عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Apr-2021

الأفاعي تُغيّر جلودها ولا تُغيّر طِباعها*مجيد عصفور

 الراي

ردة فعل بعض المسؤولين الاردنيين على امتناع رئيس حكومة العدو تزويد الأردن بكميات اضافية من المياه هي الخبر وليس الرفض هو الخبر.
 
«نتن ياهو» ومن قبله ومن سيأتي بعده أعداء غاصبون لا يجوز أن نأمل ولا للحظة أن يكونوا غير ذلك، فالأفاعي تُغيِّر جلودها ولا تُغيِّر طِباعها.
 
قبل مؤتمر ما سُميَّ بالسلام بين العرب وإسرائيل عام 1991 في مدريد مُنيَّ العرب بسلسلة من الهزائم، لكنهم حتى ذلك التاريخ لم يسقطوا الخيار العسكري كطريق وحيد لاسترداد فلسطين وأجزاء أخرى من اراضي الاردن ومصر وسوريا احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967.
 
بعد مؤتمر مدريد بدأ مسلسل جديد من الهزائم الاشد ايلاما من الهزائم العسكرية، حيث اضاف العرب فشلا سياسيا في مجابهة اسرائيل، كانت نتيجة هذا النوع من الفشل ضياع أي قدر من الامل مهما كان بسيطا في استرداد شبر واحد من فلسطين او من هضبة الجولان السوري الاستراتيجية.
 
اسرائيل تدير معاركها السياسية ببراعة تفوق بكثير ادارتها للمعارك العسكرية، هذه حقيقة لم يتنبه لها قادة الامة العربية وان تنبهوا لم يستغلوها، لان الحوار السياسي يحتمل التسويف والمراوغة والحرد، وترجمة هذه الاساليب تعني شراء الوقت وتغيير الامر الواقع على الارض، لكن الحوار العسكري لا يحتمل اي من هذه الاساليب، والتفوق العسكري الاسرائيلي لا يمكن ان يدوم الى ما لا نهاية، واذا ما جاء وقت تتعادل فيه القوى وهذا غير مستبعد ستتغير الموازين، اذ لا ينقص الجندي العربي المستعد للتضحية سوى سلاح حديث وارادة قتالية لدى القيادة السياسية، ليظهر تفوقه على الجندي الاسرائيلي الذي يخشى الموت على عكس الجندي العربي الذي يقدم روحه بطيب خاطر دفاعا عن الارض والشرف ورفضا للذل.
 
وبغض النظر عن النتائج الصفرية لكل مراحل التفاوض مع اسرائيل منذ عام 1991 لا بل واستمرار عملية التقهقر والتنازل من جانب العرب لصالح تقدم العدو الاسرائيلي وتحقيق المزيد من المكاسب، استمرت الانظمة العربية بالتفاوض، لانها رأت فيه ميزتين لا يراهما إلا اصحاب الهمم المنخفضة، فالمفاوضات لا تتطلب شجاعة او تضحية بل على العكس من ذلك لان فيها شمة هوا وسياحة اما الميزة الثانية فتتمثل بخداع النفس قبل خداع العدو، بان كثرة مجالسة الاعداء والحديث معهم يضمن لهم طول البقاء على الكراسي الرئاسية.
 
أردنياً نحن اكثر العرب تأثرا بالغطرسة الاسرائيلية، فبعد توقيع اتفاقية السلام بيننا وبين اسرائيل، بدأت بالتخطيط لنقض اي بند يحفظ للاردن حقا ما سواء في الامن او المياه او الحدود، او الحقوق الاخرى التفصيلية التي تحكم العلاقة بين الدول المتجاورة كالبيئة وغيرها.
 
وأردنياً وقعنا او اوقعنا انفسنا بنفس الخطأ الذي وقع به العرب في استمرار التفاوض مع العدو والالتزام ببنود المعاهدة بالرغم من التفسير القانوني الدولي الواضح الذي يعفي احد اطراف اي معاهدة من الالتزام ببقية البنود اذا اخل طرف بأي بند من البنود، لكننا ولاسباب غير واضحة ما زلنا نتمسك بها ونلجأ بعد كل اختراق لها الى الاحتجاج الدبلوماسي «شديد اللهجة» او الطلب من القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الضغط على اسرائيل للالتزام بما اتفقنا عليه كما يحدث كل يوم تقريبا عندما يقتحم المستوطنون المسجد الاقصى تحت حراسة جنود الاحتلال، الى ان سئم العالم من شكوانا ولم يسأم من اعتداءات اسرائيل.
 
وعودة الى موضوع المياه فمنذ توقيع معاهدة السلام بيننا وبين اسرائيل في تشرين أول 1994 بقينا نعتمد على تزويدنا بحصتنا من مياه الفيضانات التي تهطل على جبالنا شتاء وتذهب الى بحيرة طبريا لنأخذها بالصيف، لاننا عند توقيع الاتفاقية لم نكن نملك سدودا لتخزين هذه المياه، وكان هذا سبب اللجوء الى هذه الآلية آنذاك، وبعد ذلك رأينا كيف تحكمت بنا اسرائيل وتلاعبت بهذا الامر، لدرجة انها ارسلت لنا ذات سنة مياه المجاري، ومع ذلك لم نتعلم من السلوك الاسرائيلي اي درس فنبادر الى بناء سدود او انشاء حفائر او اي اجراء يحفظ لنا ماء السماء وماء الوجه، واكثر من ذلك وقّعنا مع هذا العدو اتفاقية الغاز المشؤومة فسلمناه رقبتنا بالكامل، وبدلاً من ان نصنع قدرنا وقدرتنا رضينا بان يتحكم عدونا بقدرنا استنادا لقدرته، وان تكون مسألة بقائنا على قيد الحياة قرارا سهلا يتخذه متى شاء فلا يحتاج خنقنا الا الى اغلاق انبوبي الماء والغاز فنصبح ذكرى دون ذكر.