الغد
حدثني صديق بعد أن قضى أسبوعاً في المستشفى فقال:
يعزف كثير من المرضى كلياً أو جزئياً عن تناول طعام المستشفيات ولكنه يُفرض عليهم. تدعي المستشفيات أن النكهة ضارة ، وأنك يا مريض يجب أن تأكل ما نقدمه إليك، لأنه مثل الدواء الذي يساعدك على الشفاء. ارغم نفسك على تناوله كما ترغمها على تناول الدواء، وكأن الطعام مجرد لقمة سريعة واحدة تنزلق من الفم الى الداخل كالدواء فلا تنزعج ولا تتضايق. وقد حاول المستشفى ارضائي دون جدوى فله الشكر عليه. ونتيجة لهذه السياسة الغذائية الطبية في المستشفيات او الغذاء الطبي يُكَبْ كثير من الطعام يومياً في الحاويات في جميع مطابخ المستشفيات. وهكذا ترتفع فاتورة الغذاء على المريض بمقدار ما يَكُب المستشفى من طعام/ غذاء في الحاويات. لكن هل ثبت أن الطعام الطبي من الخضار والفواكه.. المعدل جينياً افضل صحياً من طعام النكهة؟
تحتوي مكتبة أمازون على ستين ألف عنوان في الغذاء كل منها يدعي وصلاً بالصحة، ومع هذا لم تقلل من اصابة الناس بأمراض السمنة الا قليلاً، مع أن السمنة قد يمكن علاجها بتقليل كمية الغذاء، او بالتباعد بين وجبات الغذاء، او ببذل مزيد من الجهد، أو بتصغير المعدة الذي قد يأتي بأمراض جديدة.
للنكهة وبالتالي للبهارات التي تبعثها في الطعام تاريخ طويل سادته حروب دامية بين الغرب المستميت في الحصول عليها وبين الشرق الذي ينتجها أو بين من يسيطر على الطرق إليها، وبخاصة الطريق إلى الهند أكبر منتج في العالم لها آنذاك. وهكذا كانت محاولة كولمبس (1492) اكتشاف طريق الى الهند غير الطرق التي يسيطر عليها المسلمون العرب وغير العرب آنذاك، مما أدى إلى اكتشاف العالم الجديد بالصدفة التي ظن المكتشفون أنه الهند وسكانه هنود ولكنهم حمر السحنة فسموا بالهنود الحمْر.
في الهند التي تزرع النباتات وتصّنع ثمارها لا يوجد طعام ولا شراب إلا ويضاف اليهما أحد البهارات أو أكثر. وحتى البوظة رأيتهم يضيفون البهارات إليها.
يبلغ عدد سكان الهند اليوم 1500 مليون نسمة، وقد تجاوزت الصين في عدد السكان حديثاً، أكثر من ألف ومائتي مليون منهم هندوس نباتيون، وصحتهم ليست أسوأ من صحتنا المتعوب عليها طبياً.
وأضاف: بدخولي — واحدا من أفضل المستشفيات في عمّان— لم استطع تناول الطعام الذي قدم لي لانه خالٍ من أي نكهة، فجعت كثيراً لولا الإضافات إليه من البيت، واستنتجت أن الاعتدال هو الحل. فعمري الطويل يجعلني للنكهة محباً.
إذا فاز طعام المستشفيات على طعام النكهة فإن بزنس النكهة لن ينهار، لأن معظم السياحة في العالم، وبخاصة من الغرب الى الشرق تجذبها النكهة.
وللأسف لا نقرأ في الأردن دراسات او أبحاث عميقة طبية ربما لجهلي عنها تجريها كليات الطب في المستشفيات الحكومية والخاصة، فلا نعرف مثلاً نسبة نجاح عمليات الجراحة في كل منها، ومقارنة بمثيلاتها في العالم تسمح للقارئ بالمقارنة بين كليات الطب في الاردن والعالم او بالمقارنة مع نفسها بالأردن سنوياً، وبخاصة عمليات الدسك، والقلب، والورك، والدماغ.. وحتى مركز الحسين للسرطان لا يُعلّمنا عن نسبة نجاحه في علاج السرطان بأنواعه مقارناً مع نفسه سنة بعد أخرى، ومحلياً ودولياً. ربما لأن الحكومة لم تُدخل هذا الموضوع في التحديث، فعدم فتحه أفضل من وجع الرأس بفتحه، مع أنه أحد أهم الوسائل اللازمة لتطوير الطب تعليمياً وتعلماً وتدريباً.
وأخيراً أخشى أن يحل الذكاء الاصطناعي الطبي محل المجتمع الطبي قريباً لا سمح الله.