عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Jul-2025

ترامب يريد جني المال من "الناتو" لا حماية أوكرانيا

 الغد

سام كيلي* - (الإندبندنت) 2025/7/17
وافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على صفقة ضخمة لبيع أسلحة لحلف "الناتو" تُرسل لاحقاً إلى أوكرانيا، في تحول تكتيكي، ولكن من دون أن يتخلى عن إصراره على أن المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا ستبقى ضمن نفوذ موسكو ورفضه ضمان أمن كييف أو انضمامها إلى الحلف. وتمنح هذه الصفقة أوكرانيا دفعة تسليحية تشمل صواريخ بعيدة المدى وأنظمة "باتريوت"، لكنها قد تكون مؤقتة في ظل استعداد ترامب للتراجع إذا أبدى بوتين مرونة تفاوضية.
 
 
 
لم ينقلب دونالد ترامب على فلاديمير بوتين، بل أعلن فعلياً عن يوم كبير مقبل لصناعة السلاح الأميركية، من خلال موجة مبيعات ضخمة إلى "حلف شمال الأطلسي" - "الناتو" تتضمن شراء الحلف كميات كبيرة من الأسلحة ليتم إرسالها لاحقاً إلى أوكرانيا.
بحضور الأمين العام لـ"الناتو" إلى جانبه في المكتب البيضاوي، حذر الرئيس الأميركي من أن روسيا ستواجه "رسوماً جمركية بنسبة 100 في المائة" إذا لم توافق على وقف لإطلاق النار مع كييف في غضون 50 يوماً.
ثم وجه ترامب انتقادات متكررة لبوتين لأن أسلوبه الودي في المحادثات الهاتفية كان يعقبه على الدوام تجديد الهجمات الصاروخية الروسية على أوكرانيا. وقال عن الرئيس الروسي: "لن أصفه بالقاتل، لكني سأصفه بأنه رجل شديد القسوة".
أما ما كان ترامب قد وصفه في الأيام السابقة بـ"البيان الكبير" عن بوتين، فقد تبين في نهاية المطاف أنه اتفاق على صفقة وصفها هو والأمين العام لـ"الناتو"، مارك روته، بأنها "ضخمة جداً"، وتتعلق ببيع أسلحة أميركية لـ"الناتو"، يمكن إرسالها لاحقاً إلى أوكرانيا -من دون الكشف عن أي تفاصيل حول محتواها.
وقال الرئيس الأميركي: "توصلنا اليوم إلى صفقة سنرسل بموجبها الأسلحة إليهم، وهم [الناتو] من سيدفع ثمنها. الولايات المتحدة لن تشتري شيئاً. لسنا من يدفع، بل نحن من يتولى التصنيع".
ولم تكن هذه أول صفقة يبرمها ترامب في سياق الحرب، إذ سبق له أن توصل إلى اتفاق مباشر مع أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام لتبادل عائدات المعادن مقابل مبيعات سلاح، على الرغم من أن أي عمليات شراء لم يتم تسجيلها حتى الآن بموجب هذه الآلية.
بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كانت تلك الأنباء ذات أهمية خاصة، حيث يسعى منذ شباط (فبراير) إلى إيجاد سبل لشراء الأسلحة الأميركية، سواء بشكل مباشر أو من خلال حلفاء، مثل المملكة المتحدة ودول أخرى في "الناتو".
وعلى الرغم من أن "الناتو" لا يخضع عادة لقيود في ما يتعلق بشراء الأسلحة من أعضائه، فإن واشنطن تفرض بعض الشروط على إمكانية بيع هذه الأسلحة أو منحها لدول أخرى.
أما الآن، فقد أعلن ترامب أن تسليم صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، التي تحتاج إليها أوكرانيا بشدة لمواجهة الهجمات الروسية المكثفة خلال الشهر الماضي، يمكن أن يبدأ قريباً.
