لندن ـ «القدس العربي»: أغلقت منصة «يوتيوب» المملوكة لشركة «غوغل» الأمريكية قنوات تابعة لثلاث منظمات فلسطينية لحقوق الإنسان، وحذفت مئات المقاطع الخاصة بها، بحسب ما كشف موقع «ذا إنترسبت» الأسبوع الماضي.
وقامت شبكة «يوتيوب» بهذه الخطوة في مطلع تشرين الأول/أكتوبر الحالي، مستهدفةً ثلاث جمعيات هي «الحق» ومركز الميزان لحقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
وحسب «ذا إنترسبت»، جاءت هذه الخطوة ضمن حملة للحكومة الأمريكية تهدف إلى كبح المساءلة عن جرائم الحرب الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة والضفة، إذ احتوت قنوات هذه المنظمات على ساعاتٍ من اللقطات التي توثق انتهاكات جيش الاحتلال والحكومة الإسرائيلية للقوانين الدولية، بما في ذلك قتل المدنيين الفلسطينيين.
وانتقدت المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن، سارة ليا ويتسن، قرار «يوتيوب»، معبّرةً عن صدمتها من «قلة شجاعة الشركة»، مؤكدةً أنه «من الصعب أن نتخيّل أي حجة جدّية تقول إن مشاركة معلومات من هذه المنظمات الفلسطينية لحقوق الإنسان قد تُعد خرقاً للعقوبات»، ورأت أن «الرضوخ لهذا التصنيف التعسفي مخيبٌ للآمال».
كما اعتبرت المحامية في مركز الحقوق الدستوري، كاثرين غالاغر، أنه من «المعيب أن تساهم يوتيوب في دعم أجندة إدارة ترامب لإزالة الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية»، بهدف حماية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد صدور مذكرة توقيف بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
وأكّد متحدّث باسم «يوتيوب» لموقع «ذا إنترسبت» أن حذف حسابات المنظمات الثلاث كان نتيجة للعقوبات التي فرضتها عليها وزارة الخارجية الأمريكية، بسبب تعاونها مع المحكمة الجنائية الدولية في الدعاوى المرفوعة ضد مسؤولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب.
وأشار متحدث باسم مركز الميزان إلى أن قناة المنظمة أغلقت من قبل «يوتيوب» في السابع من تشرين الأول/أكتوبر من دون أي إنذار مسبق، وأضاف: «إغلاق القناة يحرمنا من الوصول إلى من نطمح لإيصال رسالتنا إليهم وتنفيذ مهمتنا، ويمنعنا من تحقيق أهدافنا ويقيّد قدرتنا على الوصول إلى الجمهور الذي نريد أن نتشارك معه رسالتنا».
فيما أفاد متحدث باسم منظمة الحق أن قناتهم حُذفت في الثالث من أكتوبر مع رسالة من المنصة تفيد بأن «المحتوى ينتهك إرشادات يوتيوب». وقالت المنظمة في بيان إن إغلاق القناة من دون تحذيرٍ مسبق «يعد فشلاً خطيراً المبادئ وتراجعاً مقلقاً لحقوق الإنسان وحرية التعبير»، مضيفةً: «تُستخدم العقوبات الأمريكية لإعاقة جهود المساءلة بشأن فلسطين وإسكات الأصوات والضحايا الفلسطينيين، وهذا ينعكس أيضاً على المنصات التي تعمل تحت هذه الإجراءات، فتساهم في إسكات الأصوات الفلسطينية أكثر فأكثر».
بدوره، رآى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الذي تصفه الأمم المتحدة بأنه أقدم منظمة حقوقية في غزة، أن قرار «يوتيوب» يصب في خانة «حماية الجناة من المساءلة». وقال مسؤول المناصرة الدولية والمستشار القانوني في المركز باسل الصّوراني إن قرار إغلاق القناة «واحدٌ من النتائج الكثيرة التي واجهناها منذ أن قررت الحكومة الأمريكية فرض عقوبات على منظمتنا بسبب عملنا المشروع».
وانتقد اتهام «يوتيوب» للمنظمة بعدم الالتزام بتعليمات المنصة، مؤكداً أن «عملنا في جوهره عبارة عن تقارير واقعية قائمة على الأدلة حول الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، خصوصاً منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة»، واتهم القائمين على موقع الفيديوهات بـ«المشاركة في إسكات أصوات الضحايا الفلسطينيين».
وقدّر «ذا إنترسبت» عدد المقاطع المحذوفة من القنوات الثلاث بـ700 فيديو، تنوّعت بين تحقيقات وشهادات لأسرى فلسطينيين وأفلام وثائقية. علماً أن بعض هذه المقاطع لا تزال موجودة على منصات أخرى مثل «فيسبوك» و«فيميو»، كما أن المقاطع التي أُنتجت من قبل هذه المنظمات ونُشرت على قنواتٍ أخرى على «يوتيوب» ما زالت موجودة.
وتخشى المنظمات أن تستهدف الفيديوهات المنشورة على منصات أخرى بالحذف قريباً، خاصةً أن الكثير من هذه الخدمات موجودة في الولايات المتحدة حيث فرضت عليها العقوبات.