عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Nov-2025

مقاتلو الأنفاق مقابل الاستسلام.. هل تقبل حماس؟

 الغد-محمد الكيالي

أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بياناً أمس، اعتبرت فيه أن ملاحقة الاحتلال لمقاتليها في أنفاق رفح وتصفية واعتقال بعضهم، يمثل "خرقاً فاضحاً" لاتفاق وقف إطلاق النار، ودليلاً على محاولات مستمرة لتقويض الهدنة.
 
 
وأكدت الحركة، أنها بذلت جهودا مع الوسطاء والقيادات السياسية بمن فيهم الإدارة الأميركية، لحل أزمة المقاتلين وضمان عودتهم، إلا أن الاحتلال، وفق البيان، "نسف كل هذه الجهود" متبنيا سياسة القتل والملاحقة.
وحملت حماس، الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة هؤلاء المجاهدين، وناشدت الوسطاء الضغط عليه للسماح بعودتهم لمنازلهم، معتبرة إياهم نموذجا للتضحية والصبر والبطولة.
في موازاة ذلك، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن نقص الغذاء والمياه في الأنفاق اضطر بعض المقاتلين للصعود إلى السطح خارج الأنفاق حيث وقعوا بين معتقل وشهيد، في حين ما تزال عشرات العناصر متواجدة في جيوب الأنفاق، ما يزيد من هشاشة الهدنة ويهدد استقرارها.
وخلال الأسبوع الماضي، قتلت قوات الاحتلال في رفح  أكثر من 20 مسلحا من الحركة، واعتقلت 8 آخرين أثناء محاولتهم الهرب من أنفاق رفح.
وأمس، أكدت تقارير عبرية أن حكومة الاحتلال قدمت الأسبوع الماضي اقتراحا لحركة حماس يسمح بالإفراج عن عشرات المقاتلين المحاصرين في أنفاق بمنطقة شرق رفح، الخاضعة لسيطرة الجيش شريطة استسلامهم.
ونقلت القناة 12 عن مسؤول إسرائيلي أن الاقتراح أُرسل إلى كبار مسؤولي حماس عبر وسطاء دوليين، وينص على السماح للمقاتلين المتبقين بالخروج من الأنفاق بعد استسلامهم، مع نقلهم لاحقا إلى سجون الاحتلال.
لا مساحة واسعة من الخيارات
ومن هنا، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية د.بدر الماضي، أن حركة حماس لا تمتلك مساحة واسعة من الخيارات السياسية في المرحلة الراهنة، مشددا على ضرورة عدم التعامل مع موازين القوى الحالية بمنطق تحقيق مكاسب سياسية محدودة هنا أو هناك. 
واعتبر، أن اللحظة تتطلب من الحركة مقاربة أكثر نضجا وواقعية، تقوم على قراءة دقيقة للمشهد السياسي بعيدا عن الشعارات الأيديولوجية أو الطروحات العاطفية.
وأشار إلى أن أي نقاش حول نزع سلاح الفصائل لا ينبغي أن يفهم بوصفه هزيمة أو نهاية لفكرة المقاومة، موضحا أن استمرار الاحتلال يعني بالضرورة استمرار توليد حركات اجتماعية وسياسية تتبنى الدفاع عن الأرض والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. 
وأكد أن هذا السياق يجعل من الضروري إعادة تقييم أدوات المقاومة، بما يسمح بالحفاظ على عناصرها وقدراتها البشرية الأساسية.
وشدد على أن حماس مطالبة اليوم بالتفكير في كيفية حماية كوادرها ومقاتليها، عبر التعاطي بمرونة مع طرح نزع السلاح، بوصفه خطوة قد تساهم في صون أكبر قدر ممكن من العناصر التي يمكن أن تشكل رافعة مهمة في أي مشروع وطني فلسطيني مستقبلي سواء في غزة أو الضفة الغربية أو على مستوى البنية السياسية العامة للفلسطينيين.
