عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Dec-2025

التعامل العربي مع وسائل التواصل الاجتماعي.*احمد ذيبان

 الراي 

وسائل التواصل الاجتماعي، أحد أهم مخرجات العصر الرقمي، وأظن أن من اخترعوا هذه المنصات كانوا يفكرون بتوسيع مساحة الحوار والنقاش والترفيه، وتبادل المعلومات المكتوبة والمصورة والفيديوهات بسرعة غير معهودة، وبتفاعل فوري بما يخدم البشر .
 
ولم يخطر في مخيلتهم أنها ستستخدم لإضاعة الوقت، أو لغايات شخصية وتبادل الشتائم والنميمة كما تفعل الغالبية العظمى من العرب، حيث تم استنساخ التقاليد والعادات العربية في النقاش والمناكفة والكيدية والشتائم والثأرية، ونقلها الى وسائل التواصل الاجتماعي، وأحسب أن المجتمعات الأجنبية، لا تضيع وقتا طويلا أمام الشاشات دون جدوى كما نفعل نحن .
 
وأي عملية رصد ومتابعة أو استطلاع، لما تحفل به منصات التواصل الاجتماعي، "الفيسبوك وتويتر وانستغرام والواتساب...وغيرها "، من تفاعل الجمهور العربي مع ما ينشر فيها، تكشف حجم "الملهاة " والكم الكبير من السطحية والمزاجية وأحيانا السذاجة، في الاهتمامات والأولويات لدى النسبة الكبيرة من مستخدمي هذه المنصات، أو ما يوصفون بالنشطاء أو الأكثر متابعة وتأثيرا على هذه المنصات .
 
ومع ذلك لا يمكن تجاهل، أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت متنفسا، ورفعت سقف حرية النشر والتعبير والنقد الى مستويات غير مألوفة وشكلت قوة ضغط وتأثير، خاصة وأنها لا تخضع للرقابة والمساءلة، ولا تحكمها معايير أخلاقية ومهنية، ولا تخضع لسلطة الدول والحكومات، التي تصدر القوانين والتشريعات لضبط سقوف النشر في وسائل الإعلام والصحافة التقليدية والرقمية.
 
بعض من يوصفون بالنشطاء أصبح يفتح حسابا على "اليوتوب" وهي عملية سهلة ومغرية ، ويبث فيها فيديوهات يقول فيها ما يشاء، من كلام في السياسة والاقتصاد ويكيل الشتائم بينهم الصالح والجاد بما يقوله، وآخرون يرغبون بالظهور واستخدام هذه المنصات لأسباب شخصية وكيدية.. وبعضهم يزعم أنه اكتشف أدوية وعلاجات من الأعشاب، ويقدم وصفات طبية لمعالجة أخطر الأمراض التي عجز عنها العلم، أو لتغذية النزعات الطائفية ونشر الكراهية والتحريض على التطرف .
 
ومن هنا أصبحت الحكومات في عديد الدول، تضع تشريعات وأنظمة لمراقبة ومعاقبة من يتهمون بنشر الإشاعات وخطاب الكراهية ويحرضون على التطرف.
 
وأكثر من ذلك أصبح العالم الرقمي، يشكل خطرا على الأشخاص والدول، حيث نشطت أساليب القرصنة الإلكترونية لاختراق المعلومات، الأمر الذي نتج عنه اهتمام الدول بالبحث عن طرق لمواجهة هذا الخطر، وظهر ما أصبح يعرف بـ " أمن تكنولوجيا المعلومات – الأمن السيبراني "، وهو يعني ممارسة، وحماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية، التي تهدف عادةً إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة، أو تغييرها أو إتلافها أو ابتزاز المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات التجارية.
 
ولأهمية هذا الموضوع عقدت وتعقد مؤتمرات دولية وإقليمية، لبحث أساليب وآليات التصدي لهذا الخطر، مثل مؤتمر الأمن السيبراني الذي عقد في عمان عام 2019
 
لنشر وتبادل المعرفة، بين جميع القطاعات التي تعمل في مجال الأمن السيبراني في الوطن العربي.
 
ومن خلال رصد عشوائي قمت به، لحجم التفاعل مع بعض المنشورات والمواد والصور والفيديوهات، التي تزخر بها وسائل التواصل الاجتماعي، لاحظت فرقا كبيرا في التفاعل ، من خلال "اللايكات" والتعليقات والرسومات والأشكال التعبيرية، حيث تحظى المواد السطحية والضحلة والشخصية والساخرة بكم كبير من التفاعل، بعكس المنشورات والمواد الجادة، التي تتطلب جهدا فكريا وثقافيا ومهنيا، وتتطلب متابعتها القراءة والتمعن بالمضامين والأفكار، وهذه لا يكترث بها أو يتابعها الا قلة من أصحاب الحسابات، فالكل يريد تناول"ساندويشات " خفيفة.