو نغمات متشائمة بعودته الى الانشغال بالمسألة الاستراتيجية المفضلة عليه وهي ايران. في محيطه يتحدثون عن جهود ايران لنشر “حلقة نيران” حول اسرائيل، أي نصف صواريخ وقذائف تهدد كل اراضي اسرائيل من عدة جبهات: لبنان وسورية والعراق وقطاع غزة. تجديد محاولة انشاء خطوط انتاج لزيادة دقة السلاح في لبنان يوصف هناك كسبب كاف لشن الحرب.
بينيت يهدد بخط عمل هجومي ومبادر في الشمال. أول من أمس في نهاية زيارته لمشاهدة مناورة عسكرية في هضبة الجولان مع رئيس الاركان افيف كوخافي، أطلق تهديدا عدائيا آخر. “كلما حاولت ايران التمركز في الاراضي السورية فهي ستغرق في رمال سورية”، واضاف “نحن نزيد الضغط”.بالنسبة لوزير الدفاع الانتظار وضبط النفس ليست من الخيارات. عندما يدور الحديث عن رجالها فان ايران حساسة للخسائر. وحسب رأيه، يمكن ابعاد القوات العسكرية والمليشيات الاجنبية التابعة لإيران من اراضي سورية بواسطة عملية تدار جيدا.
معهد اسرائيل للاستراتيجية والامن نشر في هذا الاسبوع تنبؤاته للسنة القادمة. المعهد الذي أحد كبار شخصياته هو الجنرال احتياط يعقوب عميدرور، مستشار الامن القومي السابق لنتنياهو، يتوقع أن “ايران ستواصل افراغ الاتفاق النووي من المضمون وربما ستسرع بصورة دراماتيكية مراكمة المادة المتفجرة للسلاح النووي. الضغط بالحد الاعلى لواشنطن سيواصل ضعضعة اقتصاد ايران والنظام سيقف امام ضائقة شديدة أكثر من أي وقت مضى”.
ماذا يعني هذا لإسرائيل؟ “هناك احتمالية عالية لاستفزازات من جانب ايران. بدءا من العام 2020 فان الامكانيات الكامنة لحدوث مواجهة في أعقاب زخم النشاطات الايرانية من اجل مراكمة مواد متفجرة، التي تقتضي استعداد عسكري لمعالجة اسرائيلية ذاتية”. الجبهة الشمالية للبلاد ليست اكثر تفاؤلا: “من المطلوب الاستعداد لسيناريوهات اكثر شدة، بما في ذلك قرار اسرائيلي بشن حرب وقائية ضد حزب الله”.
التوتر في الساحة الشمالية، هذا الاسبوع قام الجيش الاسرائيلي باجراء مناورة على سيناريو يتضمن هجوم كوماندو من قبل حزب الله من لبنان واحتلال مستوطنات على طول الحدود، هذا التوتر من شأنه أن يتأثر بثلاث عمليات اخرى: استفزاز ايران في الخليج، الذي استهدف جزئيا جر الولايات المتحدة الى مفاوضات مجددة حول الاتفاق النووي؛ المظاهرات الكبيرة في لبنان والعراق ولفترة قصيرة في ايران ايضا، والتي تتحدى النظام في طهران؛ والمشكلات القضائية والسياسية لنتنياهو.
رئيس الحكومة، كما كتب هنا في مرات كثيرة، حرص بشكل عام على الحذر وابداء المسؤولية في معالجة الساحة الشمالية. مع ذلك، يبدو أن هذه فترة تقتضي حساسية خاصة من جهة رؤساء اجهزة الامن من خلال ادراك ثقل المسؤولية الملقاة عليهم. هذا ليس الوقت المناسب لقبول الحكم الحتمي القائل بأنه لا يمكن تجنب الحرب – لأن ايران تواصل عمليات تمركزها وراء الحدود. هذا الامر هو اكثر صحة عندما يدور الحديث عن رئيس حكومة انتقالية، الذي فشل مرتين في محاولة تشكيل ائتلاف ويقف امام لائحة اتهام ثلاثية تتعلق بمخالفات فساد.
تهدئة مشكوك فيها
وفدان فلسطينيان لحماس والجهاد الاسلامي أجريا في بداية الشهر محادثات في القاهرة مع المخابرات المصرية حول امكانية تهدئة طويلة المدى مع اسرائيل في القطاع. وبعد المحادثات قال مدير شبكة الاعلام “الاقصى” المتماهية مع حماس، وسام عفيفة، بأن اسرائيل يمكن أن تزيد عدد تصاريح العمل لعمال القطاع داخلها من 5 آلاف (الذين كثيرون منهم يعتبرون رجال اعمال) الى 20 ألف.
وثيقة مركز المعلومات الاسرائيلي للشؤون الاستخبارية والارهاب، والذي يقتبس اقوال عفيفة، تتضمن مع ذلك تحليل متشكك بشأن احتمالية تسوية طويلة المدى في القطاع. حماس تواصل اظهار المعارضة لفترة تهدئة مدتها عشر سنوات. وحسب رأي صائغي الوثيقة فان حماس تسعى الى تفاهمات على صيغة تم التوصل اليها بوساطة مصر بعد عملية الجرف الصامد في صيف 2014 وبقيت صامدة حتى بداية مظاهرات الجدار في آذار (مارس) 2018. هذه التفاهمات تشمل تسهيلات في الحصار والمساعدة الانسانية مقابل وقف اطلاق الصواريخ ووقف المظاهرات. وحسب فهم حماس فان هذه التسوية هي لسنوات معدودة ولكن ليس عشر سنوات.
في الاسابيع الاخيرة وردت هنا تقديرات للجيش الاسرائيلي حول احتمالات انطلاقة مهمة مع حماس. في قيادة الاركان شخصوا وجود فرصة ازاء الضائقة التي تمر بها حماس وجولة القتال الاخيرة في القطاع في منتصف تشرين الثاني، التي تم ضرب الجهاد الاسلامي فيها. الضباط يخافون من أن جدول الاعمال السياسي في ظل قرار اجراء انتخابات ثالثة سيقلص مجال مناورة المستوى السياسي ولن يمكن من التوصل الى تفاهمات واسعة.
العميد احتياط ميخائيل ملشتاين الذي كان رئيس الساحة الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية في عملية الجرف الصامد اكثر تشككا. في مقال في موقع معهد السياسات للمركز متعدد المجالات في هرتسليا، كتب ملشتاين بأنه “رغم الاشارات المتفائلة، ما تزال هناك عقبات قوية” ستصعب التوصل الى تهدئة على المدى الطويل. وحسب اقواله، من الصعب القول بأن حماس قد اتخذت قرارا استراتيجيا لصالح التسوية. لأن الكثيرين في قيادتها يخافون من التخلي عن فكرة المقاومة العنيفة ضد اسرائيل.
حماس لم تحل حتى الآن مشكلة المقاومين في غزة ولم تسيطر تماما على فصائل اخرى تقوم باطلاق الصواريخ بين الحين والآخر نحو اراضي اسرائيل. وحماس ايضا لم تتنازل عن استمرار العمليات في الضفة الغربية والتي من شأن نجاحها ضعضعة الاستقرار في الساحة الفلسطينية كلها. اضافة الى ذلك، كتب ملشتاين، بأنه مشكوك في أن اسرائيل ناضجة لتقديم تنازلات بعيدة المدى وملزمة في فترة انتخابات.