عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Jan-2021

سؤال السياسة الاقتصاديــة في الموازنة*جميل النمري

 الدستور

كالعادة ليس هناك الكثير مما يستطيع مجلس النواب فعله بالموازنة التي احالها الى لجنته المالية. واللجنة المالية ستصرف الكثير من الوقت للوقوف مع كل بند والاستماع من كل قطاع وكل وزير لما يخص نفقاته، لكن لن يكون هناك سوى تعديلات طفيفة جدا يمكن اجراؤها. يمكن التدخل على نطاق محدود جدا في بعض تفاصيل النفقات الجارية لكن النواب سيجدون كل مسؤول يشكو من التضييق وعجز المخصصات عن تلبية الاحتياجات. أما الواردات فمقدرة موضوعيا من مصادرها المختلفة كالضرائب والرسوم ولا احد يحب ان يرفعها على المواطن أكثر مما تفعل الحكومة، وليس واردا تخفيضها وهي التي تستند أصلا الى تقديرات متفائلة بالاقتصاد ومشروطة بعدم العودة الى الاغلاقات وتوسع النشاط الاقتصادي لتحقيق نسبة النمو المقدرة باثنين ونصف بالمئة.
 ويبقى التدخل الممكن هو على الانفاق الرأسمالي. جزء من هذا الانفاق لا يمكن التدخل به لأنه مرصود لمشاريع قيد الاستكمال وبدأت من سنوات سابقة، بينما يمكن التدخل بالانفاق الجديد المقرر لمشاريع وأنشطة الى جانب النفقات التعويضية لآثار كورونا والدعم المباشر لقطاعات اقتصادية تشكو بمرارة وتغلق بالآلاف وكذلك الدعم لشرائح اجتماعية. وهنا يكون الأمر متصلا بالسياسة الاقتصادية والمدارس المختلفة في الاقتصاد السياسي في زمن الأزمات، والسؤال هو هل الأزمة الاقتصادية التي فاقمها وباء كورونا يقتضي سياسة تقشفية أم توسعية.
الموازنة التي قدمتها الحكومة ليست تقشفية ما دامت تقبل زيادة في النفقات تفوق كثيرا الايرادات ويصل فيها العجز الى 2,7  مليار دينار تقريبا. لكن منتدى الاستراتيجيات الاردني يرى انها ليست توسعية. وذلك في ورقته التحليلية التي اصدرها حول الموازنة، حيث لاحظ ان نسبة التوسع في الانفاق العام لهذه السنة 2021 قد بلغت 6 %  وهي اقل من السنة الماضية والتي بلغت  6,3 % وأن بندي شبكة الأمان الاجتماعي ودعم السلع انخفض بمبلغ 34,8 مليون دينار. وعلى كل حال فالعام 2020 هو حالة استثنائية لا يقاس عليها فقد وضعت الموازنة قبل الجائحة التي قلبت كل شيء في النفقات كما الوارادت وغيرت الأولويات. أما موازنة 2021 فتقوم على اعتبارات الجائحة وآثارها. وضمن حالة الناس الراهنة فالموازنة ما كانت تستطيع التقشف وهي التزمت بزيادة الأجور والمخصصات للتنمية الاجتماعية والفئات الفقيرة أما النفقات الرأسمالية فقد ارتفعت من 984,4 مليون دينار الى  1,181 مليار دينار أي بزيادة 186,8 مليون دينار وهي ليست بالزيادة الضخمة والمحصلة تنسجم مع رأي المنتدى بأن الموازنة ليست توسعية رغم ان نسبة العجز الشاهقة تعطي هذا الانطباع.
طيب..ماذا سيقول النواب؟ ولنقل الأكثر اختصاصا وخبرة في الشأن المالي والاقتصادي؟ اذا نظرنا الى تفعله الدول المتقدمة فهي تتوسع في الانفاق بصورة اعلى كثيرا مما نفعل وترصد مخصصات لدعم القطاعات المتضررة وللعمال والموظفين لا تقارن مع ما فعلناه ونفعله  نحن وهو شديد التواضع، فما بالك ايضا بالتوسع في التمويل لمشاريع الشراكة مع القطاع الخاص ودعم الاستثمارات الصناعية والزراعية حتى لا نقول تمويل المشاريع الكبرى التي تنتظر قرارا. هنا نتحدث عن مبالغ لا تقل عن 3 مليارات اي قبول عجز في الموازنة يزيد عن خمسة مليارات فوق عجز تحقق عام 2020 وصل الى ثلاثة مليارات . هذا الانفاق سيضمن الخروج من الركود ورفع نسب النمو بصورة كبيرة وتحقيق انعطافة معاكسة في البطالة والفقر لكن هل سيكون حكيما رفع المديونية الى هذا الحد  حتى لو اعتمدنا المديونية الداخلية كما تفعل الدول الكبرى؟
هذا موضوع الحوار المعمق وليس التفاصيل الفرعية للنفقات الجارية هنا وهناك!