الراي
قضي الأمر بعد أن هاجمت طائرات أميركي من طراز " بي 2" أو ما توصف بالشبح، ثلاثة مواقع نووية ايرانية في فوردو ونطز وأصفهان ودمرتها بالكامل، كما أعلن الرئيس الأميركي ترامب.
ولا أفهم لماذا اصرار ايران على بناء مفاعلات نووية، والتمسك بعملية تخصيب اليورانيوم، وهي عملية كلفتها عشرات مليارات الدولارات، كانت كفيلة بحل مشكلات ايران الاقتصادية وتقليل نسبة الفقر! أنا لا أفسر ذلك غير أنها تسعى لانتاج سلاح نووي، أما فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي بتحريم السلاح النووي فهي أقرب الى النكتة!
واذا سلمنا بأحقية أي دولة باستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، فان مشكلة النظام الايراني الذي تولى الحكم بعد ثورة الخميني عام 1979، أنه ليس جديرا بالثقة من قبل الدول المجاورة أولا وبالنسبة لغالبية دول العالم ثانيا، حيث عمل على تصدير الفوضى وعدم الاستقرار خاصة في المشرق العربي، وكان أهم منتجاته في هذا الصدد انتاج الميليشيات الطائفية وتسليحها وتدريبها وتمويلها، وزرعها في العديد من دول المشرق العربي، وبدأ بتأسيس حزب الله في لبنان عام 1982 الذي أصبح قوة تفوق قوة الدولة !
والمفارقة أن نفوذ نظام الملالي زاد بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003، وكانت أكبر جرائمه تدخله السافر في سوريا، والمساهمة من خلال مشاركة الحرس الثوري الايراني وحزب الله، وعشرات الميليشيات الطائفية التي استأجرها ونشرها في سوريا، بقتل نحو مليون سوري وتشريد ما يقارب 12 مليون آخرين!.
لا أحد ينكر أهمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، سواء في الطب والصيدلة مثل تحديد سرطان البروستات وعلاجه، وسرطان القولون والأمعاء الصغيرة وبعض حالات سرطان الصدر، وكذلك تحديد الغدد السرطانية ودراسة غدد المخّ والصدر والأعراض الوريديّة، وتصوير أمراض القلب وغير ذلك مثل تحديد فقر الدم، وفي هذا الصدد لا يمكن حصر تشخيص ومعالجة هذه الأمراض باستخدام الطاقة النووية فقط.
وبالنسبة للأمراض الخطيرة مثل السرطان يوجد في الاردن مركز الحسين للسرطان، وهو من أهم المراكز في المنطقة لمعالجة السرطان. ويمكن أن تقيم ايران مثله وهي تمتلك اموالا هائلة، دون تجاهل أن علوم الطب تقدمت كثيرا، وهناك دول كثيرة تتميز بأساليب الطب المتقدمة دون استخدام الطاقة النووية!
واذا كان الهدف من النووي إنتاج الطاقة الكهربائية فهي بلد مساحته هائلة تقارب مليون و600 ألف كيلومتر مربع، وبامكانها توليد الكهرباء من طاقة الشمس والرياح، وهكذا يمكن الاشارة الى بدائل للاستخدامات الأخرى للطاقة النووية مثل الزراعة وغيرها.
اما اذا كان هدفها إنتاج سلاح نووي هنا تكمن الكارثة، فهي لا يمكن أن تستخدمه ضد الكيان الصهيوني الذي سبقها بامتلاك السلاح النووي منذ ستينات القرن الماضي، وعليه فان غرضها يصبح ترهيب العرب واخضاعهم!
ولا بد من الاشارة الى الأخطار الكبيرة التي يمكن أن تحدث، جراء استخدام الطاقة النووية على الانسان والبيئة، نتيجة إنتاج النفايات ذات الفعالية الإشعاعية العالية، التي لا تتضمن خطط التخلص منها حماية كافية للأفراد والمياه الجوفية من إشعاعاتها الخطيرة، كما يسبب الماء المستخدم في المفاعلات النووية في مشكلات تهدد سلامة البيئة.
ذلك أن المفاعلات النووية تتعرض لحوادث أو كوارث طبيعية، يترتب عليها تعرض مئات الآلاف من البشر للإشعاعات المتسربة، وإصابتهم بالأورام الخبيثة المميتة، مثلما حدث في كارثتي تشرنوبل الأوكرانية وفوكوشيما اليابانية.
واذا تعلق الأمر بمعدلات التنمية والتقدم العلمي والصناعي،يمكن الاستشهاد بتجربة سنغافورة وما يميزها أنها تضم خليطا من المهاجرين، يبلغ عددهم خمسة ملايين من الصينيين والملاويين والهنود وآسيويين والقوقازيين من ثقافات مختلفة، وهي تساوي حارة صغيرة في العاصمة الايرانية طهران، حيث تبلغ مساحتها حوالي 720 كيلومتر مربع.
وتصنف بأنها انظف دولة في العالم وأهم صناعاتها " الإلكترونيات، المواد الكيميائية، الخدمات المالية، معدات حفر آبار النفط، الصناعات النفطية، المنتجات الطبية، الأدوات العلمية، تجهيزات الاتصالات ".
وتعتبر رابع أهم مركز مالي في العالم، وحسب أرقام البنك الدولي يقدر الدخل القومي الإجمالي لسنغافورة لعام 2023: 702.8 مليار دولار، والناتج المحلي الإجمالي لكل فرد: 84,734.26 دولار.