عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Feb-2020

أبناء المثلث: نحن لسنا حجارة شطرنج - بقلم: نوعا شبيغل

 

هآرتس
 
في الايام الاخيرة ايقظت خطة ترامب كل الهموم النائمة في قرى المثلث فالكثير من سكانها يشعرون بعد طرح الخطة بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
عند الظهيرة في محل لبيع البيتزا في الطيرة تجمع عدد من الشباب على شكل برلمان حول طاولات عليها كؤوس القهوة وعلب السجائر وأوراق اليانصيب. عناوين الصحف المنتشرة حولهم تصرخ بأحداث مساء الأمس – “صفقة القرن” للرئيس ترامب التي تم عرضها في البيت الابيض بدون حضور ممثل فلسطيني.
القضية التي شغلت من يجلسون حول الطاولات هي اذا تم تنفيذها فستؤثر بشكل مباشر على حياتهم، وهي نقل سكان قرى المثلث ممن داخل الخط الاخضر الى مناطق الدولة الفلسطينية، فتحي دعاس، أحد سكان القرية، عبر عن خيبة الأمل من بند ظهر في الخطة، “نحن سنوجه سؤالا للرئيس الاميركي دونالد لترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أنت ستسكن منذ الآن في جسر الزرقاء، ويا سيد ترامب، أنت ستسكن في المكسيك. ونحن سنكون فرحين اذا كان هذا سيكون مفرحا لهم وكيف سيكون ردهم”.
واضاف بغضب: “بأي حق جاء ترامب ليملي علينا؟ هل هو أب أو صديق أو عدو؟ لقد جاء لإلقاء قنبلة دون فحص التداعيات. الدماء اذا سفكت هنا، فهي ليست دماء الاميركيين. فما الذي يهمه؟”.
في اليوم التالي لاعلان ترامب فان المحادثات اليومية في ارجاء قرى المثلث كانت حول الخطة التي عرضها الرئيس. الكثيرون يعتقدون أن الامر يتعلق بمناورة سياسية فقط، لكن عدد غير قليل عبروا عن عدم الارتياح لفكرة نقلهم الى المناطق الفلسطينية بعد أن اعتادوا على كونهم جزء من الدولة. خلال سنوات هم يعتبرون أنفسهم جزءا لا ينفصل منها.
هذه الرؤية تتساوق في اوساط الكثيرين مع المشاركة في التعاطف مع ابناء شعبهم الذين يوجدون خلف الجدار، ويتساءل قصي عراقي، وهو أحد الجالسين بالمحل “اذا قام الاميركيون بانتخاب شخص مجنون فهل علي تحمل ذلك؟”.
ياسمين شبيطة، مهندسة معمارية من الطيرة، حاولت شرح هذا التعقيد. “نحن أنفسنا منقسمون، عدد منا يشعرون بأنهم لا ينتمون للضفة”، قالت وعبرت عن خيبة الأمل مما تعتبره كفقدان للهوية لعدد من سكان قرى المثلث، “لقد شعرت بخيبة أمل لأن الناس فجأة نسوا من هم، نحن مواطنون في اسرائيل، نسمي انفسنا سكان اسرائيل، وفقدنا الهوية، الناس يشعرون بأنهم راضون ويقولون إنه لا يناسبنا نمط الحياة هناك، في السلطة الفلسطينية. الناس نسوا القصة وأصالة هذا الأمر، أننا فلسطينيون نعيش تحت الاحتلال، أنا أسمي هذا احتلالا لأننا لا نتمتع بالظروف السائدة”.
شبيطة قالت ايضا إن خطة ترامب تعزز احساسها بأنها مواطنة غير متساوية في الدولة، وضمن امور اخرى، بسبب التمييز والاهمال المتواصل القائم في القرى العربية، اللذان يعتبران حسب رأيها استراتيجية للحكومة. “ايضا أنا اشعر بأنني مواطنة من الدرجة الثانية”، قالت واضافت “قانون القومية خيب أملي، وشعرت بأنني مهملة. وفجأة عندما يقولون إنهم يريدون نقلها، فهذا يثبت اكثر على هذه النقطة”.
اسعد دقة، صاحب مقهى في باقة الغربية يشعر بأن الحكومة أهملته كمواطن، “نتنياهو يسافر الى روسيا من اجل اطلاق سراح الفتاة المتهمة بحمل المخدرات، وقام باطلاق سراح صدقي المقت (الجاسوس الدرزي من مجدل شمس)، لا يوجد لرئيس الحكومة أي اهتمام بنا. وأنا لا أشعر بأنه رئيس حكومتي”.
جميل أبو مخ، مدقق حسابات ومحامي (32 سنة) من باقة الغربية أشار الى الشعور بعدم الانتماء وادارة الظهر من جانب الدولة لمواطنيها العرب. “لقد قمنا بالاندماج في المجتمع الاسرائيلي – اليهودي اكثر مما اندمجنا في المجتمع العربي. تعلمنا في تل ابيب وبئر السبع. قم بإجراء استطلاع عام وستعرف من الذي يهتم بذلك”، واضاف “من أنتم كي تقرروا عنا.
ورغم رغبته في البقاء في الاراضي الاسرائيلية، إلا أن أبو مخ يعبر عن الغضب من الصعوبات التي تضعها الدولة أمام المواطنين العرب في روتين الحياة. “من جهة، الدولة تريد منا أن نكون جزءا منها. ونحن نعمل في جميع المؤسسات الحكومية وفي جهاز الصحة، وما زالوا يقومون بإهمالنا”. واضاف “الناس يدفعون الارنونا مثل نتنياهو ويعملون مثل الجميع، كل شخص في مكانه. ويريدون التطلع لمستقبل أفضل، لكن بتعاون… الدولة تكسرنا”.
احتواء وليس إقصاء
عودة إلى محل البيتزا في الطيرة. المحادثات هناك تحولت الى نقاشات حول السياسة تعكس بشكل كبير يأس الشارع العربي. عراقي، أحد اعضاء ذاك “البرلمان”، قال بأنه صوت لحزب ازرق ابيض، واشار الى أنه لم يخب أمله من ردهم المؤيد للخطة. “غانتس لم يصبح بعد رئيسا للحكومة، وهو لا يمكنه قول أي شيء لترامب. هذه ايضا خطة سياسية، صنعوها الآن كي لا يتحدث أي شخص عن لوائح الاتهام”، قال.
اثناء حديثه دخل الى المحل شخص مسن واوضح بصوت مرتفع أنه يكره اعضاء القائمة المشتركة، لكنه ينوي التصويت لهم – بسبب تحريض اليمين. حسب قوله. وعندما سئل اذا كان يفضل العيش في الدولة الفلسطينية صرخ، نعم. واوضح أن هذا بسبب أنه لا يستطيع تحمل العنصرية التي يواجهها كسائق باص. “هو لا يمثل”، قال أحد الموجودين في المكان في الوقت الذي انفجر من حوله بالضحك. “الاغلبية الحاسمة تريد العيش هنا”.
مثلما هو الامر في الشارع، ففي الشبكات الاجتماعية بالعربية، ثار حوار يقظ في الايام الاخيرة حول الخطة التي تضمنت ايضا الكثير من النكات. أحد المنشورات الافتراضية في الانترنت كانت رسم لعلم اسرائيل، حيث كان أحد المثلثات التي تكون نجمة داود غير موجود.
“العنوان كان طوال الوقت الاحتواء وليس الاقصاء، وبدلا من أن يكون الناس جزءا من السكان الاسرائيليين، يقومون بإقصائهم”، قال جمال مجادلة، وهو شخصية عامة ونشيط اجتماعي في باقة الغربية، الذي أسس في 2009 مع الدكتور مايك دفرات ويغئال ليبر مركز رأسمال بشري، هدفه الربط بين رجال اعمال يهود وعرب، وقد قال عفيف أبو مخ “إنه لا توجد مواطنة مشروطة في أي دولة في العالم، بالضبط مثلما أن اليهودي في الولايات المتحدة ليس لديه الشعور بأنه مواطن مشروط”.
مجادلة حاول عدم اظهار الغضب. ولكن الغضب بدأ بالظهور قبل وقت طويل من نشر الخطة. “في العام 1949 لم يسألونا، والآن ألا يجب عليهم سؤالنا؟ ضمونا ايضا الى دولة فلسطين، لكن مع كل اراضينا التي قمتم بمصادرتها”، قال واضاف “من يصنع لنا معروفا؟ نحن مجموعة سكانية مهانة. حررونا”.
في محادثة في مكتب المركز، في اليوم التالي للاعلان عن خطة القرن، سخر ليبر ومجادلة حول من منهما يجب عليه الحصول على تأشيرة من اجل عملهما معا، “أنا لا أعرف ماذا سأفعل مع يغئال الآن، ربما سنحتاج الى تصريح عمل”، ضحك مجادلة. عندها اصبح جديا وقال “هذا في الحقيقة غير قابل للتطبيق، نحن لسنا قطع شطرنج”، وعندما سئل كيف يعتبر نفسه – ” والدي فلسطيني وأنا ابن والدي”، ليبر سارع في التدخل وقال “هو مندمج في المجتمع الاسرائيلي أكثر مني”.
وفي محادثة معه في شوارع المدينة أظهر لي مجادلة بيت يوجد على جدار الفصل بين قرية نزلة عيسى في الطرف الفلسطيني وباقة الغربية في الطرف الاسرائيلي، نحو ستة أمتار فقط تفصل بين البيوت في الطرفين، حيث على الشارع الموازي في الطرف الاسرائيلي يسير ولد فلسطيني وهو يحمل أكياس فيها خضراوات في الطريق الى الطرف الفلسطيني. “لو لم يكن هذا السور – بالعكس”، قال مجادلة، “هذا غير طبيعي”.
مع هذا السور أو بدونه، في اسرائيل أو في فلسطين، يبدو أنه يوجد اتفاق حول الحاجة لاشراك السكان في أي عملية تمس حياتهم. عراقي يعطي مثل “الشمس والرياح تراهنتا من الأقوى منهما. ومن التي يمكنها خلع معطف تومار (مصور هآرتس). الرياح هبت وتومار أمسك بمعطفه، والمعطف بقي مكانه. الشمس اشرقت وتومار خلع المعطف لوحده. كل شيء يجب التوصل اليه بالاتفاق. واذا اعطيت الفلسطينيين الأمل فان كل شيء ممكن. اذا اعطوهم دولة فهذا لن يحل النزاع. فاذا لم يكن هناك عمل أو أمل فانه لن يتغير أي شيء”.