الدستور
يتساءل البعض عن الدور الفلسطيني في مناطق 48، عن شراكتهم الكفاحية التضامنية مع شعبهم في مناطق 67، جراء مواجهة سياسات الاحتلال وإجراءاته القمعية، التي تمارسها حكومة المستعمرة، حكومة نتنياهو المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني.
بداية يجب الإقرار والمعرفة والإدراك، أن أفعال المستعمرة تستهدف الشعب الفلسطيني ككل، لا تستثني مكوناً فلسطينياً دون غيره، لأن مشروعها الاستعماري يقوم على كامل أرض فلسطين، ويستهدف كامل حقوق الشعب الفلسطيني، سواء في مناطق 67 أو مناطق 48 أو فلسطينيي الشتات والمنافي.
فالشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاثة: 1- أبناء مناطق 48، 2- أبناء مناطق 67، 3- أبناء اللاجئين، كل منهم ولديه خطة، وبرنامج، وتوجه، وعمل، في سياق خطة أو خطط تكاملية لبعضهم سواء يتم ذلك بالتنسيق، أو كل منهم يعمل وفق برنامج المصلحه الوطنية، كما هو مطلوب.
عدوانية المستعمرة، لا تستثني أحداً، برامجها تستهدف الجميع، وها هي الهجمة تستهدف الضفة الفلسطينية والقدس، على طريق الاستهداف القاسي المدمر، بالقتل والتطهير العرقي كما حصل في قطاع غزة، يفعلون في مدن وقرى ومخيمات الضفة.
الكثيرون، ممن يتابعون بدقة، ولا يتوقفون عند التفاصيل، يدركون أن حكومة المستعمرة، أعلنت «الاحكام العرفية» و «الحكم العسكري» في مناطق 48، منذ عملية الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، وقد فرضت القوانين العرفية والحكم العسكري مقتصراً على المواطنين العرب الفلسطينيين، أي أنه لا يشمل الإسرائيليين، ولا تنطبق عليهم قوانين الحكم العسكري، لغياب المساواة في التعامل مع «المواطنين».
في شهر أيار عام 2021، انفجرت انتفاضة شعبية لدى المدن التاريخية الفلسطينية المختلطة الخمسة: اللد، الرملة، عكا، حيفا، يافا، وتفاعلت معها المدن العربية: أم الفحم والناصرة وسخنين، وكان حصيلتها استشهاد شابين أحدهم من اللد والثاني من أم الفحم، وتم اعتقال حوالي 2000 شاب، وقد حوكم أغلبهم بأحكام قاسية، لأن محاكمتهم تمت بقرارات وأحكام عرفية عسكرية، وليس مجرد شباب قاموا بمظاهرات احتجاجية على مسألتي: 1- التمييز العنصري الواقع عليهم وعلى شعبهم في مناطق 48، 2- القمع والبطش والقتل الواقع على شعبهم في مناطق 67، في الضفة والقدس والقطاع.
وقد حوكم المئات بأحكام قاسية ومثالاً على ذلك: قصي عباس تمت محاكمته بـ17 سنة، محمد مهدي 15 سنة، محمد عثمان 12 سنة، ومنذ أيام تم تأجيل محاكمة ابراهيم أبو بكر وعبيدة زيتاوي إلى يوم 28 كانون أول 2025، للنطق بقرار الحكم، والنيابة العسكرية تطالب باصدار الحكم عليهم من 10 – 14 سنة، وفق مكتب محاماة خالد و رسلان محاجنة.
القائد الفلسطيني محمد بركة الرئيس السابق للجنة المتابعة، تعرض للتوقيف آنذاك، مع الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، أطلق على تلك الانتفاضة تعبير: «هبة الكرامة» وهي المحطة الكفاحية الشعبية المميزة الثانية في مسار النضال الوطني لفلسطينيي الداخل بعد المحطة الأولى: «يوم الأرض» عام 1976.
وتبرز أهمية «هبة الكرامة» أنها حسمت الموقف والانتماء لكافة شرائح ومكونات المجتمع العربي الفلسطيني في مناطق 48 على أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، بعد أن حسمت انتفاضة يوم الأرض في 30 أذار 1976، موقف وانحياز سكان المدن العربية هويتهم الفلسطينية، فجاءت هبة الكرامة في أيار 2021، لتعلن موقف العرب الفلسطينيين سكان المدن المختلطة ذات الأغلبية الإسرائيلية، أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وعياً وخياراً وانحيازاً.
ولذلك تتكامل الأدوار والمعطيات ووقائع النضال للمكونات الفلسطينية حسب ظروف كل طرف ومكون، فالأحكام العسكرية العرفية هي الشكل القمعي الذي يُمارس ضد فلسطينيي الداخل ابناء مناطق الكرمل والجليل والمثلث والنقب والمدن التاريخية المختلطة، والتطهير العرقي والإبادة الجماعية تُمارس ضد فلسطينيي قطاع غزة، وها هي ممارسات وسلوك وجرائم قوات المستعمرة ومستوطنيها المستعمرين في الضفة الفلسطينية، يمارسون أشكالا متعددة من القتل والتصفية وجعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها عبر التضييق وحرق المنازل والمزارع وممتلكاتهم، لدفعهم نحو الهروب والتشرد، إلى خارج وطنهم فلسطين.