الدستور
خطوة جوهرية، ومقدمة نوعية، أقدم عليها كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باعتباره رئيساً لحركة فتح، وناصر القدورة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، المفصول سابقاً والعائد حالياً ولاحقاً.
خطوة مهمة ليس لأن ناصر القدوة شخصية اعتبارية، لها مكانتها، بتاريخها ومواقع العمل التي شغلها، ولكن لأن ما فيه، وما أقدم عليه، فتح البوابة الشجاعة لعودة قيادات وكوادر حركة فتح التي تعرضت للانفصال، يمكن أن تعود بما تمثل من ثقل ومكانة نوعية وتاريخ وحضور وفي طليعتهم محمد دحلان عضو اللجنة المركزية، وسمير مشهرواي عضو المجلس الثوري، كقيادة للتيار الذي أطلق على نقسه: «تيار الاصلاح الديمقراطي» ولم يطرح نفسه في أي مرحلة، ولدى أي محطة وطنية أو حزبية أو تنظيمية بديلاً لحركة فتح، وهذه المواقف والسياسات السابقة يمكنها أن تُسهل قرار العودة المماثلة لهما ولكوادر تيار الاصلاح، لصفوف حركة فتح.
لم تعد العقلية القديمة، والدور الذي شغلته حركة فتح قائماً، كما كان سابقاً: أول الرصاص، أول الحجارة، فقد تطور المشهد السياسي الفلسطيني أولاً، ومشهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ثانياً.
على الصعيد الفلسطيني لم تعد حركة فتح هي الفصيل الأوحد الأقوى، فقد تقدمت حركة حماس بالانتخابات وحققت فوزاً لدى المجلس التشريعي يفوق ما حصلت عليه حركة فتح 45 مقابل 74 إلى حماس، عام 2006.
كما حققت عملياتها خلال الانتفاضة الثانية عام 2000 وما تلاها، حضوراً دفعت ثمنه باغتيال قياداتها الأولى، كما حققت مبادرتها الكفاحية في عملية 7 أكتوبر 2023، نتائج غير مسبوقة جعلتها صاحبة القرار في المفاوضات غير المباشرة أمام الأميركيين والإسرائيليين، رغم التضحيات الباهظة التي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولايزال.
على صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بات اليمين السياسي الإسرائيلي المتطرف، المتحالف مع الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة صاحب القرار في إدارة الصراع، وإدارة المستعمرة، وبرنامجهم التوسعي الاحتلالي الاحلالي المشترك، وخاصة بشأن القدس عاصمة موحدة للمستعمرة، وأن الضفة الفلسطينية هي يهودا والسامرة أي جزءاً من خارطة المستعمرة.
هذه التطورات تستوجب تحقيق هدفين: أولهما وحدة حركة فتح، وثانيهما وحدة الكل الفلسطيني على قاعدة: 1- صياغة برنامج سياسي مشترك، 2- مؤسسة تمثيلية موحدة، 3- أدوات كفاحية متفق عليها.
وحدة حركة فتح، ستعيد لفتح مكانتها، بدلاً من الانقسام والشرذمة والتمزق، ومنها ومن خلالها تفتح المجال كي تكون حركة حماس والجهاد على قاعدة العوامل الثلاثة أعلاه إضافة نوعية نحو الكل الفلسطيني في مواجهة سياسات المستعمرة وإجراءاتها وتفوقها، وإحباط مشاريعها، بعد الاخفاق الذي شهدته في حربها على قطاع غزة طوال سنتين، وبعد التحولات الايجابية التي شهدتها شوارع وعواصم بلدان العالم من احتجاجات ضد المستعمرة، ومظاهر تضامنية لصالح الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته وشرعية نضاله وتطلعاته ومطالبه، لاستعادة حقوقه بشكل تدريجي متعدد المراحل، والاعتراف بدولة فلسطين.
قرار الرئيس الفلسطيني، لم يكن صدفة، ولم يكن طارئاً، بل تم استجابة لمطالب مُلحة عربية من الأشقاء، ودولية من الأصدقاء للشعب الفلسطيني، واستجابة للتطورات السياسية التي فرضت نفسها على الوضع الفلسطيني الصعب القاسي الذي يُعاني من محاولات المستعمرة لشطب أولاً السلطة الفلسطينية من خلال تقليص دورها، وافقارها مالياً، وتوزيع الاشاعات المسمومة ضدها تحت حجة تورطها في الفساد، وثانياً شطب مشروع حل الدولتين، واتخاذ كل الاجراءات التي تحول دون إقامة دولة فلسطينية على جزء من أرض فلسطين، على الأراضي المحتلة عام 1967: الضفة الفلسطينية والقدس والقطاع.
أن يكون الرد الفلسطيني بوحدة حركة فتح أولاً، وإقامة الائتلاف الوطني الواسع والعريض بمشاركة حماس والجهاد ثانياً، يكون هو الرد الطبيعي الضروري على مخططات المستعمرة وإحباطها.