عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Dec-2024

السيناريو السوري.. هل تنجح حركات المقاومة بالتحول إلى العمل السياسي المتزن؟

 الغد-محمد الكيالي

 طرحت الأحداث الأخيرة في سورية، التي توجت بدخول مقاتلي هيئة تحرير الشام إلى دمشق، سؤالا حول إمكانية تحول حركات المقاومة ذات الصبغ الدينية والأيديولوجيات المتشددة إلى العمل السياسي المتوازن؟ وهو السؤال الذي تباينت حوله آراء خبراء ومحللين تحدّثوا لـ"الغد".
 
 
ولفت هؤلاء الخبراء إلى أن الضغوط الداخلية والخارجية، العسكرية منها والاقتصادية، قد تؤدي إلى تغيير إستراتيجيات هذه الجماعات، ما يجعلها تسعى إلى قبول أكبر ضمن النظام السياسي.
 
وشددوا على أنه إذا حصلت تغييرات في القيادة أو الفكر الداخلي للجماعة، فلربما تفتح هذه التغيرات باب الحوار السياسي، في حين أن بعض الجماعات قد ترى أن العمل السياسي أكثر فائدة من العمل العسكري، خصوصًا إذا كانت هناك رغبة في تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية.
ومن هنا، قال الوزير الأسبق وأستاذ النظرية السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان إن من الممكن أن تكون هناك تحولات إيديولوجية لدى مثل هذه الجماعات، مبينا أن هيئة تحرير الشام لم تعد كما كانت سابقاً، أي أن الجولاني نفسه هو شخص مختلف تماماً حاليا عن الشخصية ذاتها في مراحل سابقة.
وأوضح أبو رمان أنه يمكن لهذه القوى أن تُطور خطابها، لكن هذا لا ينفي أنه "ما تزال هناك تحديات في هذا المجال ومنعرجا كبيرا قادمين تتخذ شكل أسئلة موجهة ليس فقط في سورية لكن في كل الدول العربية التي شهدت ثورات وتحولات".
وأشار إلى أن هذه التساؤلات هي حول علاقة الدولة بالدين، وكيف يمكن أن تسوية علاقة الدين بالدولة في الدستور الجديد، وكيف يمكن تجنب سيطرة تيارات إسلامية على الحكم بصورة مطلقة، الأمر الذي يعد مقلقا وهاجسا لدى الأقليات.
وشدد أبو رمان على أنه دائما في المرحلة الانتقالية، لا بد من التوافق بدلا من المغالبة، وذلك يعتمد على مدى إدراك القوى السورية لهذا الأمر، لافتا إلى أن هذه القوى تحولت عن إيديولوجيا القاعدة والجهادية العالمية، وهذا ما يعد تطورا جيدا.
وتابع: "لكن حتى على الصعيد المحلي وتأسيس النظام السياسي، وعلى صعيد الدستور والتشريعات، ما تزال هناك تحديات منها الانتخابات المقبلة، ومدى قدرة التيارات الأخرى على منافسة الإسلاميين".
وبين أن الأمر الذي يمكن أن يعطي أملا، "قد يكون النموذج الذي سيسود بسورية في المرحلة المقبلة حتى على صعيد الإسلام السياسي، متأثرا بالنموذج التركي في هذا المجال".
وأوضح أن النموذج التركي في الإسلام السياسي نظريا هو "مخفف جداً" أي أنه يقوم على الاعتراف بالقوى الأخرى والتعددية.
من جانبه، يوافق المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي، على أن الحركات الجهادية يمكن أن تتحول للعمل السياسي خاصة عندما تكون أقرب إلى حركات التحرر من الأنظمة الاستبدادية.
وأضاف الماضي: "الوضع في سورية قد يكون مختلفا حتى هذه اللحظة عما جرى في دول أخرى مثل أفغانستان عندما نتحدث عن حركة أيديولوجية أتت بكل ما تعنيه الكلمة، بأفكار سلفية غير متناسبة مع التطورات التي حدثت في العالم".
