حرب إسرائيل وإيران ووهم شراكات إستراتيجية* د. حسن محمد المومني
الغد
لسنوات عديدة استثمرت كل من روسيا وايران والصين وكوريا الشمالية كثيرا في بناء شراكات وتعاون استراتيجي كان ينظر إليه على أنة محاولة من هذه الدول لخلق توازن عالمي مع الغرب وخاصة مع الولايات المتحدة، فالعلاقة بين موسكو وبكين تطورت بشكل ملحوظ خاصة منذ حرب اوكرانيا في سياق متعدد عسكري واقتصادي وتكنولوجي وفي مجال الطاقة وكذلك العلاقة بين طهران وكل من بيوينغ يانغ وبكين وموسكو، فقد نمت وبشكل متسارع وكان الدافع الأكبر لهذة الدول هو مواجهة الهيمنة الغربية وبخاصة الأميركية على مجريات الأمور على الصعيد العالمي. كثير من المحللين كانوا يعتقدون ان هذا السياق الاستراتيجي الناشئ قد يشكل كتلة عالمية قادرة على كبح جماح الهيمنة الاميركية الغربية وينتج نظاما متعدد الاطراف اكثر توازنا. وقد انخرطت هذة الدول في بناء تعاون استراتيجي في كثير من المجالات وعقدت كثيرا من الاتفاقيات والتي بعضها ذو طبيعة استراتيجية، وهذا خلق قناعة لدى الكثير من المحللين والساسة في واشنطن بأن مثل هكذا تعاون استراتيجي وتحالف في طور الانشاء هو التحدي الاكبر والمنافس الحقيقي لواشنطن ومصالحها العالمية. وجاءت المواجهة الاخيرة بين تل ابيب وطهران وانضمام واشنطن ووقوفها الى جانب إسرائيل لتختبر هذه الشراكات الاستراتيجية ومدى فاعليتها حيث تبين محدودية فعالية هذه الشراكات عندما عجزت كل من هذه الدول في مساعدة طهران او الوقوف الى جانبها. وكما قال الرئيس بوتين عندما سئل عن اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وطهران انه لا يشمل الدفاع المشترك. بالرغم من ان هنالك الكثير من التحليلات والتسريبات التي تفيد بأن طهران دعمت موسكو في حربها في اوكرانيا. وأعتقد جازما ان زيارة وزير الخارجية الايراني لموسكو قبيل انتهاء المواجهة وما سمعه من بوتين كان له الأثر الكبير في قبول ايران لوقف إطلاق النار. هذا الامر ينطبق على بكين الشريك الاستراتيجي اقتصاديا وسياسيا لطهران وكلاهما وقع ايضا اتفاقية تعاون استراتيجي، وكذلك ينطبق على بيونغ يانغ التي ايضا يقال انها ارسلت جنودا ومساعدات الى موسكو لمساعدتها في حربها مع كييف ولم تقم بذلك مع طهران، بغض النظر عن الكلام الدبلوماسي المنمق من الجانب الروسي والصيني والكوري الشمالي، إلا أن موقفهم كان واضحا ورسالة واضحة بأنهم غير مستعدين لخوض مواجهة ذات تكلفة مع واشنطن من اجل سواد عيون طهران. وهذا يدفعنا الى القول إن الحديث عن تشكل نظام عالمي جديد هو سابق لأوانه اقلها على المدى القصير والمتوسط.