عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jul-2025

"بريكس": نحو بناء نظام عالمي مختلف

 الغد- ترجمة: علاء الدين أبو زينة

عبد الرحمن – (بيبولز ديسباتش) 11/7/2025
في قمتهم التي عُقدت في البرازيل، أدان أعضاء مجموعة دول الجنوب العالمي المتوسعة الهجمات الإسرائيلية-الأميركية الأخيرة على إيران. وجاء في الإعلان المشترك للقمة: "إننا ندين جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح في الحرب". كما أدان البيان محاولات إسرائيل "تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية". 
 
 
في ريو دي جانيرو، اجتمع رؤساء الدول الأعضاء في مجموعة (بريكس) في المدينة البرازيلية في الفترة ما بين من 6 إلى 7 تموز (يوليو)، لعقد قمتهم السابعة عشرة، حيث أدانوا محاولات الولايات المتحدة تقويض التجارة العالمية عبر شنّ حرب جمركية. ودعوا في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده خلال القمة إلى تعزيز المنتديات متعددة الأطراف والقوانين الدولية من أجل إقامة نظام عالمي أكثر عدالة.
ودعا الإعلان المشترك الذي حمل عنوان: "تعزيز التعاون بين دول الجنوب العالمي من أجل حوكمة شاملة ومستدامة"، إلى زيادة التعاون بين أعضاء (بريكس) في مجالات السياسة والأمن، والاقتصاد والمال، والثقافة، والتواصل الشعبي.
قاد الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، جلسات القمة، التي حضرها رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، وعدد من رؤساء الدول الأعضاء الآخرين وممثليهم. كما خاطب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القمة عبر الفيديو. وكانت هذه أول قمة تشارك فيها إندونيسيا التي أصبحت العضو الحادي عشر الكامل في مجموعة (بريكس) في كانون الثاني (يناير) من هذا العام.
في كلمته الافتتاحية، وصف لولا مجموعة (بريكس) بأنها وريثة حركة عدم الانحياز. واعتبر أنه مع تزايد الهجمات على التعددية والقوانين الدولية، وفي ظل ما يشهده العالم من صراعات "غير مسبوقة" منذ الحرب العالمية الثانية، فإنه من الضروري أن "تسهم (بريكس)" في إرساء السلام والتنمية في العالم من خلال تقوية المنتديات متعددة الأطراف.
وجدد لولا تأكيد التزام (بريكس) بالعمل من أجل إصلاح شامل للمنتديات الدولية الحالية مثل الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن؛ وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بهدف "زيادة شرعيتها، وتمثيلها، وفعاليتها، وطابعها الديمقراطي".
في القمة، تحدث عدد من القادة الآخرين، من بينهم رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، عن دور أكثر فعالية يجب أن تلعبه (بريكس) في السياسة الدولية، في وقت يشهد تعرض المبادئ الأممية والمنتديات متعددة الأطراف، مثل منظمة التجارة العالمية، لهجمات متزايدة بفعل "النزعة الأحادية والحمائية". وتضمّن الإعلان المشترك 126 التزامًا من قادة المجموعة، من بينها عزمهم على تعزيز التجارة المتبادلة، والتعاون في مجالي العلوم والتكنولوجيا، والتنسيق في قضايا المناخ.
التعددية والتمثيل
في إعلانها الختامي، أعربت دول (بريكس) عن عزمها على تعزيز شراكتها الاستراتيجية من أجل "تعزيز السلام، وإقامة نظام دولي أكثر عدلاً وتمثيلاً، وإحياء وإصلاح النظام متعدد الأطراف، والتنمية المستدامة، والنمو الشامل".
وأكدت الدول اعتقادها بأن "التعددية يمكن أن تخلق فرصًا للدول النامية والأسواق الناشئة"، وجددت التأكيد على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في الأمم المتحدة، كما ورد في إعلان قمة جوهانسبرغ في العام 2023.
وبينما أكدت دول المجموعة أن الجنوب العالمي يشكل "محركًا للتغيير الإيجابي" في العالم، أعربت عن "القلق العميق من تزايد التدابير الجمركية وغير الجمركية أحادية الجانب التي تشوه التجارة وتنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية". كما جددت معارضتها الجماعية لـ"الإجراءات القسرية الأحادية" أو العقوبات، معتبرةً أنها ممارسات تتعارض مع القانون الدولي، وتنتهك الحقوق الأساسية لشعوب البلدان المستهدفة، وتحرمها من فرص التنمية، وتؤثر بشكل خاص على الفئات الأضعف والأفقر من السكان.
