عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jun-2025

إيلون ماسك يدخل الحرب إلى جانب «إسرائيل»

الاخبار 

 
تحريض اليمين الأميركي وتطلعات «إسرائيل» يلتقيان مع نفوذ إيلون ماسك لتفعيل «ستارلينك» فوق إيران في محاولة لاختراق سيادتها الرقمية
 
في خطوة جديدة تحمل طابعاً هجومياً واضحاً، قرر إيلون ماسك تفعيل خدمة «ستارلينك» الفضائية فوق إيران. حدث ذلك بعدما نشر أحد أبرز منظّري اليمين الأميركي المتشدّد، مارك ر. ليفين، تغريدةً على منصة «إكس» يحث فيها ماسك على التدخل للمساعدة في «إسقاط النظام الإيراني»، وأرفقها بصورةٍ لمنشور تحريضي جاء فيه: «إيلون ماسك يمكنه أن يضع المسمار الأخير في نعش النظام الإيراني عبر توفير إنترنت ستارلينك». لم يتأخر ماسك في الردّ قائلاً بكلمات مقتضبة: «الإشارة مفعّلة».
 
أول المؤشرات التي نستخلصها من هذه الخطوة أن إيران تواجه محاولة اختراق سيادتها الرقمية. خدمة «ستارلينك» تعتمد على أطباق استقبال صغيرة توضع في مواقع سرية داخل المدن أو القرى. يستطيع كل حامل لهذه الأطباق الوصول إلى الإنترنت بسرعة فائقة وزمن استجابة منخفض من دون المرور بخوادم مزوّدي الخدمة المحليين أو خضوعها للرقابة.
 
هذا الأمر يفتح أبواباً لنشر معلومات مضللة وتنسيق عمليات تستهدف استقرار البلد. في صراع مماثل، تواجه إيران تحدياً جديداً يُضاف إلى الحرب الحالية والحصار الاقتصادي وضغوط العقوبات الدولية.
 
خطورة الأجهزة
التجربة الأوكرانية عام 2022 تؤكد على خطورة هذه الأجهزة. حينها، وفرت «ستارلينك» مئات الأطباق للقوات الأوكرانية، فتولت تنسيق ضربات عبر طائرات مسيّرة وتوجيه وحدات مقاتلة في مواقع روسية متفرقة.
 
في عام 2022 هُرّب 100 جهاز ستارلينك إلى طهران
 
مصادر استخباراتية ألمحت إلى اعتماد كييف على هذه التقنية في ضبط الإرسال اللحظي بين القادة الميدانيين، ما زاد من فاعلية عملياتها وجعل بنية الاتصالات التقليدية تبدو عاجزة عن مجابهة هذه السرعة.
 
في غياب خريطة رسمية تبين مناطق التغطية، لم تصدر شركة «سبايس إكس» التي تملك الخدمة أي بيان توضح فيه حدود تفعيل الخدمة فوق الأراضي الإيرانية.
 
اليد العليا كانت لإيلون ماسك الذي لجأ إلى قرار تقني داخلي. نقرة زر واحدة في أحد الخوادم، تكفي لبدء بث الأقمار الاصطناعية إشاراتها إلى الأطباق المنتشرة سراً. هذا الأسلوب يكشف عن سعي إلى الالتفاف على القوانين الدولية الخاصة باستخدام الفضاء الخارجي والتزام الدول باتفاقيات الاتحاد الدولي للاتصالات.
 
تواجه إيران اليوم مهمة حماية مواطنيها من استخدام هذه التقنية في بث معلومات مغلوطة أو دعوات إلى الفوضى. من المحتمل أن الأجهزة الأمنية تعمل على تطوير وسائل اعتراض الإشارات الفضائية. روسيا حاولت ذلك أيضاً، لكنّ مهمة اعتراض اتصال مباشر مع الأقمار الاصطناعية أصعب من إحكام السيطرة على البنى الأرضية.
 
محاولات قديمة جديدة
ليست هذه المرة الأولى التي يتدخل فيها ماسك في الشؤون الإيرانية، فقد فعّل في كانون الأول (ديسمبر) 2022 نحو 100 محطة استقبال لـ«ستارلينك» داخل إيران، تزامناً مع احتجاجات شعبية واسعة شهدتها البلاد.
 
جاء هذا التفعيل بعدما تعهّد ماسك، عبر تغريدة، بتوفير خدمة الإنترنت الفضائي لدعم حرية الوصول إلى المعلومات. آنذاك، نقلت وكالة «رويترز» أنّ هذه الخدمة ساعدت الإيرانيين على تجاوز قيود الإنترنت التي فرضتها السلطات، بما في ذلك حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
 
هذا النهج من ماسك، الذي يتكرّر اليوم بوضوح، لا يمكن فصله عن التيار السياسي الأميركي المتشدد الذي يراه وسيلةً لتحقيق أهداف جيوسياسية مباشرة.
 
مارك ليفين، الداعي إلى هذه الخطوة الأخيرة، يمثل تياراً سياسياً يستخدم وسائل الاتصال والإعلام سلاحاً في حروبه غير التقليدية، ويرى في الفضاء الرقمي ميداناً جديداً للصراع الأيديولوجي والسياسي، خصوصاً مع دول تعتبرها واشنطن من خصومها الإستراتيجيين.
 
ما يجري اليوم في إيران يؤكد على الأهمية القصوى للفضاء الرقمي في الحروب الحديثة. تفعيل خدمة «ستارلينك» بهذه الطريقة يعني أن الحدود السيادية الرقمية أصبحت أكثر عرضةً للاختراق من أي وقت مضى، وأنّ أدوات الصراع تجاوزت الصواريخ والطائرات إلى مجال تقني دقيق ومؤثر يمكن استخدامه من دون أن يكون مرئياً أو قابلاً للاعتراض التقليدي.
 
خطورة هذه الخطوة تتجاوز البُعد التقني، وتضع إيران أمام تحدٍّ إستراتيجي جديد يتعلق بكيفية مواجهة وسائل اتصال خارجية غير قابلة للسيطرة.
 
الحرب الرقمية تشكّل امتداداً منطقياً للحروب العسكرية التقليدية، وماسك، شاء أم أبى، أصبح طرفاً مباشراً في هذه الصراعات، مع إدراكه الكامل أن أي تفعيل لخدمة «ستارلينك» فوق دولة معيّنة يمثل تحرّكاً سياسياً وعسكرياً غير مباشر.
 
هكذا، يصبح تفعيل «ستارلينك» في إيران خطوة هجومية مكتملة الأركان، ويظهر عبرها إيلون ماسك كلاعب أساسي في ساحات الصراع الجيوسياسي المعاصر، مدعوماً من شخصيات فاشية متشددة ترى في كل خطوة له فرصة لتعزيز نفوذها الأيديولوجي والسياسي حول العالم.