عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Nov-2025

تركيا تستقبل البابا لاون... اليوم*الاب رفعت بدر

 الراي 

في أوّل زيارة له خارج حدود إيطاليا، تحطّ طائرة البابا لاون الرابع عشر اليوم الخميس في مطار أتاتورك في إسطنبول، لتكون تركيا المحطة الأولى في جولته الرسوليّة، تليها المحطة الثانية إلى لبنان الشقيق. وقد أراد البابا من خلال هذه الزيارة أن يحقّق "الحلم المزدوج" الذي لم يتمكّن سلفه الراحل البابا فرنسيس من تحقيقه بسبب الوفاة.
 
نتحدّث اليوم عن المحطة الأولى، تركيا، التي تشكّل بحكم موقعها ملتقى حضارات وثقافات، وهي أيضًا أرض مقدّسة زاخرة بالمواقع التاريخيّة التي قدّسها الرسل وشهدت ترسّخ المسيحية بعد صعود السيد المسيح، وأهمّهم بولس الرسول الذي أسّس العديد من الكنائس فيها، ووجّه إليها رسائل تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من الكتاب المقدّس.
 
أمّا العلاقات بين تركيا والكرسي الرسولي فقد أخذت طابعًا دبلوماسيًّا رسميًّا عام 1960، تلتها زيارة تاريخيّة للبابا بولس السادس عام 1967. ومنذ ذلك الحين نشأت سفارات متبادلة بين الطرفين. لكنّ الحضور المسيحي في تركيا تراجع بصورة دراماتيكية منذ بدايات القرن العشرين، نتيجة المجازر التي تعرّضت لها الجماعات الأرمنيّة والسريانيّة واليونانيّة. وقد وصف الفاتيكان تلك الأحداث بالإبادة الجماعية بعد مرور مئة عام عليها، ما أدّى إلى أزمة دبلوماسيّة تم احتواؤها لاحقًا بزيارة البابا فرنسيس إلى تركيا عام 2014، حيث زار الجامع الأزرق، كما فعل البابا بندكتس السادس عشر في عام 2006، والبابا يوحنا بولس الثاني عام 1979.
 
ويُقدّر عدد المسيحيين اليوم في تركيا بنحو مئتي ألف شخص، ينتمي معظمهم إلى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية (الأرمن والسريان) والكاثوليكيّة. كما تضم تركيا الكنيسة الأرثوذكسية التي يُطلق على رئيسها لقب "البطريرك المسكوني" (أي الشامل)، نظراً للدور التاريخي الذي لعبته القسطنطينية في الألفية الأولى، سواء في مسيرة الوحدة مع روما، ثم في الانشقاق عنها عام 1054.
 
أما الهدف الأساسي للمحطة التركية فهو إحياء الذكرى الـ1700 لانعقاد مجمع نيقية، أو ما تُعرف اليوم بمدينة إزنيك. ففي عام 325، وبدعوة من الإمبراطور قسطنطين الذي منح المسيحيين حرية العبادة بمرسوم ميلانو عام 313، اجتمع نحو 318 أسقفًا من مختلف أنحاء العالم، للتباحث في قضايا لاهوتية أثارتها بدعة الأريوسية التي قادها الكاهن المصري أريوس. واستمر المجمع نحو شهر كامل، وانتهى بإقرار "قانون الإيمان" الذي ما زالت تتلوه جميع الكنائس إلى اليوم دون استثناء، كما وحّد تاريخ الاحتفال بعيد الفصح، رغم استمرار وجود تقويمين مختلفين: اليولياني والغريغوري.
 
إنّ إحياء هذه الذكرى يحمل اليوم رسالة جليّة من البابا لاون الرابع عشر: مواصلة السعي نحو الوحدة المسيحية التي تعزّزت قبل سبعة عشر قرنًا، لكنها اليوم تبدو وكأنها صعبة وبعيدة المنال. ومن المنتظر توقيع وثيقة مشتركة بين البابا لاون والبطريرك المسكوني برثلماوس، الذي كانت تربطه صداقة وثيقة بالبابا فرنسيس، ويواصلها اليوم مع خليفته.
 
واللافت أن الوثيقة ستوقّع في الثلاثين من تشرين الثاني، يوم الاحتفال بعيد القديس أندراوس، شقيق القديس بطرس و الموجودة رفاته في كنيسة القسطنطينية، في دلالة رمزية عميقة: إذ يزور خليفة القديس بطرس السابع والستون بعد المئتين "شقيقه" اندراوس في بيته الروحي. دعاؤنا أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز الأخوّة بين المسيحيين في تركيا وفي العالم، وأن تكون خطوة جديدة على طريق الوحدة والسلام. ولنا حديث آخر عن الزيارة الى لبنان الشقيق.