عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Oct-2019

العنصریة هي السیاسة - بقلم: أفنیر غفریاھو
 
ھآرتس
تنھیدتان لتنفس الصعداء أسمعتا مؤخرا في معسكر الوسط – یسار الیھودي في اسرائیل. الاولى، عندما علم أن ائتلاف التحریض وحصانة نتنیاھو لم یحظیا بالـ 61 مقعدا المطلوبة من اجل تحصینھا. الثانیة، عندما أعلن رؤساء القائمة المشتركة بأنھم یوصون بالقاء مھمة تشكیل الحكومة على بني غانتس. ولكن في الیوم التالي عندما علم أن ثلاثة اعضاء من بلد لم یتم شملھم في قائمة الموصین وأن جمیع اعضاء القائمة قاطعوا احتفال أداء الیمین في الكنیست احتجاجا على اھمال معالجة العنف في الوسط العربي، سارع كتاب المنشورات ومقالات الرأي الى ارسال رسائل على صیغة ”العرب لا یفوتون أي فرصة لإضاعة الفرص“.
ولكن أحدا تقریبا لم یتوقف لیسأل ما ھو دورنا في الواقع السیاسي غیر البسیط الذي یعیش فیھ الیوم الفلسطینیون من مواطني اسرائیل، ما ھي درجة تأثیرنا على موقف ممثلیھم في الكنیست. والأھم من ذلك، على أي قاعدة یمكن تشكیل شراكة حقیقیة.
سنوات طویلة اقتضتھا الاحزاب الیساریة الیھودیة كي تفھم أن ضم الممثلین المنتخبین للجمھور العربي في كتلة ھو أمر ضروري للدیمقراطیة. بالتحدید رجال الیمین فھموا منذ فترة طویلة أن ھذا من الضرورات السیاسیة لتغییر حكمھم ولیس مجرد ترف وطني. خلافا للرأي السائد، لیس فقط عنصریة تقف في اساس حملات التحریض التي یقودونھا ضد الوسط العربي وقادتھ، بل ھي استراتیجیة مدروسة، وعلى الاغلب ناجحة. وھي اخراجھم الى خارج كتلة الـ 61 للیسار وقطع كل
احتمال للتوصل الى انھاء الاحتلال ومعھ نھایة حكم الیمین. المستوطنون وشركاؤھم المفكرون الذین یتطلعون الى تخلید الاحتلال لن یعطوا لأصابع ایمن عودة أو احمد الطیبي أو عائدة توما سلیمان كي یحسموا مصیر حیاتھم. وبدونھم ھكذا ھم یحسبون جیدا، لیس ھناك ولن یكون من یوقف مؤامراتھم للضم وتحویل اسرائیل الى دولة ابرتھاید.
ھذا بالضبط ھو السبب، فإن من یعرف مثلنا أن الاحتلال لیس كلمة فارغة ومھملة، بل واقع یومي رھیب یدمر حیاتنا جمیعا، مجبر أن یفعل كل ما في وسعھ من اجل اقامة تحالف مشترك یرتكز الى التزام حقیقي من اجل انھائھ. محظور ومن غیر الممكن الاكتفاء بكلمات موصى بھا بشأن أھمیة الدفاع عن الدیمقراطیة الاسرائیلیة، لأنھ بعد 52 سنة یمكن النظر بشجاعة الى الواقع ورؤیة أنھ لا یوجد ولن یوجد في اسرائیل دیمقراطیة حقیقیة طالما أن الاحتلال مستمر.
إن النضال من اجل الدیمقراطیة یمر عبر النضال ضد الاحتلال، النضال الذي یمكن أن یعیش فقط من خلال شراكة قویة مع الجمھور العربي. أن ترغب في اصلاح المعطوب ولكنك تستمر في قمع ما یحدث في الجانب الآخر من الخط الاخضر، ھذا لیس نفاقا بل غباء جنائیا.
الیوم وبعد عشر سنوات على التحریض الجامح، یمكن أن نفھم الرغبة في تحقیق بشرى المعسكر في أن نشعر بالراحة في اعقاب الانجاز النسبي في الانتخابات وأن نتنفس ھواء نقیا أكثر من الذي تعودنا علیھ والسماح لأنفسنا بأن نأمل أنھ حقا تم وقف الخطوات التدمیریة التي وجھت ضد اجھزة القضاء والتعلیم والثقافة وضد حراس العتبة والاعلام. ولكن حزبي الیسار الصھیوني لیس لھما الترف في التخلي عن مواجھة المسألة الاساسیة، التي توجد في اساس وجودنا ھنا. على الیسار الیھودي – الصھیوني ألا یتخلى عن وظیفتھ الاساسیة وھي معارضة الاحتلال، ھذا سیكون تراجیدیا اذا عرفنا أن الاصوات الوحیدة التي ستناضل ضده في ھذه الكنیست ستأتي من اوساط حزب واحد الذي یسھل عزلھ.
إن استعراض منتخبي الحزبین، العمل والمعسكر الدیمقراطي، یظھر بالضبط ھذا الخوف. فالأول یرفع عالیا العلم الاجتماعي، الى درجة أن ظلا كبیرا یخیم على الموضوع السیاسي. حتى اجزاء من الخماسیة الدیمقراطیة التي بنیت على قاعدة بیرتس، لا یتمیزون بحماسة مضادة للاحتلال.
لذلك، ھذا ھو الوقت الذي فیھ تندمج عشرة ایام التوبة مع الفترة الانتقالیة بین نھایة الحملات وحل لغز القطار الحكومي، یجب استغلالھا ایضا للقیام بمحاسبة النفس الیساریة، ولیس حساب النفس المقیت من نوع ”مشكلة الیسار“، بل انتقاد یتركز على بلورة وتعزیز تفاھمات تمكن من شراكة یھودیة عربیة ومعارضة للاحتلال.
رؤساء القائمة المشتركة قاموا بخطوة اولى، یصعب الاستھانة في اھمیتھا التاریخیة. فالتوصیة برئیس اركان ”الجرف الصامد“ واصدقائھ في قمرة القیادة، الجنرالات، ومقاطع الزعبیین یئیر لبید، ھي ضفدع كبیرة یصعب ابتلاعھا. ولكنھم فعلوا ذلك. في الانتخابات السابقة انقذ الجمھور العربي میرتس، وفي الانتخابات الاخیرة رفع بصورة دراماتیكیة نسبة التصویت وانقذ بني غانتس. في البحث عن شریك فان ممثلي الجمھور العربي مدوا الید لمرة ومرتین وثلاث مرات، والآن جاء دورنا.