بالإضافة إلى ذلك، قد تشمل الحزم الجديدة من الأسلحة صواريخ بعيدة المدى قادرة على تنفيذ ضربات عميقة داخل الأراضي الروسية - وهو ما قد يترك أثراً تكتيكياً، بل وربما استراتيجياً.
وقد أظهرت أوكرانيا، في الآونة الأخيرة، قدرتها، عبر التخفي والدهاء، على استخدام عملاء استخبارات وطائرات مسيّرة لتحقيق تأثير مدمر على امتداد آلاف الأميال من الأراضي الروسية. ومع ذلك، فإن الحصول على مزيد من صواريخ كروز بعيدة المدى، مثل "ستورم شادو" التي تقدمها حالياً بريطانيا وفرنسا، سيكون موضع ترحيب كبيرا.
لكن على كييف أن تدرك أنه لا ضمان على الإطلاق بأن ترامب لن يُغلق باب الدعم العسكري لأوكرانيا في حال أبدى بوتين استعداده للدخول في محادثات لوقف إطلاق النار. فقد سبق له أن فعل ذلك في وقت سابق من هذا العام -وقام حينها أيضاً بتعطيل قنوات الإمداد الاستخباراتي التي تصل أوكرانيا عبر مصادر أميركية.
من جانبه، كان روته حريصاً على تأكيد أن الفضل الكامل في هذا التحول -من دعم كل موقف يتخذه بوتين إلى تقديم بعض الدعم لحلف "الناتو"- يعود إلى ترامب.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي: "القرار هو أنك تريد لأوكرانيا أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها في مواجهة روسيا. لكنك تريد من الأوروبيين أن يدفعوا الثمن، وهذا منطقي تماماً. إنه يمثّل امتداداً للنجاح اللافت الذي سجلته قمة الناتو".
من ناحيته، أعرب ترامب عن أمله في أن تترك صفقة السلاح مع "الناتو" أثراً لدى الطرفين، وأقرّ بأن إمدادات الأسلحة الجديدة من الولايات المتحدة قد تمنح أوكرانيا جرعة من الثقة.
لكن العبارة الأساسية في أداء ترامب المتذبذب يوم الإثنين من المكتب البيضاوي كانت: "لدينا معايير معينة يعرفها الطرفان، ونحن نعلم بالفعل ما الذي ينبغي فعله".
كان ما يقصده ترامب هو شيء لا ينفك يكرره، مفاده بأن أوكرانيا عليها أن تتقبل أنها خسرت المناطق التي تحتلها القوات الروسية (وتشكل نحو 20 في المائة من أراضيها، بما في ذلك القرم)، وأن الولايات المتحدة لن تضمن أمن أوكرانيا مستقبلاً، وأن على كييف التخلي نهائياً عن حلم الانضمام إلى حلف "الناتو".
ولا شك في أن هذه المواقف التي أعلن عنها ترامب في مستهل ولايته الرئاسية الثانية، قد شكلت صدمة في كييف، وكذلك لدى حلفاء الولايات المتحدة حول العالم.
وبذلك، فإن موافقة ترامب على بيع السلاح والذخيرة لأوكرانيا تمثل تحولاً طفيفاً نابعاً من انزعاج شخصي، لا من حسابات استراتيجية. وما سيحصل هو أن أوكرانيا وحلفاءها سيبادرون إلى استخدام تلك الأسلحة على جناح السرعة تحسباً لاحتمال أن يعود ترامب مجدداً إلى التقارب مع بوتين -وهو ما ينبغي لهم أن يتوقعوه.
 
*سام كيلي: كاتب وصحفي بريطاني ومحرر للشؤون الدولية في صحيفة "الإندبندنت". يتمتع بخبرة واسعة في تغطية الصراعات السياسية والقضايا الجيوسياسية حول العالم. اشتهر بتحقيقاته وتحليلاته العميقة التي تتناول العلاقات الدولية، خاصة في مناطق النزاع مثل الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية.