عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jul-2025

هل يظهر تنظيم "داعش" من جديد في سورية؟

  الغد

الدوحة- بعد التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق يوم 22 حزيران (يونيو) الماضي وراح ضحيته أكثر من 25 مواطنا سوريًا مسيحيا كشفت وزارة الداخلية السورية عن إلقاء القبض على خلية تتبع لتنظيم "داعش" متورطة في الهجوم يرأسها عبد الإله الجميلي الذي ينحدر من منطقة الحجر الأسود بريف دمشق، ويعرف بأنه والي الصحراء لدى التنظيم.
 
 
وأعلنت الوزارة خلال مؤتمر صحفي أن الخلية كانت تخطط لهجوم ثان يستهدف مقام السيدة زينب في ريف دمشق، لكن تم إلقاء القبض على الانتحاري قبل التنفيذ، مما أعطى انطباعا بأن تنظيم الدولة لديه توجه لتنفيذ المزيد من العمليات في سورية خلال الفترة المقبلة، وبالتالي قد لا يقتصر الأمر على تفجير الكنيسة، خاصة أنه سبقه هجوم على قوات حكومية في محافظتي حمص والسويداء.
 
انتقال التنظيم
وأفادت مصادر أمنية سورية بأن خلايا تنظيم "داعش" اتخذت منذ مطلع العام الحالي قرارا بالانتقال من البادية السورية والانتشار في عموما المحافظات، خاصة في أرياف دير الزور وحمص وحلب ودمشق، لأنها وجدت في الفراغ الأمني الذي تعمل الحكومة السورية الحالية على ملئه فرصة من أجل تحسين وضعها في سورية.
ويتيح هذا الانتشار في المدن لخلايا التنظيم ميزات عديدة، أهمها الابتعاد عن نطاق عمليات التحالف الدولي التي تركز بشكل رئيسي على البادية السورية، حيث يدعم الفرقة 80 في الجيش السوري التي تقوم بعمليات تمشيط مستمرة.
إضافة إلى أن الاقتراب أكثر من المناطق المأهولة يتيح عمليات الحشد والتعبئة، خاصة في ظل وجود شرائح شبابية باتت تعبر عن سخطها تجاه الحكومة السورية بسبب ما تصفه بالتساهل في ملاحقة فلول النظام السابق، وقد خرجت في حزيران (يونيو) الماضي مظاهرات عدة في مدينة حماة تعبر عن غضبها من نهج الحكومة.
نشاط التنظيم ينطلق من سجون قسد
تضمّن إعلان وزارة الداخلية السورية القبض على الخلية التي نفذت تفجير مار إلياس تأكيدا بأن الخلية قدمت من مخيم الهول في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، والذي يضم المئات من عناصر انتسبوا سابقا إلى تنظيم "داعش" مع عوائلهم.
ويخضع مخيم الهول لسيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) التي تصر حتى اللحظة على الاحتفاظ بالسيطرة عليه رغم إبرام اتفاق أولي مع الحكومة السورية مطلع حزيران (يونيو) 2025 بإشراف من قوات التحالف الدولي، ويتضمن نقل السيطرة على المخيم إلى الحكومة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقبض فيها قوى الأمن السوري على خلايا لتنظيم "داعش" قادمة من شمال شرق سورية، فقد أشارت تسريبات صادرة عن وزارة الداخلية السورية إلى أن الخلية التي تم إلقاء القبض عليها في مدينة حلب في أيار  (مايو) الفائت أيضا قدمت من مناطق شمال شرق سورية.
ومنذ آذار (مارس) الماضي تشهد الحدود العراقية السورية استنفارا أمنيا نظرا للقلق العراقي من تسلل عناصر لتنظيم "داعش" الدولة من مناطق شمال شرق سورية مستفيدين من الفراغ الأمني.
