عامان.. بين انهيار الرواية الصهيونية وصمود الوجدان الفلسطيني*لما جمال العبسه
الدستور
في مثل هذا اليوم قبل عامين، انتفضت المقاومة الفلسطينية برمتها بقيادة حركة حماس فكان السابع من اكتوبر المجيد رافضا حصار قطاع غزة منذ العام 2006 ، وعلى مسارات الظلم المتتالية والمتصاعد التي يعاني منها الشعب الفلسطيني والذي تعمق في ظل حكومة يمين متطرفة، فكانت محطات الموت التي يمر بها كل سجين فلسطيني في معقله يوميا واغتصاب الارض والاعتداء المتواصل على المقدسات الدينية.. والقائمة تطول.
عملية عسكرية غير مسبوقة قلبت موازين الصراع، وأشعلت حربا ضروسا امتدت من غزة إلى الضفة الغربية، وارتدت أصداؤها على الإقليم والعالم، وبعد عامين لم تعد الأسئلة تدور حول من انتصر، بل حول من بقي واقفا، ومن فقد بوصلته الأخلاقية والسياسية.
هذا اليوم في تاريخ العالم جاء ليعيد القضية الفلسطينية الى خط سيرها بعد ان طغت عليها أحداث أخرى جرت في المنطقة والعالم، وهذا الغياب ساعد في تمادي حكومة اليمين المتطرفة، وانكشف وجهها القبيح امام اكثر الدول في العالم حكومات «حتى وان كانت موالية» وشعوبا لتظهر مدى المأساة التي يعيشها الفلسطيني على مدار ما يقارب ثمانيين عاما.
شكل ذلك اليوم للكيان الصهيوني حالة جديدة، فكان ما بين الصدمة العسكرية والانكشاف الاستراتيجي، هجومه كان زلزالا أمنيا، وادى الى هزّ الثقة في المؤسسة العسكرية والاستخباراتية، وفضح هشاشة ردعه، الا انه كان بداية للكثير من الحقائق التي أُخفيت عقوداً متتالية.
إذا ما استعرضنا العامين سريعا، نجد ان الفاشي بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني قد حدد اهدافا لعدوانه الظالم على القطاع تزداد تعقيدا يوما بعد الاخر خدمة ليس فقط لمصالحه الشخصية بل حتى لمصالح داعمته الولايات المتحدة الاستعمارية في المنطقة، لكن وبصورة مغايرة كان السلاح الرديف للمقاومة هو الاعلام الذي فضح بشاعة الاحتلال الصهيوني وكشف رغبته العميقة في القتل واتباع ابشع الاساليب لزيادة عدد من يموتون من الفلسطينيين لتنكشف الرواية الصهيونية الزائفة وليتحول الرأي العام العالمي تقريبا خلف مقاومة الشعب الفلسطيني في كافة ارجاء فلسطين التاريخية، حتى اصبحت هذه الدولة المزعومة مسخا غير مقبول.
أما أهداف الفاشي نتنياهو التي بدأت بهدفين وتصاعدت لخمس أهداف، نرى انها لم تتحقق، بل على عكس ذلك تمام هو من حمل المنجل وقطع سبل الامل، فمثلا لم يتم تحرير الاسرى لدى المقاومة بالضغط العسكري، ولم يتم تدمير المقاومة، التي لا تزال تكافح حتى هذه اللحظة بكل اقتدار ولم تُهزم رغم اغتيال بعض قادتها البارزين واستشهاد آخرين في ساحة المعارك.
عدا عن ان العدوان الصهيوامريكي على القطاع وصم هذه الدولة وحليفتها امريكا وكل من ايدها بانها تقوم بعملية تطهير عرقي وابادة جماعية في القطاع، حتى كان الضغط الشعبي العالمي الذي جعل من بعض دول العالم الغربي تفض اتفاقيات اسلحة مع هذا الكيان الدموي الذي هو الان معزول دوليا.
فلسطينيا، رغم المجازر والقتل باشكال مختلفة الا ان هذا الشعب اصبح الان رمزا للصمود والتصدي لاي محاولات لتهجيره، وجعل من قضيته اكثر حضورا وقدرة على تحريك الضمير العالمي، بعد ان باتت المواجهة بين منظومة استعمارية وشعب يرفض الإبادة، فهل يمكن لإسرائيل أن تنتصر في حرب لا أخلاقية؟ وهل يمكن لفلسطين أن تُهزم وهي تكتب ملحمة الصمود؟
«غزة» اليوم ليست مجرد شريط ساحلي محاصر، بل أصبحت رمزا عالميا للكرامة، ومرآة تكشف عورات النظام الدولي، بعد عامين من الحرب، لم تُهزم غزة، بل هُزمت فكرة أن القوة وحدها تصنع الأمن.