عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-May-2020

اقتلاع مزروعات إيرانية نبتت في الحقل السوري - بقلم: اليكس فيشمان

 

معاريف
 
من ناحية الجبهة السورية – انتهت أزمة الكورونا. فسلسلة الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سوريا، في اثناء نيسان، تبدأ في ان تظهر كسياسة مرتبة، مخططة. ليس مجرد ردود فعل على خطوة إيرانية، بل أعمال مبادر اليها، غايتها، أغلب الظن، هي اقتلاع مزروعات إيرانية نبتت في الحقل السوري: نشر ميليشيات مؤيدة لإيران في الجولان، استئناف نشاط حزب الله في لبنان، قيادات، مخازن عتاد عسكري وغيرها. منذ توقف هناك الحرث في شباط توقفت تقريبا التقارير في المصادر الاجنبية عن نشاط عسكري إسرائيلي، وعزي الأمر إلى أزمة الكورونا التي بلغت ذروتها في إسرائيل في محيط الفصح. إضافة إلى ذلك، لما كانت الحرب ما بين الحروب التي تديرها إسرائيل في الشرق الأوسط لا تتشكل فقط من أعمال جوية، معقول جدا الافتراض بان تكاثف النشاطات – التي تتضمن ايضا تقارير عن تفجيرات غامضة – هي اكثر كثافة بكثير مما تنشر في المصادر الاجنبية. الإيرانيون هم ايضا يحاولون العودة إلى الحياة الطبيعية ما قبل أيام الكورونا في سورية. فاذا كانوا حتى نهاية اذار ينقلون بطائرات الحرس الثوري عتادا طبيا من الصين إلى طهران، فمنذ بداية نيسان عادت هذه الطائرات لتهبط في دمشق ايضا بينما في بطنها عتاد عسكري. بالصدفة أم بغير الصدفة، فان التقرير الاجنبي الأول عن غارة جوية اسرائيلية في دمشق ظهر هو ايضا في بداية نيسان. ومنذئذ فتح ايضا من جديد الميناءان في اللاذقية وفي بانياس لاستيعاب الوقود والمعدات من انواع مختلفة وصلت من إيران. طائرات النقل السورية عادت إلى الطيران إلى إيران. فالالة الإيرانية عادت إلى تحريك دواليبها في سورية – ولكن بتعثر، بعد أن تلقت ثلاث ضربات قاضية: أزمة كورونا فتاكة مع آثار اقتصادية واجتماعية، تواصل العقوبات الأميركية الشديدة وفوق كل ذلك أزمة أسعار النفط.
النظام السوري هو الاخر عاد إلى اللعبة بجراحات أكثر بكثير. فالازمة الاقتصادية في سورية ليس فقط تحتدم، بلا بقعة ضوء وبلا خطة خروج – سورية تعاني ما لا يقل عن دول اخرى في المنطقة من الكورونا – بل لا يوجد هناك ايضا من يجمع المعطيات ومن يعالج. السوريون يقفون في الطابور للخبز وليس لفحوصات الكورونا.
ما كان يمكن لإسرائيل أن تستأنف بشكل مكثف الأعمال المنسوبة لها في سورية دون موافقة روسية صامتة. ففي السنة الخامسة لتواجدهم في سورية، في عصر أفول الكورونا، يجدر الروس أنفسهم في احباط عميق: كل التوقعات للبدء ولاستخلاص المنافع – ولا سيما الاقتصادية – من استثمارهم في سورية لا تتحقق، وعمليا من أجل الحفاظ على حكم الاسد فانهم مطالبون الآن ليس فقط في أن يستثمروا مالا طائلا، ليس لديهم، في الجيش، بل وايضا في ازمة انسانية – اقتصادية – طبية لا يرون لها نهاية. الإيرانيون، حلفاء الروس لغرض القتال على الاراضي السورية، هم عائق ومنافس في كل ما يتعلق بتنفيذ السياسة الروسية العامة للسيطرة على الدولة ومقدراتها. وعليه، يبدو أنه سهل اليوم على الروس أن يتجاهلوا الضربات المنسوبة لإسرائيل للمنافس الإيراني. كما أن الأميركيين ارتفعوا درجة بالنسبة للمواجهة العسكرية المحتملة مع إيران. فازعاجات الاسطول الأميركي في الخليج الفارسي أدت إلى تعليمات واضحة من الرئيس ترامب لمهاجمة السفن الإيرانية. اما الإيرانيون من جهتهم فيتهمون الولايات المتحدة بل فقط بالازمة الاقتصادية بل وايضا بصد القدرة الإيرانية على الوصول إلى وسائل طبية لمواجهة الكورونا. هكذا فان التوتر في الخليج يرتفع، وهو سيواصل التصاعد كلما اقتربنا من شهر حزيران – حين سينشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الخروقات الإيرانية في مجال تخزين اليورانيوم المخصب. ينبغي الافتراض انه يوجد بين إسرائيل والولايات المتحدة تنسيق أو تفاهم بشأن الضغوط على إيران. تجربة الماضي تبين انه كلما تصاعد التوتر في الخليج، تصاعد أيضا التوتر بين اسرائيل وإيران في الجبهة السورية.
كل هذه الملابسات تسمح لإسرائيل بان تمسك بإيران وهي ضعيفة في سورية. هذه فرصة استراتيجية، وذلك لان حتى لو ارادت إيران أن ترد – فانها ستجد لإسرائيل ذريعة لعمل عسكري جذري أكثر ضدها.