ويبدو أن هذا ما يدفع الحكومة العراقية إلى الحرص على تطوير التنسيق الأمني مع دمشق، لذا أرسلت بغداد خلال الفترة الماضية شخصيات عدة إلى سورية، أولها رئيس المخابرات حميد الشطري، ثم عزت الشابندر الذي تم تعيينه مبعوثا إلى سورية.
وبعيد سقوط بشار الأسد وتوالي التسريبات عن رغبة إدارة ترامب الأميركية بالانسحاب من سورية حذرت "قسد" على لسان قائدها مظلوم عبدي بشكل صريح من عودة تنظيم "داعش"، وهذا ما دفع ربما التحالف الدولي إلى رعاية تفاهم لنقل سيطرة السجون التي يُحتجز فيها عناصر سابقون من تنظيم الدولة إلى الحكومة السورية.
وكشفت مقابلات أجراها باحثون مع عناصر من تنظيم "داعش" كانوا موقوفين سابقا في سجون قسد عن وجود تنسيق بين من هم داخل السجون وخارجها من الخلايا، حيث استعرض الباحث صبحي فرنجية نتائج هذه المقابلات في تحقيق نشره ضمن صحيفة المجلة التي أشارت إلى استغلال عناصر التنظيم فترة استقرارهم الطويلة في السجون الخاضعة لقسد لإجراء مراجعات على طريقة عملهم السابقة والتخطيط للمستقبل.
كما أفادت المقابلات بأن هدف تنظيم الدولة القادم هو الدولة السورية، لذا سيعمل على استقطاب العناصر المستاءة من انفتاح الحكومة السورية على الغرب، وأنه يعكف على وضع خطط لاختراق الدولة السورية.
وتفيد بعض الإحصائيات بأن "قسد" تدير قرابة 26 سجنا تحتجز فيها أكثر من 10 آلاف سجين، من بينهم جنسيات سورية وعراقية وعربية وأجنبية، ويتم احتجازهم ضمن ظروف سيئة تزيد حالة التطرف، ويتعرضون لتعذيب جسدي ونفسي.
كما أن بعض التقارير أشارت إلى وجود حالات فساد داخل السجن تتيح لعناصر التنظيم التواصل مع الخارج، إضافة إلى إمكانية تهريب بعض عناصره خارج السجون أيضا.
وبعد هجوم مار إلياس عادت الولايات المتحدة الأميركية إلى التأكيد على ضرورة أن تسيطر الحكومة السورية على مراكز احتجاز تنظيم "داعش".
توقعات لهجمات جديدة  
تتوقع العديد من المؤسسات البحثية السورية والدولية حصول هجمات جديدة بعد تفجيرات مار إلياس، وأنها لن تكون الأخيرة.
ورجحت دراسة صدرت عن مركز جسور للدراسات في أعقاب تنفيذ الهجوم على كنيسة مار إلياس حصول هجمات جديدة، واستندت الدراسة إلى ممارسات "داعش" سابقا في العراق، حيث نفذ 30 هجوما في يوم واحد عام 2012 طالت كنائس ودور عبادة.
ورأت الدراسة أن هدف التنظيم زعزعة حالة الاستقرار التي تسعى الحكومة السورية إلى إرسائها، وأنه يريد نسف كل الخطوات التي قامت بها في إطار الحفاظ على السلم الأهلي وضبط الأمن، وبالتالي دفع الفئات المجتمعية إلى الإحجام عن مشاركة السلطة في بناء الدولة بعد إفقادهم الثقة بها.
ومن الملاحظ أن التهديدات الرسمية التي صدرت ضمن صحيفة التنظيم أواخر أيار (مايو) 2025 ضد الحكومة السورية تزامنت مع انخراط سورية ضمن غرفة عمليات إقليمية، إضافة إلى التسريبات الأميركية التي تؤكد وجود تنسيق بين واشنطن والحكومة السورية لمنع التنظيم، مما قد يفسر زيادة حنق تنظيم "داعش" على الحكومة ورغبته بضرب جهودها ومنعها من استكمال جهود تشكيل المؤسسات الأمنية التي ستستهدف منع عودة التنظيم.
حذرت مجموعة سايت إنتليجنس المتخصصة في الشؤون الأمنية ومراقبة نشاط المتطرفين من خطر قراءة تراجع نشاط تنظيم "داعش" في سورية على أنه علامة ضعف، بل رجحت أنه دخل في مرحلة إعادة صياغة الإستراتيجية.-(وكالات)