وأضاف، إن الحركة تقف أمام استحقاقات كبيرة خلال الأشهر المقبلة، خصوصا ما يتعلق بملف السلاح، وإن الوقت المتاح أمامها ضيق للغاية لاتخاذ قرارات بديلة أو توسيع دائرة الخيارات.
وتوقع الماضي أن تميل حماس في نهاية المطاف للقبول بصيغة من صيغ نزع السلاح، بما يتوافق مع حساباتها الجديدة ومتطلبات المرحلة المقبلة.
بين الأنفاق وضغوط الاستسلام
بدوره، أوضح رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د.خالد شنيكات، أن العودة للبيانات الرسمية الصادرة عن حركة حماس تكشف بوضوح رفضها الدائم لفكرة الاستسلام أو القبول بنزع السلاح، مشيرا إلى أن هذه المسألة ليست جزءا من عقيدة الحركة ولا من منهجها السياسي. 
ولفت إلى أن أي قراءة دقيقة لمضمون تلك البيانات تظهر أن خيار التسليم أو التخلي عن السلاح غير قابل للنقاش بالنسبة لحماس، وهو ما يمثل نقطة جوهرية في فهم موقفها.
وأضاف، إن هناك بعدا آخر لا يمكن تجاهله، يتعلق بالظروف القاسية التي يعيشها المقاتلون بالأنفاق، حيث تتراجع كميات الطعام لمستويات متدنية وربما تكون قد نفدت بالكامل، الأمر الذي يضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الخروج دفعة واحدة لمواجهة القوات الإسرائيلية بشكل مباشر، أو البقاء في تلك الأنفاق إلى أن يلقوا حتفهم. 
واعتبر أن التضحية في هذه الحالة قد تكون جزءا من معادلة المواجهة، لا سيما إذا تصاعدت الضغوط الميدانية.
وبين أن قبول الاحتلال بفكرة استسلام هؤلاء المقاتلين أو نزع سلاحهم، إن حدث، سيعني بالنسبة لها إمكانية توسيع هذا النموذج ليشمل كامل قطاع غزة. 
وفي هذه الحالة ستلجأ تل أبيب -وفق تقدير شنيكات- لمطالبة الحركة بتكرار السيناريو ذاته في باقي مناطق القطاع، انطلاقا من القول: "كما قبلتم بنزع السلاح واستسلام المقاتلين في أنفاق رفح، عليكم استكمال الأمر في بقية المناطق". 
وهذا، برأيه، أحد الأسباب الجوهرية وراء رفض حماس لهذه الطروحات.
واوضح، أن الحفاظ على وجود الحركة قد يكون أحد دوافعها للتمسك بموقفها، لكن الأهم في نظره هو ما يتعلق بنوايا الحكومة الصهيونية. 
وأضاف أن الحكومة الحالية لا تظهر أي استعداد لبحث تسوية أو مخرج آمن للمقاتلين، بل تميل لخيار "التصفية الكاملة" في حال عدم الاستسلام، خاصة في ظل نفوذ اليمين المتطرف الذي يرفض أي صيغة من صيغ التسوية، ويركز فقط على القضاء على المقاتلين.
المحافظة على التماسك الداخلي
من جانبه، قال الباحث والمحلل السياسي جهاد حرب، إن موافقة "حماس" على العرض الصهيوني المتعلق بسجن أو نزع سلاح المقاتلين الفلسطينيين داخل الأنفاق في رفح أو بالمناطق الشرقية من قطاع غزة تبدو أمرا شديد الصعوبة. 
وأوضح، أن الحركة تدرك أن مثل هذا القبول سيظهرها بصورة منهزمة أمام جمهورها ومقاتليها داخل القطاع، وهو ما تحاول تجنبه بأي ثمن، حفاظا على تماسكها الداخلي وصورتها التنظيمية.
وأضاف أن هناك بعدا آخر لا يقل أهمية، يتمثل في خشية الحركة من أن يشكل هذا السيناريو سابقة يمكن للولايات المتحدة والكيان البناء عليها في المستقبل بوصفها نموذجا لكيفية التعامل مع عملية نزع سلاح حماس في قطاع غزة ككل. 
وأشار، إلى أن قبول الحركة بهذا العرض سيمنح الطرفين فرصة لإعادة إنتاج الأسلوب ذاته في أي مرحلة مقبلة، وهو ما يجعل حماس أكثر تمسكا برفض الطروحات المطروحة حاليا.