عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Oct-2022

مغزى إصابة حماس بنيران صديقة* عيسى الشعيبي
سوشيال ميديا -
في مشهد واحد تجلى مرتين اثنتين، بين الشهر السادس والشهر التاسع من هذه السنة، سُمع دوي صافرات انذار، اعقبها هدير مدفعية من كلام ثقيل، اطلقها كتاب واعلاميون ونشطاء لامعون على الشبكة العنكبوتية، من أبناء "حماس"المدافعين عن حركة المقاومة الإسلامية بثبات، لتنبيه الحركة من مغبة تطبيع العلاقة مع دمشق، حيث بدا هؤلاء الابناء في هاتين المرتين اصحاب صوت مختلف عما عهدناه بهم، وعما درجوا عليه من قبل، اذخرجوا عن سياق "انا من غُزية ان غوت غويت وان ترشد غُزية ارشدي" حتى لا نقول خرجوا عن طورهم، ومارسوا انتقادات علنية نادرة، إزاء قرار قيادة الحركة المجاهدة في غزة، العودة الى أحضان نظام الأسد، الامر الذي يستحق مزيداً من الإضاءة، والكثير من الاستعادة، رغم ان دوي تلك الصافرات بقي حبيساً في الفضاء الحمساوي البعيد، ولم يتردد صداه في غزة.
في المرة الأولى كان لافتاً ذلك النقد اللاذع من جانب حاضنة "حماس" في الخارج ضد تهافت قياد الحركة في غزة، الواقعة في غرام ايران، نحو دمشق، وكان من المشوّق رؤية رد فعلقيادة يحيى السنوار والزهار على ذلك الاحتجاج، الذي مر مرور الكرام، دون ان يثير نقاشاً داخلياً او يؤدي الى مراجعة ذاتية، الامر الذي يشي بقلة الاكتراث وانعدام الاهتمام بمن شكلوا رأس الحربة الإعلامية في معارك "حماس" مع الداخل الفلسطيني، حول الشرعية والمرجعية والسلطة، ناهيك عن مواجهاتها مع الاحتلال. حيث ظل الصمت سيد الموقف الى ان تجدد من جانب واحد قرار العودة المحمولة على جناح وساطة إيرانية قام بها حزب الله.
رغم الضغوط التي مارستها الجمهورية الإسلامية، غير المعلنة، على الأسد المطواع لرغبات آيات الله، لم تنفتح أبواب دمشق امام "حماس" التي تم وصفها من جانب أوساط صحفية موالية في ذلك الوقت (صحيفة الوطن) انها حركة غادرة،كما طالب بعض الشبيحة الصغار ان تأتي الحركة الإسلامية جاثية على ركبتيها ان ارادت التنعّم بأفياء بستان هشام بن عبد الملك، الا ان طهران لم تيأس من المحاولة، فواصلتها عبر حزب الله، الذي انتزع قراراً ثانياً من قيادة الحركة بإعلان نيتها العودة الى الديار التي كانت قد غادرتها قبل عقد من الزمن، الامر الذي اثار حفيظة من يصح تسميتهم "حرس الضمير الأخلاقي" لحركة المقاومة الإسلامية، وهو ما أعاد سيل انتقادات اعنف من ذي قبل إزاء قياد غزة، التي وضعت الطين في اذنها اليمنى وفي الأخرى وضعت العجين، وتجاهلت أصواتاً غير قليلة الوزن، حتى من داخل القطاع المحاصر، اصراراً منها على الاستجابة لوساطة حزب الله.
 غداة الإعلان الاول عن قرار الحركة العودة الى دمشق، وصف احد اشد المدافعين، بالباع والذراع، عن "حماس" من مقر اقامته في أوروبا، ذلك القرار انه خطيئة كبيرة، ودعا حركته الى التراجع عنه، اما غداة الإعلان الثاني، فقد بادر الإعلامي نفسه بشن هجوم اشد ضراوة من السابق على تكرار نية العودة الى جمهورية الكبتاغون (حسب وصف صحيفة ليفغرو الفرنسية)وقال كلاماً لا يقوله اشد خصوم "حماس"كما قام بتقديم نماذج من اقوال ومقالات نجوم كتاب متلألئين في فضاء اعلام الحركة، من داخل غزة وخارجها،اجمعوا فيها على رفض القرار، الذي يُراد له ان يعيد ضبط عقارب الساعة الفلسطينية وفق التوقيت الإيراني، فضلاً عن استكثارهم على "حماس" بما ترمز اليه، الارتماء في حضن نظام لن يقدّم للحركة، في احسن الأحوال، أكثر من مكتب خاضع لمراقبة استخبارية تعد انفاس زائريه في الليل والنهار.
خلاصة ما يمكن قوله في ختام هذه المقاربة المركّزة على جانب واحد من المشهد الاوسع، ان الكتّاب والصحافيين والادباء وسائر المشتغلين في حقل الابداع الثقافي والاعلامي، هم من بين اهم الممتلكات القيمية للثورةالفلسطينية، وهم وجهها الجميل وصورتها المشرقة، حيث كان أبو عمار يسميهم سدنة الثورة ويطلق عليهم لقب ضمير الامة، ويقول لضيوفه من هؤلاء، في ساعة عشاء متأخرة: بدونكم كانت بندقية الثورة ستتحوّل الى بندقة قطّاع طرق، الامر الذي كان يحمله على الاصغاء لهم، مجاملتهم الى ابعد الحدود، والمبالغة في تكريمهم، ان لم نقل تدليلهم، ناهيك عن دعم مراكزهم البحثية والإعلامية، واسناد مؤسساتهم العلمية والتعليمية بكل السبل الممكنة، الامر الذي ازدهرت فيهالحياة الثقافية الفلسطينية على نحو لا سابق له، وصارت خط دفاع لا يقهر ضد الاحتلال البغيض.