وأعلن البيان المشترك أن دول (بريكس) "لا تفرض -ولا تدعم- العقوبات غير المعتمدة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". واتفقت الدول الأعضاء على العمل من أجل زيادة الحصص المخصصة للدول النامية والناشئة في صندوق النقد والبنك الدوليين، بما يعكس "المراكز النسبية للدول في الاقتصاد العالمي" بدلًا من النظام الحالي الذي يفضل الغرب المتقدم.
كما دعا إعلان ريو إلى التعاون في مجال "حوكمة الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي"، وأكد أن أي خطوة في هذا السياق "يجب أن تُقلل من المخاطر المحتملة، وتلبي احتياجات جميع الدول، بما في ذلك تلك التي في الجنوب العالمي". وجعلت الرئاسة البرازيلية من الحوكمة الصحية العالمية أولوية قصوى، حيث دعا إعلان (بريكس) إلى تعزيز التعاون والتضامن الدوليين للقضاء على الأمراض المرتبطة بالظروف الاجتماعية. كما حدّد الجوع والفقر بوصفهما الجذور الأساسية لهذه الأمراض، وتعهّد بتعزيز الجهود للقضاء عليهما.
الصراعات والحروب العالمية
أدانت دول (بريكس) بالإجماع الضربات العسكرية الإسرائيلية والأميركية لإيران الشهر الماضي، واعتبرتها "انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". وأشارت إلى أن الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية تشكل انتهاكًا لقرارات "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وطالبت بأن "يتم احترام إجراءات الأمان والسلامة النووية في كل الأوقات، بما في ذلك أثناء النزاعات المسلحة، لحماية السكان والبيئة من الأذى."
وفي كلمته خلال القمة، طالب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، المجتمع الدولي بإدانة الهجمات التي استهدفت البنية التحتية المدنية في بلاده، والمواطنين الأبرياء، والمنشآت النووية المحمية، مؤكدًا أن آثارها لا تقتصر على إيران فقط بل ستطال "المنطقة بأسرها وما بعدها".
كما أدانت دول المجموعة استمرار الحرب والعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة. وجاء في الإعلان المشترك: "إننا ندين جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح في الحرب". كما أدان البيان محاولات إسرائيل "تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية". وطالب الإعلان بأن توقف إسرائيل انتهاكاتها المتكررة لاتفاقيات وقف إطلاق النار مع لبنان، وأن تسحب جميع "قواتها المحتلة من جميع الأراضي اللبنانية".
وعبّر الإعلان أيضًا عن دعمه للجهود السلمية في سورية والسودان وأجزاء أخرى من العالم، وأكد على أهمية المبادرات المحلية والوطنية. وقال الرئيس لولا في كلمته الافتتاحية إن قرار (الناتو) الأخير بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي يظهر الأولويات الخاطئة للغرب، الذي يوفّر الأموال للحرب، لكنه لا يملك الإرادة ولا يوفر التمويل اللازم للعمل المناخي أو لمساعدة الدول الفقيرة على تحقيق أهدافها التنموية.
وقال لولا: "تخصيص 5 في المائة من الناتج المحلي للإنفاق العسكري أسهل على [دول الناتو] من تخصيص 0.7 في المائة فقط من أجل ’المساعدات الإنمائية الرسمية‘ الموعودة [للدول الأكثر فقرًا]".
 
*عبد الرحمن Abdul Rahman: مراسل بارز في موقع Peoples Dispatch، حيث ينشر بشكل منتظم تقارير عن قضايا عالمية وسياسية، مع تركيز واضح على الشرق الأوسط، خاصة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بالإضافة إلى تغطية مواضيع مثل إيران، باكستان، تركيا والهند. له اهتمام عميق بالأبعاد الحقوقية والعدالة الدولية، ويناقش قضايا كالإبادة الجماعية، الحقوق الفلسطينية، والانتهاكات الدولية.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: BRICS Forges Ahead Building a Different Order