وتابع: "لذلك فإن الخبرة التي اكتسبتها هذه الحركات والفصائل التي كانت في إدلب، أعتقد أنها ستتوجه بشكل كبير جدا إلى محاولة مزج النظام السياسي الجديد بين المدني والديني، بحيث لا يطغى الديني على المدني، وهذه قضية مهمة".
ويرى الماضي أن هناك تقديرا لموقف هذه الحركات القائم على أنه لن يسمح لحركات أيديولوجية محافظة بشكل كبير جدا أن تمارس عملا سياسيا، وأن تحاول أن "تؤدلج" السياسة على المقاييس الأيديولوجية التي تؤمن بها. 
وذكّر أن تركيا هي الراعي الرسمي لهذه المجموعات، فلذلك لن تقبل بأي تحولات أكثر مما هو مرسوم لها، كما أن الولايات المتحدة ليست بعيدة عن التوجهات التركية في ذلك، ويمكن أن تكون أنقرة قد عملت على تسويق التغيير في سورية وتنسيق سيطرة الفصائل الجديدة على البلاد من خلال هذا الباب.
وقال الماضي إن هناك دولا عربية تنظر بريبة وترو إلى ما يحدث في سورية، والكل يجمع على أنه لا بد من الانتظار ومحاولة معرفة إلى أين ستتجه الأمور.
وأشار إلى أنه يبدو أن الحكم الجديد في سورية يحاول أن يحث الخطى نحو مزيد من إعادة بناء الثقة بين الحكم الجديد وبين الدول العربية. 
وأضاف إن هذه القوى ستحاول إعادة رسم علاقة طبيعية بينها وبين الدول في الإقليم، مشددا على أن سورية منطقة مهمة جدا، ومفتاح مهم لأوروبا عبر تركيا ولبنان، وهذا أمر مهم بالنسبة للأردن والخليج العربي.
وشدد على أن الأردن جاهز للتعامل وفق مصالحه السياسية والاقتصادية، وأيضا للحفاظ على سورية موحدة كما ذكر جلالة الملك في أكثر من مناسبة، وكذلك الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
واعتبر الماضي أن السيناريو الأقرب كما هو واضح أن سورية تتجه إلى مزيد من الاستقرار، وستكون تحت ضغط كبير جدا شعبيا داخليا وإقليميا بحيث لن يسمح لها بالانزلاق نحو أيديولوجيات لن يقبلها السوريون. 
وقال إن الشعب السوري يخشى أن تتم إعادة إنتاج ديكتاتوريات جديدة بمسميات ومراجع سياسية مختلفة. 
إلا أن المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة، اعتبر أن تحول هذه الجماعات إلى نموذج حكم قادر على احتواء الجميع والتعامل مع الاختلافات، وعلى بناء علاقات للدولة، يعدّ عملية صعبة.
وأضاف السبايلة أن اجتماع العقبة مهم لمراقبة ما يجري في سورية، مضيفا: "لم ننتقل إلى الحل العملي لمرحلة ما بعد بشار الأسد إلى الآن".
وتابع السبايلة: "ما يزال الكثيرون في حالة النشوة، لكن بعد قليل ستكون هناك تساؤلات حول كيف ستبسط هذه الجماعات سيطرتها على الجغرافية السورية، وكيف ستصهر الجميع في وصفة حل، وكيف سيعبر الجميع عن رأيهم وعن وجودهم ومصالحهم".
وأشار إلى أن كل هذا هي تساؤلات أمام الداخل السوري.. "وأعتقد أن هذه محطة قد تكون مهمة جدا لمراقبة ما سيجري هناك".
وقال إنه "في أي لحظة يمكن أن تصل الأمور إلى مرحلة صدام أو عدم تفاهم، وبالتالي يجب التعامل مع الموضوع السوري بحذر كبير ومراقبته بشكل مستمر، ومحاولة بناء رؤية عربية تُقدَّم للداخل السوري حتى تسير الأمور قدما إلى الأمام".