عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Nov-2025

صفقة استسلام أوكرانية!*احمد ذيبان

 الراي 

خطة ادارة الرئيس ترامب لوقف الحرب على قطاع غزة تكونت من 20 نقطة، وهي خطة معقدة الى حد كبير، رغم أنها حظيت بموافقة مجلس الأمن الدولي وفق القرار رقم"2803"، وها هو الرئيس الاميركي يجدد مساعيه لوقف الحرب الروسية على أوكرانيا، بطرح خطة تزيد ثماني نقاط عن خطة غزة، وتتكون الخطة الجديدة من 28 نقطة، ويبدو أن ترامب مغرم بكثرة النقاط لكي تدخل خططه بمتاهات وتعقيدات يصعب تفكيكها، وها هي الحرب على أوكرانيا تقترب من عامها الرابع، وهو الزمن الذي استغرقته الحرب العالمية الثانية!
 
واذا كان مضمون خطة وقف الحرب على قطاع غزة بمثابة "وصاية دولية"، وعودة الى ما يشبه زمن الانتداب، حيث ستتولى ما يسمى قوة الاستقرار الدولية الاشراف على المعابر، و الأمن الداخلي وتوزيع المساعدات الانسانية، والأرجح أن ترتيبات الحكم ستنتقل تلقائيًا من صفة القوة الدولية إلى الاحتلال الدولي، حتى مع وجود غطاء من مجلس الأمن أو خطاب إنساني!.
 
مسطرة ترامب لوقف الحروب تعتمد على التسليم بالأمر الواقع، وليس البحث عن سلام يتضمن الحد الأدنى من العدالة، واذا كانت خطة غزة مثلا أشبة بوصاية دولية وتتضمن "الخط الأصفر "، وهو الخط الذي يحتله جيش الاحتلال ويقتطع حوالي نص أراضي القطاع، وعلى هذا الأساس تقوم خطة ترامب لوقف الحرب الأوكرانية، حيث تدعو أوكرانيا إلى تسليم كامل منطقة دونباس شرق البلاد إلى روسيا، بما في ذلك الأراضي التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية حاليًا وتقليص جيشها الى النصف! وعلى الأرجح ان إجبار أوكرانيا على الانسحاب من دونباس، قد يسهّل توسع القوات الروسية في مناطق أخرى من البلاد.
 
كما تقترح الخطة التخلي عن حلم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) لعدة سنوات، دون السماح بنشر قوة حفظ سلام دولية داخل البلاد، مع تقديم نوع من الضمانات الأمنية من الولايات المتحدة، وتعهّد روسيا بعدم شن هجمات إضافية على الأراضي الأوكرانية أو دول أوروبية أخرى.
 
اذن خطط ترامب تشرع احتلال أراض الغير بالقوة، كما هو الحال بالنسبة للأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل اسرائيل، وها هو يكرر نفس السياق بالنسبة لأوكرانيا، حيث يضغط على كييف للتسليم بالأمر الواقع وقبول احتلال روسيا لمنطقة دونباس، والأراضي الأخرى التي احتلها الجيش الروسي خلال الحرب، وسبق لروسيا أن ضمت شبه جزيرة القرم لأراضيها بالقوة العسكرية عام 2014، بعد أن كانت جزءا من الأراضي الأوكرانية وأصبح هذا الاحتلال أمرا واقعا !.
 
وضعت الخطة بمشاركة وزير الخارجية الأمريكي روبيو، والمبعوث الخاص ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر، بالتشاور مع كيريل دميترييف، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهنا يجدر الاشارة الى أن كوشنر ليس له صفة رسمية في الادارة الأميركية باستثناء أنه صهر ترامب، ولعب دورا لافتا أيضا في بلورة خطة غزة وتداعياتها المختلفة.
 
الخطة وضعت كييف بموقف لا تحسد عليه، وعبر عنه الرئيس زيلينسكي بقوله ان أوكرانيا تمر بـ"واحدة من أصعب اللحظات" في تاريخها، ويبدو أن الدول الأوروبية التي تدعم أوكرانيا، تميل الى قبول خطة ترامب تسليما بالأمر الواقع!
 
هذه الخطة تشكل ضغطا هائلا على الرئيس الأوكراني زيلينسكي، تعيد الى الأذهان الضغوط التي مارسها الرئيس الأميركي عليه واجباره على توقيع اتفاقية قبل بضعة أشهر، تسمح للولايات المتحدة باستثمار المعادن الثمينة داخل الأراضي الأوكرانية، بزعم استعادة قيمة الأسلحة التي أرسلتها ادارة بايدن الى أوكرانيا خلال سنوات الحرب، والتي قدرها ترامب بنحو 300 مليار دولار!.
 
فكيف سيتعامل زيلينسكي مع هذه الخطة وهو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، ان خطة ترامب تعني تشريع احتلال أراضي الغير بالقوة العسكرية، وهو منطق شريعة الغاب يناقض ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، فمن يملك القوة العسكرية يستطيع فرض شروطه في الحروب.
 
خطة ترامب تعني "صفقة استسلام" مهينة ليس لأوكرانيا فقط، بل الى الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا أصبحت ترى أنه لا بديل عن هذه الصفقة! بعد أن استثمرت في الحرب على أوكرانيا بمبالغ هائلة تقدر بمئات المليارات من الدولارات، بل أن المسيرات الروسية أصبحت تخترق الأجواء الأوروبية بدون احترام لسيادة هذه الدول!.